يشكل الدفاع عن الوجود الهوياتي و السياسي و الثقافي أحد أهم أدبيات الحركة الأمازيغية بشمال إفريقيا ، و بإعتبار القضية الفلسطينية تلتقي في بعدها الإنساني مع الخطاب الأمازيغي . فكيف ينظر الفاعل الأمازيغي إلى القضية الفلسطينية ؟ وماهي القواسم المشتركة للقضيتين الأمازيغية و الفلسطينية ؟ إن مقاومة الإحتلال و الظلم و الطغيان حق مشروع ، يؤكده الدين الإسلامي والقوانين و الأعراف الإنسانية ، و تضمنه عدالة القضية وواقعية المطالب المشروعة ، و بما أن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية لشعب يعيش تحت الإحتلال ، فإن الحركة الأمازيغية كانت دائما تتضامن مع الفلسطنيين ، و تدعو إلى حل واقعي يضمن للفلسطنيين الحق في تقرير مصيرهم السياسي ، و على هذا الأساس فالفاعل الأمازيغي ، يعتبر الصراع السياسي حول فلسطين صراعا يأخذ بعدا دوليا و بالتالي يستوجب على جميع أمم الأرض التحرك بسرعة و بجدية لتسوية هذا الصراع. الحركة الأمازيغية كانت دائما ، تنبه الحساسيات السياسية العروبية و الإسلاموية واليسارية إلى أن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية عادلة و مشروعة ، و ليست أداة لتجييش الشارع أو الإسترزاق على معاناة أطفال و نساء فلسطين أو إتخاذها ذريعة لمعاداة اليهود بالمغرب ، أو إنتاج خطاب عنصري إقصائي يستهدف بشكل أساسي الأقليات الدينية بوطننا. فالملاحظ للمسيرات التي تخرج دعما لفلسطين ترفع شعارات قومجية ، و تخرج القضية من محتواها الأساسي ، لتتحول إلى بضاعة سياسية و منتوج تجاري يخدم المصالح الإنتخابية الضيقة ، و يخدم أيضا أجندة دول معينة تعادي تطلعات شعبنا في التطور و التقدم . إن فلسطين لن تتحرر بالخطابات العنترية و لا بإستعراض العضلات في مسيرات القوى الإسلاموية و العروبية . فلسطين ستتحرر حين يدرك الفلسطنيون أنهم هم المعنيون بقضيتهم ، هم أصحاب الأرض و أصحاب الحق في تحديد سقف مطالبهم وليست الجماعات و لا الأحزاب و لا الدول التي تتجار في معاناتهم و في أحزانهم . فلسطين ستتحرر كما تحرر العالم من الإمبريالية ، حين إختار هذا العالم التحرر و إثبات الذات و الشروع في البناء ، بعيدا عن لغة الخشب و لغة العواطف. و على ضوء هذا الواقع السلبي ، ستبقى فلسطين حبيسة الهموم و الأحزان بدون أفق سياسي واضح المعالم ، و دون حل عادل يضمن قيام دولة فلسطين ، و سيزداد تجار القضية الفلسطينية الذين يتسترون في جلباب القومجية و الإسلاموية وسيغتنون على حساب جرح مازال ينزف.