نظمت جمعية الأعمال الاجتماعية للتعليم بالناظور تمثل الحلقة الثانية من حلقات “كتاب ومدرس” اجترحتها الجمعية السنة الماضية مساء يوم الجمعة:27/01/2012 .وقد دارت أشغالها حول الأعمال الإبداعية للمبدعين”عبد القهار الحجاري ” و”بديعة بنمراح”. عرفت الندوة حضورا نوعيا ومتميزا من أساتذة وطلبة ورواد هذا الفضاء الدافئ بحرارة الإبداع إلى جانب السيد النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية ورئيس المصلحة التربوية وغيرهم من اطر التعليم. استهلت الندوة بكلمة ترحيبية تقدم بها الأستاذ جمال أزراغيد منوها بالمجهود الذي تقوم به الجمعية في سبيل إبراز الطاقات الإبداعية التي تنتمي إلى حقل التعليم والاحتفاء بها في أجواء الاعتراف والتشجيع لها على مواصلة الكتابة الإبداعية لإغناء المكتبة المغربية. وأشار أن الجمعية اليوم ستحتفي بإبداع مبدعين(زوجين) يبدعان الحياة معا كما يبدعان الإبداع بأجناسه المختلفة (شعر قصة موسيقى) .ثم قدم نبذة تعريفية بالمبدعين. فالأستاذ عبد القهار الحجاري قاص وشاعر وموسيقي ، من أعماله في مجال القصة القصيرة( خنازير الظلام قهوة الروح الجديدة الأرنب وبيض الساقية)وفي مجال الشعر( أرخبيل الوجع في قلبي حب) ، وفي مجال الموسيقى ،( مدير مجلة ” نغم” مدخل إلى التربية الموسيقية أبحاث في التربية الموسيقية) أما الأستاذة بديعة بنمراح فقد أصدرت ثلاث مجموعات قصصية: ورود شائكة ليلة غاب فيها القمر حلم لا يرى النور. وفي الأخير أشار بأنه إذا كان العمل الأدبي نسيجا من العلاقات الجمالية والصور الثقافية والتبئيرات الفكرية فإنه يستدعي قراءات نقدية واعية لاستجلاء مكنوناته والكشف عن مدلهماته وعلاقاته. ولتحقيق هذا المبتغى يشارك أساتذة باحثون لهم حضورهم الفعال في الحقل النقدي : جميل حمداوي نور الدين الفيلالي امحمد أمحور . أول مداخلة كانت للأستاذ الدكتور جميل حمداوي تحت عنوان ” القصة القصيرة جدا بالجهة الشرقية” التي ذكَّر فيها بمفهوم القصة القصيرة جدا كجنس أدبي مستحدث ومواصفاتها وتاريخها الذي يمتد إلى خمسينات القرن العشرين بأمريكا ثم انتقلت إلى العراق والشام ، إلا أنها لم تنجح عربيا إلا في المغرب. فكان أول إصدار هو “الخيل والليل” لحسين زروق سنة 1996 ثم أعقبتها مضمومات قصصية أخرى. أما في الجهة الشرقية فقد صدرت 14 أضمومة قصصية ، أولها “زخة ويبتدئ الشتاء” للقاص جمال بوطيب سنة 2001. وبعد ذلك توال صدور مجموعات قصصية لكل من فاطمة بوزيان ومحمد العتروس وجمال الدين الخضيري واسماعيل عثماني ونور الدين الفيلالي وغيرهم من الأسماء.وبذلك فالجهة تمثل ثلث الإنتاج المغربي. أما فيما يخص النقد القصصي فقد رأى أن الناقد جميل حمداوي ابن الناظور نشر 8 كتب معتبرا إياه رائدا في مجال وضع نظرية جديدة للقصة القصيرة جدا عربيا ، وهذا ما يتضمنه كتابه الموسوم ب :”من أجل تقنية جديدة لنقد القصة القصيرة جدا المقاربة الميكرو سردية”. وفي الأخير حدد مجموعة من الخصائص والمواصفات التي تتصف بها القصة القصيرة جدا بالجهة الشرقية ، منها: الحجم القصير انتقاء الأوصاف الانزياح الجرأة في الطرح صورة النانطاستيك السخرية التسريع فعلية الجمل الفواصل القصيرة الاهتمام بالعتبات الخاتمة الصادمة المفارقة الميتا سردية التراثية الإضمار.. ثم أعقبتها مداخلة الأستاذ الدكتور نور الدين الفيلالي المعنونة ب:” الكتابة بضمير الأنثى: قراءة في قصص بديعة بنمراح” .ابتدأها بالحديث عن طبيعة علاقة القاصة بالقصة، وبعدئذ فكك معجميا ودلاليا عناوين المجموعات القصصية الثلاثة (ورود شائكة ليلة غاب فيه القمر حلم لا يرى النور). ثم عرج على مميزاتها التي منها : كثرة الشخصيات النسائية وهيمنتها (39 اسم أنثوي مقابل 23 اسم ذكوري)، وعنونة القصص بأسماء نسائية وما يرتبط بها إلا أن هناك أسماء ثلاثة تتكرر بقوة على امتداد المجموعات (رجاء أمل أحلام) تختلف من حيث الدلالة: رجاء: حلم لا يتحقق في الغالب أمل: أمل يتحقق بصعوبة أحلام: فعل يتحقق بعد فوات الأوان. ثم توقف عند أهم التيمات التي تؤطر هذه المجموعات والمتمثلة في التضحية عند المرأة والرجل المفقود وغياب الأب.. أما المداخلة الأخيرة المعنونة ب :” شعرية اللغة في ديوان “أرخبيل الوجع” لعبد القهار الحجاري”،فقد اعتبر تجربة الشاعر تجربة شعرية حافلة بالعطاء والتألق تسعف على ارتياد عوالم دلالية لا حصر لها.إذ يتمتع برؤيا شعرية تحاور بعمق ورصانة اللغة المجازية وما تستضمره من دلالات. ولذا فلغته نابعة من الذات لتعيد تشكيل فضاءات الوطن الحبيب . وتوقف عند مجموعة من النصوص للاستدلال بها وخلص إلى أن شعرية اللغة عنده سفر دائم بين متاهات اللغة ومخاض المجاز. وحينئذ أعطيت الكلمة للمبدعين اللذين شكرا الجمعية والمشاركين في الندوة على هذا التكريم والاحتفاء بعطائهما الإبداعي معتبرين ذلك تشجيعا لهما على مواصلة الطريق. وفي الأخير، بعد أن وقعا بعض أعمالهما الإبداعية منحت لهما ولكل لمشاركين شواهد تقديرية على ما بذلوه من جهد في هذا النشاط الذي ينضاف علامة إيجابية دالة إلى سجل الجمعية.