1. الرئيسية 2. المغرب الدخول السياسي الجديد.. الأمن المائي والغذائي أول اختبار على طاولة الحكومة، ومطالب برلمانية بإعادة النظر في أولوياتها الصحيفة - خولة اجعيفري الأثنين 28 غشت 2023 - 15:34 يتمركز تحقيق الأمن المائي والغذائي، في مقدمة التحديات الاستعجالية التي تجابهها الحكومة بقيادة عزيز أخنوش تزامنا مع الدخول السياسي المقبل الذي يستوجب مزيدا من "الجدّية واليقظة"، كما دعا إلى ذلك الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة عيد العرش، بنبرة حازمة وصارمة، أكد من خلالها أنه "لا تساهل مع أي شكل من أشكال سوء الحكامة والتدبير، والاستعمال الفوضوي واللامسؤول للماء". وطيلة السنوات الأخيرة، بدا الجالس على العرش، واضحا ومصّرا في توجيهاته الصارمة للحكومة من أجل التعامل باستباقية مع التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم منذ مطلع الألفية الثالثة، خصوصا تلك المرتبطة منها بالتحولات الجيوسياسية والعسكرية، والصحية والمناخية، التي جعلت حكومات الدول ومن بينها المملكة في مواجهة تحدي الحفاظ على أمنها المائي والغذائي، إذ أنه الضامن الأساس لأمنها القومي، خصوصا في عالم رأسمالي تطغى عليه الفردانية والنزاعات والحروب. ويواجه المغرب، على غرار باقي دول شمال أفريقيا، موجة جفاف حادة و"غير مسبوقة"، خلال السنوات الأخيرة، باتت تُلقي بآثارها السلبية على المخزونات المائية للمملكة، الأمر الذي يستوجب تحركات عاجلة لإعادة النظر في مسألة السيادة الداخلية، وهو ما أكده الملك محمد السادس خلال خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة أكتوبر الماضي، عندما حثّ الحكومة على إنجاح التدابير الاستباقية في إطار مخطط مكافحة آثار الجفاف الهادف إلى توفير ماء الشرب، وتقديم المساعدة للمزارعين، والحفاظ على الماشية. وسجّلت الحكومة في غضون الأشهر الماضية من عمرها التشريعي الثاني، فشلا نوعيا في تدبير نقطة الأمن المائي والغذائي، وذلك في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية تأثرا بارتفاع أسعار المحروقات، وإصرارها من جهة أخرى على الفلاحة التصديرية والتخلي الفلاحة المعيشية رغم الإجهاد المائي الحقيقي الذي تتكبّده المملكة في ظروف مناخية غير مسبوقة لطالما كانت موضوع استنفار دولي، مكتفية بإيعاز هذا الفشل للتحولات السياسية والظروف المناخية. وأمام هذا التخبّط الحكومي، دعا الجالس على العرش شهر ماي الماضي، الحكومة، إلى تفعيل الإجراءات الاستعجالية لبرنامج مكافحة الجفاف للتخفيف من آثار نقص التساقطات المطرية، والحد من تأثير ذلك على النشاط الزراعي، وحماية الثروة المائية من تأثيرات التغييرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة التي تشهدها البلاد، مشدّدا على هامش جلسة العمل التي ترأسها وخصصت لتتبع البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027، على ضرورة عمل الحكومة على "أولا تسريع وتيرة إنجاز السدود الكبرى والصغرى والمتوسطة، وثانيا العمل على تسريع وتيرة محطات تحلية مياه البحر، لضمان تزويد المواطنين والمواطنات بالماء الصالح للشرب، وكذلك في ضمان التوفر على الماء المخصص للفلاحة. وحث العاهل المغربي الحكومة، بحضور رئيسها عزيز أخنوش وعدد من الوزراء، القطاعات والهيئات المعنية على مضاعفة اليقظة في هذا المجال الحيوي، والتحلي بالفعالية في تنفيذ المشاريع المبرمجة وفقا للجدول الزمني المحدد، قبل أن يعود في خطابه بمناسبة عيد العرش الأخير، ليُجدد دعوته لها ب "الجدية" في تدبير هذا الملف الذي بات حسّاسا بالنسبة للمغرب سيّما مع ارتفاع درجات الحرارة المفرطة وبلوغها أرقاما قياسا أثرت بشكل مباشر في مستوى حقينة السدود التي انخفضت بأكثر من سالب خمسة في المئة، في ظرف ثلاثة أشهر، أي حوالي 821 مليون متر مكعب من المياه تبخرت. ويرى النائب البرلماني، ورئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب رشيد حموني، أن الحكومة مُطالبة أكثر من أي وقت مضى على مراجعة أولوياتها وفق ظروف المرحلة، وتناسبا مع التوجيهات المتتالية لعاهل البلاد الذي ما لبث يؤكد ويحُث منذ افتتاح السنة التشريعية، على ضرورة تحقيق الامن الغذائي المائي. حموني وفي تصريح ل "الصحيفة"، أشار إلى أن الآثار التي خلفتها جائحة كورونا، إضافة إلى سنوات الجفاف التي تكابدها المملكة، بيّنت جليا كيف أن السيادة الوطنية للأمن الغذائي والمائي، باتت