فاجأ عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وأيضا الرجل الذي يصنف سنويا في صدارة أثراء المغرب، الرأي العام بدعوته مؤخرا عبر حوار نشرته صحيفة "لوبينيون" الفرنسية، إلى "توزيع عادل للثروة"، الأمر الذي استقبله فاعلون سياسيون بمزيج من الاستغراب والسخرية، كونه "صادرا عن شخص هو أحد أكبر المتهمين بعرقلة تطبيق هذا المطلب". البراهمة: أخنوش من أثرياء العالم واعتبر مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديموقراطي أن تصريحات أخنوش "هي في الأصل خطاب للدولة التي اعترفت بفشل نموذجها التنموي، وباتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء"، معتبرا، في تصريح ل"الصحيفة" أن الأمر يعد اعترافا جديدا بالأزمة الاقتصادية والاجتماعية الراهنة. وحسب البراهمة، فإن الإعلان عن "النموذج التنموي الجديد، وإنشاء لجنة استشارية جديدة حول ذلك، يلخص هذا الفشل"، وهو الأمر الذي لم يعد خافيا على أحد وفق القيادي اليساري، "ففي المغرب الذي تعيش فيه قلة فاحشة الثراء، بل ويصنفون من أغنياء العالم، ومنهم عزيز أخنوش، لا تزال مظاهر الفقر المدقع منتشرة في كل مكان". وأورد الكاتب الوطني لحزب النهج أن المغرب يضم 12 مليون مواطن فقير، و47 في المائة من المغاربة يوجدون على عتبة الفقر، ولديه اقتصاد تبعي هش ونسبة النمو فيه لا تتجاوز 3 في المائة، بالإضافة إلى غرقه في المديونية التي صارت تناهز الناتج الداخلي الخام"، خالصا إلى أن الدولة حاليا اقتنعت بفشلها، وتصريحات أخنوش "ليس سوى اعتراف بذلك". خيي: إن كان مستعدا لتقاسم ثروته فيدنا ممدودة ! أما البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، محمد خيي، فعجل بوضع دعوة أخنوش على محك الاختبار بسرعة، قائلا في تصريح ل"الصحيفة": "لو كان مستعدا لتقاسم ثروته فليبدأ من الآن وها هي يدنا ممدودة"، مذكرا بأن وزير الفلاحة والصيد البحري هو "واحد من أثرياء المملكة ومجلة "فوربيس" تقدر ثروته بملايير الدولارات". واعتبر خيي أن "أخنوش إما أنه لم يكن في وعيه حين خرج بتلك التصريحات، أو أنه كان ضحية خرجة سياسية فاشلة أوصاه بها خبراء التواصل الذين يحيطون به"، مضيفا أن الرجل يحاول أن يصبح "سياسيا ناجحا رغم عدم امتلاكه مقومات ذلك، وهي المقومات التي لا يمكن اكتسابها عن طريق دفع الأموال الطائلة لخبراء التسويق". وتابع البرلماني عن حزب المصباح أن "أخنوش رجل أعمال وواحد ممن راكموا ثروات طائلة خلال السنوات الماضية، لذلك فإن دعوته لتقاسم الثروة أمر مثير للسخرية، ولا يعدو كونه محاولة جديدة وغير ناجحة لكسب نقاط في معترك السياسة الذي فشل فيه". العسري: أخنوش يزاوج بين المال والسلطة لكن فاعلين سياسيين آخرين نظروا إلى دعوة أخنوش من زاوية أخرى، ومنهم جمال العسري، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، الذي وصف الأمر بأنه "ليس سوى ضحك على الذقون، فصدور مثل هذه الدعوات عن شخص مثل أخنوش تحديدا يدخل في باب الكوميديا السوداء"، على حد وصفه. واعتبر العسري، في حديث مع "الصحيفة"، أن تصريحات الوزير الأكثر نفوذا في الحكومة المغربية تمثل "نهجا معروفا عند مجموعة من السياسيين من خدام المخزن، وذلك عبر ترديد خطاب ذي مصداقية من أجل تمييعه وإفقاده مصداقيته وتحويله إلى كلام تافه". واعتبر القيادي في "الاشتراكي الموحد" أن "التوزيع العادل للثروة، الذي رفعته الحركة الوطنية منذ الاستقلال، ليس شعارا فارغا، لكنه مبدأ تسبقه مجموعة من الخطوات العملية أولها ربط المسؤولية بالمحاسبة، وثانيها سؤال من أين لك هذا، وهو السؤال الذي وجب طرحه على أخنوش نفسه"، وفق المتحدث. وأشار العسري إلى أن "أخنوش والعشرات مثله يزدادون غنى، فيما الشعب يزداد فقرا"، متسائلا عن مصدر "الملايير التي يجنيها الثري المغربي سنويا" وعن "الأشخاص الذين صاروا بين عشية وضحاها من أغنى الأغنياء"، وهو الأمر الذي لا يفسر، بحسبه، "إلا بتورطهم في اقتصاد الريع". وخلص المتحدث إلى أن شعار التوزيع العادل للثروة يتطلب من أخنوش "التخلي عن الاستفادات الاقتصادية الريعية التي تغرق فيها شركاته، وإلى فك الزواج بين المال والسلطة"، معتبرا أنه "من غير المعقول أن يكون من أغناء المغرب وفي نفس الوقت وزيرا بصلاحيات واسعة، لأن ذلك يعني تضاربا بين مصالحه الاقتصادية ومصالح المواطنين".