قامت قوات الأمن الاسبانية، صباح الثلاثاء 17 ماي، بتفكيك مخيم احتجاجي بوسط مدريد أقامه العشرات من الشباب الإسبان، معظمهم من الحركة الاحتجاجية “الديمقراطية الحقيقية الآن”، للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. وأسفر التدخل الأمني، الذي وصفه عدد من الشباب، في تصريحات صحفية، ب”العنيف”، عن إصابة أحد أفراد قوات الأمن بجروح، فضلا عن إلقاء القبض على عدد من المحتجين. وقد شارك في عملية تفكيك هذا المخيم، التي تمت حوالي الساعة الخامسة والنصف من صباح اليوم، العديد من أفراد مكافحة الشغب بالشرطة المحلية، فضلا عن مجموعة من أفراد الشرطة الوطنية. وكان العشرات من الشباب الإسبان، ينتمون إلى الحركة الاحتجاجية “الديمقراطية الحقيقية الآن” والتي أطلقت عليها وسائل الاعلام الإسبانية إسم “حركة 15 ماي”، قد نصبوا أمس خياما بساحة “صول” وسط العاصمة الإسبانية للتعبير عن استياء الشباب تجاه الوضعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد. وتندرج هذه المبادرة في إطار مظاهرات شهدتها، الأحد الماضي العديد من المدن الاسبانية، وفي مقدمتها مدريد، استجابة لنداء تم تداوله على الشبكة الاجتماعية “فايسبوك”. وكان هؤلاء المعتصمون، الذين بلغ عددهم حوالي 500 شخص، يعتزمون الاستمرار في حركتهم الاحتجاجية المطالبة ب”الكرامة والضمير السياسي والاجتماعي” و ب “التجديد الديمقراطي” إلى غاية يوم 22 ماي الجاري، حيث من المقرر إجراء الانتخابات المحلية في عدد من المدن والجهات الإسبانية. كما طالب المعتصمون بإطلاق سراح وعدم متابعة 24 شخصا ألقي عليهم القبض، مساء الاحد الماضي، بوسط مدريد خلال اشتباكات وقعت بين المتظاهرين وقوات الأمن. وكان المتظاهرون، الذين بلغ عددهم، حسب المنظمين، حوالي 25 ألف شخص، قد تجمعوا مساء يوم الاحد الماضي في ساحة “ثيبيليس” الشهيرة وسط مدريد، قبل التوجه إلى ساحة “صول” وسط العاصمة، للتعبير عن رفضهم اعتبار المواطنين “بضاعة في أيدي السياسيين والمصرفيين”، مطالبين بمحاسبة المتسببين في وقوع الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها إسبانيا، مما أدى إلى ارتفاع مهول في معدلات البطالة (حوالي خمسة ملايين عاطل). كما طالب المتظاهرون بإعادة النظر في القانون الانتخابي الذي وصفوه ب “الفاسد”; لكونه يساهم في تشكيل المشهد السياسي في البلاد. ونقلت وسائل الاعلام الاسبانية عن المتحدث باسم حركة “الديمقراطية الحقيقية الآن” فابيو غاندارا قوله إنه “بالرغم من عدم وجود إثباتات واضحة عن المتسببين الحقيقيين في الوضع السياسي والاجتماعي، لكننا نطالب بمراجعة القانون الانتخابي الحالي الذي يفرض على البلاد نظام القطبين الحزبيين”. يذكر أن العديد من الشخصيات الإسبانية من عالم السياسة والثقافة كانت قد وجهت مؤخرا “نداء عاجلا” إلى المواطنين الإسبان من أجل المطالبة بالتغيير ومواجهة وضعية تهدد “الديمقراطية والعدالة والرفاهية الاجتماعية” في إسبانيا. وأشار البيان، الذي وقعه حوالي ثلاثين من الكتاب والفنانين والأكاديميين والنقابيين والسياسين، أغلبهم من اليسار، إلى أنه “من العاجل أن يتوحد المواطنون الإسبان لمواجهة الانتهاكات التي يعاني منها العمال والعاطلون عن العمل والمتقاعدون وأصحاب المشاريع الصغرى والمتوسطة”. وأوضح الموقعون، الذين رسموا صورة سوداء حول الوضعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إسبانيا، أن “الديمقراطية والعدالة والرفاهية مهددة في إسبانيا; حيث يتم تهميش الرأي العام وحيث لا يتم محاسبة الممولين عن الاضرار المرتكبة (…) في الوقت الذي يتم فيه تمويل التدابير المتخذة للتغلب على الأزمة على حساب الضحايا أنفسهم”.