بعد الكثير من التأخير من قبل اللجنة الاستطلاعية حول المحروقات التي يرأسها عبد الله بوانو القيادي في حزب العدالة والتنمية، في عرض تقريرها على لجنة المالية والتنمية الإقتصادية، تسرب أخيرا "التقرير التركيبي للمهمة الاستطلاعية حول أسعار بيع المحروقات السائلة للعموم وشروط المنافسة بعد قرار التحرير"، وأوضحت أولى خلاصات اللجنة التي قامت بالمهمة الاستطلاعية أن "أول مستفيد من عملية رفع الدعم عن المواد البترولية وتحرير القطاع هو سياسة الدولة التي استفادت من توفير ما يزيد عن 35 مليار درهم سنويا، التي تشكل نفقات المقاصة والتي بلغت سنة 2012 مستوى قياسيا يقدر ب 56 مليار درهم، هذه الأغلفة المالية التي تمت إعادة برمجتها لخدمة القطاعات الاجتماعية وتوجيه الدعم المباشر نحو الفئات الأكثر حاجة"، وكذا أوضح التقرير أن "القطاع البنكي استفاد أيضا من فترة المقاصة بحكم تغطيته لمديونية الدولة اتجاه الشركات بفوائد عالية". ومن خلال تحليل منظومة الأسعار، يوضح التقرير أنها تتكون من شطرين أساسيين: شطر ثابت يتعلق بالضريبة الداخلية على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة، وشطر متغير يتعلق بسعر المنتوج العالمي ومصاريف استيراده وتوزيعه. وهذه التركيبة اتضح أنها معمول بها في جل الدول غير المنتجة للنفط والخاضعة لتحرير القطاع". ويضيف التقرير أنه دون اعتبار لمستوى الضرائب المفروضة، فإن الأسعار المطبقة في المغرب بعد التحرير تبقى من بين الأسعار المنخفضة مقارنة بنظيراتها في الدول غير المنتجة للبترول". وأيضا يوضح التقرير في استنتاجاته أن "تعدد الشركات وتنوع مصادر شراء النفط ووجود استراتيجيات استثمارية هي من بين مؤشرات المنافسة" وأضاف ذات التقرير أن "التغيير في سعر النفط الخام على الصعيد الدولي يتم عكسه على الثمن داخل المغرب بصفة مباشرة، ولكن أساسا في الشطر المتغير من تركيبة الأسعار بشكل متفاوت".موضحا في نقطة أخرى أن "غياب الإجراءات المصاحبة لتحرير سوق المحروقات، وعلى رأسها غياب نظام للتتبع الدقيق لحركة الاسعار على المستوى الدولي وأثرها على المستوى الداخلي، والتدخل عند الضرورة كما هو معمول به في المواد الغذائية الأساسية المحررة". كما سجل التقرير "تقارب بين أسعار البيع المطبقة على مواد المحروقات بين مختلف الشركات والمحطات في مختلف المناطق والجهات، خاصة عند بداية التحرير مع تسجيل تغيير في هذا التقارب مؤخرا"، وأيضا "تغيير في أسعار البيع للعموم في فاتح والسادس عشر من كل شهر عند بداية العمل بالتحرير، وكل عشرة أيام من طرف بعض الشركات ومؤخرا كل أسبوع من طرف عدد من الشركات". وأيضا سجلت اللجنة في تقريرها "تنامي إحداث محطات الوقود بنسب عالية مقارنة مع مرحلة ما قبل التحرير"؛ وكذلك "فرق وتفاوت بين الثمن الناتج عن تطبيق تركيبة الأسعار (والتي كانت معتمدة قبل التحرير) وثمن بيع للعموم المعتمد من طرف الشركات". وأوضح التقرير في استنتاجاته أيضا "عدم تغيير واستمرار نفس هوامش الربح بالنسبة لأرباب ومسيري محطات الوقود". وأوصت اللجنة من خلال تقريرها، الذي سيقدم يوم الثلاثاء 15 ماي في لجنة المالية بمجلس النواب، مهنييي القطاع ب"مواصلة وتكثيف نشاطهم الاستثماري قصد تنويع العرض وتجويده وتوفير المخزونات الكافية، وعلى الحكومة تشجيع هذا النشاط". وأيضا "بمراجعة شروط تمويل القطاع البنكي للشركات، قصد تحقيق التوسع الاستثماري، وبالتالي تخفيف الضغط على مالية الشركات ما يمكن أن ينتج عنه خفض الأثمنة بصفة غير مباشرة". ودعت أيضا الللجنة الحكومة بالتفكير في صيغة لمراجعة المنظومة الضريبية ودراسة التجارب المتعلقة بالضريبة