تنتشر في السوق الأسبوعي بزايو و عدد من الجماعات الاخرى ضواحي الناظور، والذي يقام كل يوم خميس، مطاعم شعبية متنقلة، يعرض أصحابها وجبة المشوي؛ نشاط يحقق الكثير من الرضى للمواطنين، الذين يقبلون بنهم كبير على أطباق اللخم المشوي، في طقس يمزج بين الثقافي والغذائي، وتنخرط فيه مختلف شرائح المجتمع. نشاط تجاري قيمة رأسماله لا تتعدى "خيمة بدوية"، لكنه يحقق توليفة خاصة للساكنة مع اللحم المشوي. ارتبط المشوي، في البداية، باستهلاك نخبوي، حيث جرت عادة البعض، خلال أيام الأسواق الأسبوعية، أن يشعل فحم الشواء في المجمر، لكن بين أهله وفي بيته، قبل أن ينتقل الطقس الغذائي إلى السوق، ويتحول إلى ما يشبه ضرورة لا تكتمل المتعة إلا بها؛ تماما كما هو الشأن بالنسبة لطقس الشاي في منطقة الغرب، وطقس "الطاجين" في منطقة الأطلس المتوسط. وقفنا عند صاحب خيمة لتقديم المشوي داخل السوق الأسبوعي بزايو، والذي استمر في مزاولة نشاطه لثلاثين سنة، كسب خلالها ثقة الزبائن، ورضا متذوقي أطباقه. يؤكد صاحب الخيمة أن رأسماله هو الجودة والثقة، وهذا ما يزكيه ابنه المتزوج، والذي يرافقه في عمله منذ سنة 2019، حيث يشتغلان أربعة أيام في الأسبوع تتوزع على أربعة أسواق أسبوعية، بينها سوق الخميس . قبل الوصول إلى السوق، الواقع بمدخل المدينة شرقا، تلوح من بعيد أعمدة دخان منبعثة من "الرحبة"، إنه مؤشر على وفرة المشوي في السوق، وإقبال المتسوقين عليه بنهم كبير. أول ما يلفت انتباه الزائر للسوق الأسبوعي، اصطفاف خيام بدوية، يسميها العوام "قيطون"، تنصب بجوار سور السوق، وتهيئ تحتها مقاعد خشبية للجلوس، فيما يشعل الفحم في مجامير كبيرة، إيذانا بانطلاق مسلسل "الشواء"، الذي يبدأ من الصباح ويستمر لما بعد الظهيرة. في السوق تعكس طقوس الغذاء، وخاصة الشواء، التزاما تاريخيا بتقاليد المنطقة، حيث جرت عادة الأولين أن يكون يوم السوق هو يوم حفلة، لا تكتمل إلا بالجلوس تحت الخيمة، في تقليد يجمع بين الارتباط بالجغرافيا، وبين إعادة إنتاج النمط الغذائي المتوارث، إذ لا غرابة أن تجد شخصا في قرية يتفق مع صاحبه على أن "شواء" يوم السوق على نفقته، وهذا ما يؤكد عمق الارتباط بالرأسمال اللامادي الحقيقي. إنه تراث إنساني لا ينقطع، استمر من جيل إلى جيل، محافظا على طقوسه، وعلى عاداته، يجمع بين الغني والفقير، موحدا بين مختلف قبائل النواحي.