ترغب حكومة الحكم الذاتي في مدينة مليلية المحتلة في إنشاء خط بحري بينها وبين وهرانالجزائرية لأهداف اقتصادية. وهذا المشروع الذي يوجد قيد الدرس قد يفجر العلاقات بين الرباطومدريد وقد يتسبب في أزمة حقيقية في حالة تنفيذه. في هذا الصدد ومنذ أسابيع، تتناول الصحافة الجزائرية والإسبانية رغبة حكومة الحكم الذاتي في مليلية إنشاء خط بحري بينها وبين وهران يهدف إلى تطوير العلاقات الاقتصادية بين الطرفين وتسهيل دخول السياح الجزائريين بدون تأشيرة إلى هذه المدينة. وهذا يعني تمتيع الجزائريين بنفس الامتياز الذي يتمتع به المغاربة القاطنون في إقليم الناضور المتاخم لمليلية وكذلك إقليميتطوان والفنيدق بالنسبة لمدينة سبتة. وتقع سبتة أقصى شمال المغرب ومليلية في الشمال الشرقي، وهما تحت الاستعمار الإسباني، ويقوم جزء من اقتصادهما على التهريب نحو المدن الواقعة شمال البلاد، وأغلقت الرباط الحدود البرية معهما منذ اندلاع كورونا فيروس وأنهت التهريب. وكان رئيس حكومة الحكم الذاتي في مليلية إدواردو كاسترو قد كشف مؤخرا دراسة وزارة الخارجية الإسبانية لهذا المشروع الذي يتطلب الكثير من الإجراءات ومنها كيفية التعامل مع السياح الجزائريين الذين يصلون إلى مليلية علاوة على الإجراءات الضرائبية من الجانب الجزائري. ومن ضمن التحديات هو كيفية التعامل مع الجزائريين الذين سيرفضون العودة إلى ديارهم ويرغبون في البقاء في مليلية أملا في اللجوء السياسي والانتقال الى إسبانيا وأوروبا. وتضغط الأحزاب في مليلية في اتجاه هذا الربط البحري بين مليلية ووهران لتعويض الخسائر الاقتصادية التي تعرضت لها المدينة جراء قرار المغرب إغلاق حدوده مع مليلية بسبب كورونا فيروس وقبلها إنهاء التهريب والتصدير عبر هذه المدينة. ورغم الطابع الاستعماري، كان المغرب يسمح بالتصدير عبر مليلية بموجب اتفاقية قديمة ولم يسمح بالتصدير عبر سبتة وجرى استثناؤها. ورغم عودة الحديث عن الخط البحري بين مليلية ووهران ووجود المشروع لدى وزارة الخارجية وكذلك الداخلية في إسبانيا إلا أن الانتقال إلى تطبيقه يعد مجازفة حقيقية من طرف إسبانيا بالعلاقات مع المغرب. وتفيد أوساط سياسية في العاصمة مدريد بسعي الحكومة المركزية إلى تنويع اقتصاد سبتة ومليلية، خصوصا الأخيرة، بعد قيام الرباط بإنهاء التهريب، ومشروع الربط البحري مع وهران مطروح منذ سنوات ويحضر عند كل أزمة ولكن سيكون من الصعب في الوقت الراهن إقدام مدريد على الترخيص به. وعمليا، تتميز العلاقات بين المغرب وإسبانيا في الوقت الراهن بتوتر صامت من نتائجه تأجيل القمة بين البلدين للمرة الثانية بعدما كانت مبرمجة خلال شهر ديسمبر الماضي ثم فبراير الجاري ولا تاريخ في الأفق لعقدها. ويضاف الى هذا حديث رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني عن استمرار المغرب بالمطالبة باستعادة سبتة ومليلية عندما يكون الوقت مناسبا. وكان المغرب يتوجس من مغامرة إسبانية-جزائرية بإنشاء هذا الخط البحري. وكانت الفكرة قد ظهرت سنة 2002 عندما اندلع النزاع بين مدريدوالرباط حول جزيرة ثورة الواقعة على بعد عشرات من الأمتار من الساحل الجنوبي لمضيق جبل طارق في الجهة المغربية. وكانت الجزائر وقتها قد وقفت إلى جانب إسبانيا، واعتبرت الجزيرة الصغيرة ضمن الحدود الموروثة عن الاستعمار. القدس العربي.