أكدت منظمة "ترانسبرانسي" أن المغرب يعيش حالة فساد مزمن ومعمم، حيث لم تتحرك وضعية المغرب في مجال مكافحة الفساد منذ تسع سنوات. وكشفت المنظمة في الندوة الصحفية التي عقدتها، اليوم الخميس، لعرض نتائج مؤشر إدراك الرشوة الخاص بسنة 2020 ، أن المغرب تراجع بمعدل ست مراتب في مؤشر إدراك الرشوة. وشددت المنظمة على أن المغرب لا يزال يحتل موقعا يمكن اعتباره كمنطقة فساد مزمن، وبأننا نشهد طوال السنوات الأربع الماضية نزوعا نحو تفاقم الوضع. وأبرزت المنظمة أنه ما عدا الخطاب المناهض للفساد والذي فقد المصداقية تماما، فلا وجود لإشارة إيجابية عن إرادة حقيقية لمكافحة الرشوة والفساد بشكل فعال في المغرب. ونبهت المنظمة في تقريرها السلطات العمومية وكل الفاعلين المعنيين، للأخذ بعين الاعتبار خطورة الوضعية وآثراها السلبية على الاقتصاد والمجتمع والولوج إلى الخدمات العمومية، وكذلك مدى تأثير هذا التصنيف والنقطة المحصلة عليها على صورة المغرب ومؤسساته. وأوضحت أن الدولة لا تتوفر على أي إرادة سياسية لمكافحة الفساد بجدية، مؤكدة أنه في ظل هذا الوضع فإن الوعود وآفاق الشروع في انعطافات وتغييرات ضمن إطار "النموذج التنموي جديد"، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مكافحة الفساد على محمل الجد، وأيضا القضاء على أسس اقتصاد الريع الذي ينخر الاقتصاد المغربي. ولفتت إلى أن الدول الديمقراطية ذات المؤسسات القوية التي تتميز بالجودة والفعالية هي التي تحتل مراكز متقدمة في مجال محاربة الفساد. وحذرت المنظمة من مخاطر تضارب المصالح التي تعد مسألة بديهية في الحالة المغربية، ومن تعطيل المؤسسات الدستورية مثل ما حصل مع مجلس المنافسة، الذي بمجرد ما اقترب من ملف حارق يرتبط بالمحروقات حتى تعرض لحالة "بلوكاج". كما نبهت أيضا إلى التعثر الحاصل في إخراج العديد من القوانين، على رأسها قانون الإثراء غير المشروع، وقانون التصريح بالممتلكات، مؤكدة في ذات الوقت أن هناك قوانين في المغرب غير فعالة من ضمنها القانون الحق في الحصول على المعلومة، الذي لا تطبق مقتضياته وإن كانت ضعيفة. واعتبرت المنظمة أن الناتج الداخلي المغربي ضعيف، وموارد البلاد محدودة وزادت جائحة كرونا من ضعفها، يضاف إليها ارتفاع المديونية، وهو ما يستلزم بحسبها بذل مجهود جبار في محاربة الفساد. وأكدت أن جائحة كورونا عمقت من مشكل الفساد في المغرب بالعديد من القطاعات، وعلى رأسها وزارة الصحة، ضاربة المثل بالصفقات التي أجرتها الوزارة خاصة المتعلقة بالأمصال "السيرولوجية"، وما رافقها من غموض وغياب للوضوح، إلى جانب طريقة تدبير صندوق "كوفيد" الذي لم تعرض طريقة تدبير نفقاته بشكل دقيق وأشارت "ترانسبرانسي" أنها ستصدر عما قريب دراسة خاصة حول تعامل السلطات مع جائحة كورونا، تشمل الجوانب المالية والاجتماعية. وفي توصياتها، دعت المنظمة المغرب إلى تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، واستكمال قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وعدم إفراغه من جوهره ومرتكزاته الأساسية ومن استقلالية الهيئة. ودعت إلى سن قانون متعلق بتضارب المصالح، وتنفيذه بهدف وضع حد لحالات تضارب المصالح التي يتم رصدها بشكل يومي خاصة في الصفقات العمومية. وألحت على ضرورة مراجعة قانون ضمان حماية فعالة للشهود والمبلغين عن الفساد، وتعديل القوانين المتعلقة بالتصريح بالممتلكات وتنفيذها. تجدر الإشارة أن منظمة "ترانسبرانسي" منعت من تنظيم ندوتها في أحد فنادق العاصمة، بدعوى أن لائحة الاعلاميين المدعوين لتغطيتها تتضمن صحفيين غير مسموح لهم بممارسة المهنة، وهو ما دفعها إلى نقلها إلى مقرها المركزي. وسبق للمنظمة أن اشتكت من منعها من تنظيم ورشة بتاريخ 21 يناير الجاري، كانت مخصصة لموضوع ترشيد نفقات الميزانية العامة وتدبير الشأن العام، مشيرة أنها راسلت سلطات الولاية للاستفسار عن الأسباب خاصة أنها التزمت بجميع التدابير الاحترازية، إلا أنها لم تتوصل لحد الآن بأي جواب رسمي، وهو الأمر الذي سيتكرر في الندوة التي نظمتها اليوم. وعبرت "ترانسبرانسي" عن استنكارها وقلقها الشديد من المنع الذي طال الندوتين في ظرف أسبوع واحد، متسائلة عن دواعي استمرار الشطط في استعمال السلطة، الذي يصادر حق الجمعية في الاجتماع والتنظيم، وهو ما يخالف المواثيق الدولية ذات الصلة التي صادق عليها المغرب ودستور 2011 ، وقوانين الحريات العامة ببلادنا. وعبرت المنظمة عن تضامنها مع النشطاء المتابعين بسبب فضحهم لحالات الفساد، وكذلك مع الصحفيين الذين يقومون بعمل جبار في صحافة التحقيق خاصة فيما يتعلق بالفساد، والذين يتابعون ويلقى بهم في السجون.