أولوية ملحّة تُلزم حكومات الدول بالسهر على توفير استقلاليتها، لافتا إلى أن الفريق البرلماني ل "الكتاب" كان قد تلقّف هذا الأمر كواحد من دروس الجائحة ونبّه إليه الحكومة خلال السنة التشريعية الماضية، لتعيد النظر في أولويات الحكومة. واستدرك النائب البرلماني بالقول: "نعم الحماية الاجتماعي اليوم هي أولوية الحكومة الحالية، وهذا طبيعي إنما ورش ذو أولوية، لكن في نفس الوقت بعدها مباشرة يأتي الأمن الغذائي المائي الذي يفترض أن تسهر الحكومة على ضمانه كأولوية استراتيجية أيضا من خلال إعادة النظر في الزراعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه". واستغرب النائب البرلماني، تضاعف صادرات المغرب صوب دول العالم وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، من الخضراوات والفواكه التي تستلزم كميات ضخمة من المياه على غرار الأفوكادو، الذي تضاعف صادراته أربع مرات صوب ألمانيا لوحدها في غضون سنة واحدة فقط، جابه خلالها المغرب ويلات الجفاف الحاد والإجهاد المائي الأسوأ في تاريخه. وبهذا الخصوص، قال حموني إن المغرب وبسبب هذه القرارات الحكومية، بات "يُصدّر الماء أكثر من الخضر والفواكه، لينضاف هذا الوضع غير المرغوب فيه إلى عوامل الجفاف والاجهاد المائي، وبالتالي أصبحنا أمام معضلة حقيقية أخرى تتمثل أساسا في توفير الماء الصالح للشرب للمواطنين". ورفض النائب البرلماني، تحميل الحكومة الحالية مسؤولية عواقب هذا الإجهاد المائي للحكومة السابقة بقيادة العدالة والتنمية، مشدّدا على أنها ليست من مخلفات الماضي لاعتبارات عدّة على رأسها أن ضمان الأمن المائي والغذائي لم يكن على رأس أولويات حكومتي الاسلاميين خلال المرحلة السابقة، ولم يُدرج من أصله، مضيفا: " هذه مجرد محاولة للتبرير، فهذه المسألة لم تكن أولوية كانت الدراسات موجودة وطرح مشكل التكوين والمعيقات المادية". أما اليوم، فقد تغيّر الوضع وفق النائب البرلماني وهو يشرح ل "الصحيفة" المفارقة الكبيرة بين تدبير المرحلة بين حكومتي الأمس واليوم، مشيرا إلى أن الميزانية التي كانت مخصّصة لوزارة الماء والبيئة "لم تكن تتجاوز وقتها 3 ملايير سنتم في سنة واحدة، أما اليوم ووفق الظروف الحالية، وخلال الحكومة الآنية فقد تم رصد 143 مليار سنتيم في ثلاث سنوات لتحقيق ما سبق، وبالتالي حسابيا نجد أن الحكومة لديها 50 مليار في السنة لتنزيل الاستراتيجية بأريحية تامة". وبناء على ما سبق، يقول حموني، إن الامكانيات المالية، باتت متوفرة أكثر من السابق للحكومة الحالية، وبات من الضروري إنشاء السدود لتطعيم الفرشة المائية، وكذا محطات التحلية، ومباشرة المشاريع ذات الصلة في أقرب وقت. ودعا النائب البرلماني في هذا الصدد، الحكومة إلى تلافي أخطائها خصوصا في الشق المرتبط بالزراعات الفلاحية وعوض التسابق على تصدر قائمة الموردين، العمل على تحقيق اكتفاء السوق المحلية، ذلك أن "المغاربة اليوم يرغبون في أن تبقى خيرات بلادهم على أرض بلادهم" مضيفا:" يجب على الحكومة أن تمنع منعا كليا التصدير". وإلى جانب منع التصدير، يرى النائب البرلماني، أن الحكومة مطالبة أيضا، بعدم الاكتفاء بالإجراءات المعزولة جدا في ما يخص الزراعات المسموح بها وغير المستنزفة للفرشة المائية، على غرار منع البطيخ الأحمر في إقليم زاكورة، لتشمل أيضا منع زرع الأفوكادو. وبالنسبة للمضاربين، أشار المتحدث، إلى أنهم اليوم يتحايلون عن القوانين والتزاماتهم ويصدرون الطماطم والبصل رغم الظروف، ما يستلزم تدخلا حكوميا صارما في هذا الشق، على غرار إنشاء وكالة خاصة ليكون المنتج أمام أولوي السوق المحلية ثم التصدير برجة ثانية وليس العكس، وذلك على غرار دول أخرى يمنع فيها الفلاح من التصدير إلا بعد توفر المنتج في السوق الداخلية. وفضلا عمّا سبق، يرى النائب البرلماني، أن السدود التي كانت مبرمجة في السابق وجب إعادة إحيائها بعد توفر الميزانية، وتنزيلها على أرض الواقاع وفق وتيرة كبيرة تمنع إهدار المياه في البحار هباء ونحن في أمس حاجتها، يقول حموني مستدركا: "لكن على العموم، صفقات هذه السدود لم تنشر بعد وبالتالي يوجد تأخر". وتابع بالقول: "يجب تسريع وتيرة إنجاز السدود من أجل توفير الماء للمواشي وإنعاش الفرشة المائية التي وقع استنزافها بشكل مفرط، ويجب على الحكومة إعادة النظر في أولوياتها، فاليوم تغيرت الظروف والتحديات المستعجلة اليوم لم تكن مطروحة في بداية الولاية التشريعية للحكومة".