في مثل هذا اليوم منذ 175 عاما، وبالضبط في 14 غشت 1844، خاض المغاربة واحدة من أبرز المعارك التي حددت مستقبلهم الحديث، ويتعلق الأمر بمعركة إيسلي ضد الفرنسيين. معركة إيسلي، وإن كانت من المعارك التي خسرها الجيش المغربي وكشفت ضعفه في فترة حرجة من الامتداد الإمبريالي في العالم، إلا أنها تبقى من الأمثلة المشرقة التي تُظهر التضامن والتآزر المغربي مع الأشقاء الجزائريين. أسباب هذه المعركة تعود بالأساس إلى الدعم المغربي الذي كان يقدمه السلطان المولى عبد الرحمن للمقاومة الجزائرية، التي كانت تسعى للانعتاق من الاستعمار الفرنسي الذي بدأ يستشري في البلاد منذ سنة 1830، وكان بطل المقاومة الجزائرية أنذاك، الأمير عبد القادر. المغرب فتح أبوابه للأمير عبد القادر، وسمح له بالتزود بالمؤونة والسلاح وساعده في تنظيم صفوف جيشه الذي كان يكبد خسائر مهمة في صفوف الفرنسيين، فتحركت فرنسا للقضاء عليه بترسانتها العسكرية الحديثة. أمام ضغط الفرنسيين، لم يجد الأمير عبد القادر غير المغرب كوجهة للاحتماء بها، ففرض بهذا القرار على المغرب الدخول في مواجهة مباشرة مع فرنسا، فحدثت معركة إيسلي بين جيش مغربي تقليدي يسعى للدفاع عن حدوده وإبعاد الفرنسيين عن الأمير عبد القادر، وبين جيش فرنسي حديث يسعى للقضاء على الأمير عبد القادر والانتقام من المغرب. وقعت المعركة في منطقة إيسلي بضواحي مدينة وجدة في 14 غشت 1844، وكانت نتيجتها على الأرض لصالح الفرنسيين، وعلى الأوراق استفاد الفرنسيون أكثر بعدما فرضوا على المغرب عقوبات قاسية تتمثل في اقتطاعات من ترابه، وتعويضات مالية، والأدهى من ذلك، إجبار المغرب على وقف دعمه للجزائريين. كان لهذه المعركة تأثيرات سلبية كثيرة دفع المغرب ضريبتها فيما بعد وصلت إلى حد السقوط في يد الإمبريالية الفرنسية، إلا أنها بالرغم من كل ذلك، تبقى من الأمثلة البارزة على إيمان المغاربة بوحدة المصير مع أشقائهم في الجزائر.