على الاستهلاك الداخلي المتحركة صعودا ونزولا في علاقة بالسوق الدولي، قصد حماية القدرة الشرائية من جهة، وتعزيز الموارد الضريبية للدولة من جهة أخرى". وأيضا أوصت الحكومة ب"تكثيف جهود مراقبة قطاع المحروقات عن كثب ومحاربة كل الممارسات المشبوهة". وأيضا دعت "كل من الحكومة والسلطات المحلية والمجالس المنتخبة بتطوير آليات لتشجيع النقل الجماعي والعمومي، قصد خفض الطلب على المحروقات السائلة التزاما بمقتضيات توصيات قمم المناخ وحفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين". وطالبت اللجنة في ذات التوصيات من "الحكومة وجميع الفاعلين بمواصلة الجهود لتشجيع الحصول على الطاقات البديلة والمتجددة خصوصا في المجالات الأكثر استهلاكا للطاقات التقليدية". وأيضا "ضرورة قيام مجلس المنافسة بأدواره للتأكد من وجود حقوق استئثارية أو فرض ممارسات موحدة فيما يتعلق بأسعار أو شروط البيع"، وفي نقطة أخرى قيام مجلس المنافسة ب"تحليل وضبط وضعية المنافسة في سوق المحروقات، ومراقبة الممارسات المنافية لها وعمليات التركيز والاحتكار". وأوصى ذات التقرير ب"إحداث آلية حكومية لتتبع ورصد الاسعار على المستوى الدولي والوطني ونشر أعمالها واتخاذ الاجراءات المناسبة والضرورية لحماية المستهلك"؛ وأيضا ب"مراجعة القوانين المؤطرة لإنشاء شركات ومقاولات المحروقات، لتسهيل دخول فاعلين جدد إلى سوق توزيع المحروقات ضمانا لتشجيع المنافسة"؛ وكذلك "إيجاد حل لمسألة الفصل ما بين أنشطة التخزين وعملية البيع بالتقسيط، اللتان توجدان في وضعية ارتباط هيكلي، عبر توزيع جغرافي يأخذ بعين الاعتبار طلب الاستهلاك لكل منطقة". كما دعت اللجنة في تقريرها التركيبي بالعمل على "إنشاء الشركات البترولية لشركات فرعية خاصة بأنشطة تخزين المواد البترولية (Filialisation) حتى لا تتدخل في نفس الوقت في الأنشطة الخاصة بالتوزيع"؛ وأيضا العمل على "تغيير خريطة توزيع المحروقات بطريقة جذرية لمواكبة تحرير القطاع". وفيما يخص الطريق السيار، أوصت اللجنة "بمراجعة المسافة الدنيا بين المحطات، وفسح المجال لغير شركات التوزيع مع تشديد المراقبة على محطات توزيع المحروقات الموجودة به، نظرا لوجود ظروف موضوعية تدفع الشركات المتواجدة على نفس المحور الطرقي إلى الاتفاق على الأثمان بصورة تلقائية أو متعمدة نظرا لعدم توفر "المستهلك-مستعمل الطريق السيار" على فرصة للاختيار"، وكذلك "العمل على إحداث مرصد لتتبع ونشر المعطيات الخاصة بأسعار المحروقات المطبقة في جميع محطات توزيع المحروقات مع إتاحة الاطلاع العمومي على محتواها والعمل على تحيينها". وأوصت اللجنة أيضا بالزيادة في "الحرية التدبيرية لأصحاب محطات التوزيع عن طريق تحديد مدة عقد التسيير الذي يربط شركات المحروقات وأصحاب محطات التوزيع في فترة زمنية متوسطة نسبيا (من 5 إلى 6 سنوات)، مع إعطاء الإمكانية لأصحاب هذه المحطات غير المملوكة لشركات المحروقات والمسيرة بعقد تدبير من تغيير العلامات التجارية والممون بعد مرور هذه الفترة دون إجراءات تعاقدية تعجيزية (قيمة التجهيزات والمقابل المالي للتغيير)، هذا الإجراء من شأنه إدخال نوع من المنافسة بين شركات المحروقات في ما يتعلق بالتوفر على محطات التوزيع والذي قد ينعكس إيجابا على ثمن البيع النهائي"؛ و "حث شركات المحروقات الصغيرة على إيجاد أشكال التعاون فيما بينها للتقليص من التكاليف (تجميع عملية الشراء والنقل والتخزين)"؛ وأيضا "باعتماد نظام للمراقبة في شأن مصادر التموين وجودة المنتوج"؛ وفي أخر التقرير أوصت اللجنة ب"التحقق من مدى جدية الجودة في المنتوجات المصنفة "ممتازة" في محطات الوقود".