طفت على السطح مؤخرا أحداث زاكورة الاحتجاجية بسبب ندرة المياه، والتي أدت إلى الخروج في مظاهرات تطالب بإيجاد حل لهذه الأزمة المستفحلة، خاصة مع تراجع معدلات التساقطات المطرية والاستنزاف المتزايد للمياه الجوفية. أزمة الماء بزاكورة خلفت تخوفا بعموم التراب الوطني في ظل ورود معطيات رسمية تتحدث عن أن بلادنا تمتلك ما بين 23 مليار متر مكعب سنويا ويبلغ العجز السنوي في المياه نحو مليار متر مكعب، ناهيك عن أن المغرب يندرج ضمن لائحة البلدان التي تعاني نقصا في المياه. زايو ونواحيها واحدة من المناطق التي يزداد التخوف بها، خاصة أن ما ينطبق على زاكورة يتجسد بشكل شبه متطابق على زايو، فإذا كان الجفاف والحفر العشوائي للآبار سببين رئيسيين للأزمة بالأولى فإن هاذين السببين ينطبقان على الثانية. فلاحو سهل صبرة بزايو لجأوا مؤخرا إلى غرس البطيخ الأحمر "الدلاح" بشكل واسع، علما أن هذه الفاكهة شكلت أحد أهم أسباب استنزاف الفرشة المائية بزاكورة، لا سيما مع تزايد حفر الآبار لهذا الغرض. وبجولة بجماعة أولاد ستوت وأولاد داود الزخانين المحاذيتين لزايو يظهر للكل أن عدد الآبار تضاعف بشكل مخيف، حتى أنك قد تجد أكثر من بئر بالحقل الواحد، وهذا من شأنه أن يضر بالفرشة المائية ويهدد "الأمن المائي" للمنطقة. ظاهرة حفر الآبار انتشرت بشكل كبير، خاصة بعد توالي سنوات القحط وقلة الأمطار والجفاف، ليتجه أغلب الفلاحين لحفر الآبار بشكل عشوائي، لكن دون أن يدرك الكثير منهم المخاطر التي قد تنتج عن هذه الآبار. الحفر العشوائي للآبار بزايو وبشكل غير منظم له عواقب سيئة وأضرار خطيرة على مخزون المياه الجوفية حيث أن الحفر يستهدف الوصول إلى المياه على مسافات بعيدة في باطن الأرض مما يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه بشكل سنوي يصعب تعويضه، وذلك بسبب كثرة الحفر، ويضاف أيضا الحفر بالقرب من مكبات الصرف الصحي، وهو أمر أيضا بالغ الخطورة حيث يمكن أن يتسبب بتسرب جزء من الصرف الصحي إلى الآبار وتلوث مياه الشرب وانتشار الأمراض والأوبئة، وهذا خطر محدق بالساكنة والمحاصيل الزراعية. مشكل المياه بزايو لا يمكن تجاهله حتى لا نكون أمام أزمة مياه جديدة ببلادنا تنضاف إلى أزمة زاكورة، خصوصا في ظل التوسع الذي تعرفه المدينة ومحيطها وما صاحبه من انقطاعات متكررة لهذه المادة الحيوية، كان آخرها انقطاع الماء صبيحة العيد وما خلفه من استياء واسع بزايو. المفروض اليوم مراقبة المشاريع الزراعية بسهل صبرة مع الأخذ بعين الاعتبار مدى وجود الماء من عدمه قبل إطلاق هذه المشاريع، خصوصا أن هذا القطاع يستهلك 80% من المياه السطحية أو من السدود على المستوى الوطني. الضرورة تقتضي منا اليوم نهج سياسة حكيمة لتدبير الماء بزايو، وخاصة محاولة القضاء على هدر الماء في القطاع الزراعي والذي يبلغ نسبة كبيرة بزايو، علما أنه يصل على المستوى الوطني إلى 60%، فإيجاد حل لهذا المشكل سيساهم في إيجاد حلول لأزمة المياه بالمنطقة وبعموم تراب المملكة. الواقع أن انتشار غرس "الدلاح" والعديد من الفواكه بسهل صبرة مرده إلى ما تحققه من أرباح، لكن بمقابل ذلك يتم استنزاف الفرشة المائية بشكل كبير، ما بات يفرض التدخل، وتشجيع الاستثمار في بناء سد مائي بالمنطقة. المؤكد أن الثمن سيكون باهظا فيما لو جفت المياه الجوفية وستكون المعاناة أكبر خصوصا مع ما تعانيه زايو من أزمة اقتصادية جراء سد منابع التهريب المعيشي الذي امتهنه شبابها لعدة عقود، فمن المهم جدا وضع قيود ورقابة على عمليات الحفر وعدم تجاهل هذا الأمر لأنه بالغ الخطورة وسيكون له تداعيات سلبية كبيرة مستقبلا.