[email protected] ظلت الأمازيغية على إمتداد قرون عدة، أحد أهم المرتكزات التي تأسست عليها الدول والإمبراطوريات في شمال إفريقيا بإعتبارها هوية أصلية لأرض ثامزغا. وقد شكلت بثقافتها وتاريخها وعاداتها قيم الفرادة والأصالة، ومع تغلغل الإستعمار الأوروبي بشمال إفريقيا تحالف المستعمر مع المحميين وعملاء الإستعمار على محو الهوية الوطنية الأمازيغية. وذلك عبر محو الوجود الأمازيغي فإتخذت السياسة الكلونيالية عدة أشكال لتفعيل مشروع التطهير الثقافي والحضاري للأمازيغية، فقامت بتدمير بنيات القبائل الأمازيغية عبر مصادرة أراضيها وتجويع أبنائها وقتلهم في إطار ما يعرف بحروب التهدئة. بل قد قام التحالف الإستعماري بمؤازرة المحميين وعملاء الإستعمار على إجهاض وإغتيال دولة جمهورية الريف كأول مشروع نهضوي حداثي أمازيغي بالمنطقة. وفي المقابل أحدث الإستعمار مؤسسات عدة ترمي إلى فبركة الهوية الوطنية فشجعت التعريب والفرنسة كأليات إستراتجية لخلق كيانات تبعية وضعيفة تدور في فلك الإستعمار. بحصول شعوب المنطقة على إستقلال شكلي، شجعت الدول القطرية التعريب الشامل للإنسان والمجال. وأقصيت الأمازيغية في برامج التنمية وفي السياسات العامة والحكومية، بل تمٌ إقرار قوانين عنصرية في بعض دول المنطقة. ومع بزوغ أول ربيع أمازيغي بالجزائر في أوائل الثمانينات من القرن الماضي وتنامي الوعي الحداثي والديمقراطي بالأمازيغية بكل بقاع ثمازغا، سارعت دول المنطقة إلى إتخاذ قرارات محتشمة وخجولة بغية إسكات الصوت الأمازيغي. إنطلقت الشرارة الأولى للثورات المنادية بإسقاط النظام الفاسد، بمنطقة سيدي بوزيدبتونس لتمتد إلى مصر وليبيا، ولتتخذ بالمغرب والجزائر شكلا إصلاحيا عبر حركات شعبية ترفع شعار إسقاط الفساد والإستبداد وإقرار نظام ديموقراطي. وبسقوط الأنظمة الفاسدة بكل من تونس، ومصر، وليبيا. وإعلان المخزن المغربي التنازل الجزئي عن بعض صلاحياته في دستوره المعدل، أو ما يسمى بدستور فاتح يوليوز. مع تنامي صعود الإسلاميين بالمغرب وتونسوالجزائر ومصر وليبيا، أضحت ثمازغا تعيش تحت ظروف ملتبسة وغير واضحة المعالم، بفعل المواقف الغير المنسجمة للإسلاميين. ففي ليبيا بعد الإعلان الدستوري، أعلن المجلس الوطني الإنتقالي الليبي عن تصوره لليبيا ما بعد القذافي، وما أثار إنتباهي لهذه السياسة الجديدة لحكام ليبيا الجدد، أنها تسوق لنفس السياسات القديمة المنتهجة من طرف النظام البائد فيما يخص الأمازيغية حيث لحظنا الإقصاء التام للأمازيغية، كمشروع وطني يستوجب الإقرار برسميتها في أول دستور ليبي، كما ينبغي تدريسها عموديا وأفقيا والإهتمام بالمناطق الأمازيغوفنية نتيجة لإقصائها من التنمية. وأيضا يجب إقرار نظام ديموقراطي تعددي أساسه ليبيا لجميع اللبيين. أما في تونس فالأمازيغية مقصية بشكل تام، فالإسلاميون في تونس يرفضون التشكيك في عروبة تونس ضد على حقيقة الجغرافية والتاريخ، بحيث يتجهون نحو تحالف عروبي إسلاموي مستهدفين التيار الحداثي والأمازيغي مما يدفعنا إلى التأكيد أن القضية الأمازيغية بتونس، وفي ظل هذه الظروف ستعيش تجاوزات خطيرة وستؤثر سلبا على صورة تونس المستقبلية لدى الرأي العام الدولي. أما في الجزائر فبعد الإعتراف بالأمازيغية كلغة وطنية وكهوية وطنية إلى جانب الإسلام والعربية في دستورها، فقد ظلت الجزائر جامدة في مواقفها تجاه القضية الأمازيغية مما يطرح عدة أسئلة تجاه نوايها الحقيقية مما يدفع بالفاعل الأمازيغي بالجزائر إلى الضغط على النظام نحو مزيد من الإصلاحات السياسية والدستورية التي تروم إلى ترسيم الأمازيغية وإقرار دولة الحق والقانون. في الحالة المغربية، فبعد التعديل الدستوري والإعتراف الجزئي برسمية الأمازيغية في إنتظار القانون التنظيمي لتفعيل ترسيم الأمازيغية، ظل المخزن وحكومته الإسلامية على نفس الخطابات ونفس السياسات تجاه الأمازيغية وفي غياب واضح لرؤية إستراتيجية تعكس عراقة البلاد وأهلها وتؤسس لمرحلة جديدة تنسينا معاناتنا أمام الإدارات التي تعاملنا كأجانب وتفرض علينا لغة من الصعب فك رموزها وأبجديتها. أمام هذا السيناريو القاتم للأمازيغية تبقى جميع التأويلات والتحاليل ممكنة في ظل الغموض المصطنع من طرف لوبيات تمقت الأمازيغية وتفرمل أي خطوة إلى الأمام. مما يستوجب علينا كأمازيغيين حداثيين التوحد من أجل مستقبل واضح المعالم للأمازيغية بثامزغا، عبر إحياء مؤسساتنا القومية وإحياء الشعور القومي، وتبني خيار القومية الأمازيغية كقومية تحررية موحدة، والضغط على الحكومات لإنسحابها من الجامعة العربية وإعتذارها للأمة الأمازيغية، في مقابل إعلان دول ثمازغا عن إتحاد جديد يضمن مكانتها الدولية والسيادية ويتبنى العلم الأمازيغي كرمز موحد لهذه الدول ولشعوبها، وفتح الحدود الأستعمارية وريثة الحقبة الإستعمارية، ونهج سياسة تجارية وجمركية ودفاعية مشتركة تحقق الرفاهية لشعوبنا.