البرلماني شاعو يبدأ من إسبانيا خيوط البحث عن مخرج لصديقه زعيمي كيف تحول العميد محمد جلماد من موظف تابع للمديرية العامة للأمن الوطني، إلى معتقل متابع بجرائم تكوين عصابة إجرامية متخصصة في الاتجار الدولي في المخدرات والمشاركة والارشاء والارتشاء وإفشاء السر المهني؟ وما هي مسارات البحث التي قادت إلى إيقاف المعني بالأمر رفقة شريكيه؟ وكيف واجه العميد الدكتور التهم الموجهة إليه والأدلة التي استنبطتها الفرقة الوطنية من هاتف محمول خاص به؟ تلكم بعض الأسئلة التي كشفت علاقات عابرة وأخرى متينة بين أشخاص لا تربطهم ببعضهم زمالة المهنة، أو القرابة العائلية، بل سقطوا تباعا في شراك الاتصالات الهاتفية التي فضحت خبايا لم تكن معلنة، وجرت الجميع إلى السجن. تفاصيل القصة الكاملة لسقوط شبكة الناظور، تنشرها الصباح في حلقات مستعينة بمضامين التصريحات التي أدت إلى سقوط العميد. انطلقت الاختبارات الأولى الناجحة بين الصحافي ومدير الوكالة البنكية، بمد الأخير بمجموعة من الأسماء وأرقام البطاقات الوطنية للتوسط في تنقيطها بالناظم الآلي للشرطة ومعرفة وضعية صاحبها هل هو مبحوث عنه أم لا. وكان أحد رجال الشرطة بمدينة الرباط يسهل المهمة. ولم تكن تلك العمليات تمر دون مقابل، إذ أقر الصحافي عند الاستماع إليه أنه كان يسلم مدير الوكالة البنكية مبالغ مالية تقدر في معدلها ب 10 آلاف درهم، فيما كان الصحافي خباش يتقاضى من سعيد شاعو مقابل تلك الخدمات مبالغ مالية تتراوح بين 50 و120 ألف درهم. إلى هنا تظهر العلاقة التي تجمع بين شاعو والصحافي خباش، وهي التي سيحاول الأول استغلالها للبحث عن سبيل لاستمالة العميد جلماد، رئيس المنطقة الأمنية للناظور، بعد أن أصبح أحد تابعي شاعو المسمى نجيب زعيمي في ورطة اثر ضبط أزيد من 7 أطنان من المخدرات بمنزله في الناظور كانت معدة في سيارات للتهريب الدولي. لم يكن الصحافي خباش يعرف العميد جلماد، كما لم تكن لصديقه مدير الوكالة البنكية ذي العلاقات الواسعة أي سابق معرفة بالعميد، لكن ككل المناسبات ما إن يقع شاعو في ورطة أو يبحث عن خدمة إلا ويجيش الصحافي للبحث عن الحل باستعمال كل الطرق ومن بينها تنقيط المشكوك في أمرهم من أتباع شاعو ومعرفة إن كانوا مبحوثا عنهم أم لا، لهذا فعندما افتضحت قضية 7 أطنان من المخدرات بعد العثور عليها داخل منزل زعيمي، وبقاء الأخير في حالة فرار، حاول شاعو، الذي كان يوجد بإسبانيا، البحث عن مخرج لصديقه زعيمي، بل البحث لنفسه أيضا عن مخرج، إذ أن تورط نجيب زعيمي سيجر لا محالة زعيمه البرلماني. ظل نجيب زعيمي بعد ضبط المخدرات في منزله ينتظر الحل من إسبانيا حيث يوجد شاعو، الذي تكلف ببدء البحث عن المخرج مستعينا بخدمات مدير جريدة إنغميسن، أي الأخبار باللسان الأمازيغي. كان أول شيء قام به شاعو هو الاتصال بالصحافي عبد الحميد خباش، في مكالمة قصيرة، أمره فيها باقتناء شريحة هاتف محمول مقرصنة والاتصال به ليعرف رقمها قبل أن يواصلا المكالمات. كان البرلماني شاعو محتاطا جدا، فقد علمته الانتخابات التشريعية لسنة 2007 الحيطة والحذر بعد أن تحولت المكالمات الهاتفية إلى فخاخ لاستدراج مفسدي الانتخابات ومستعملي المال القذر، لذا لجأ إلى استعمال هذا الأسلوب اعتقادا منه أن المكالمات لن يتم رصدها أو على الأقل أن البطاقة الهاتفية الجديدة التي سيستعملها الصحافي ستكون بعيدة عن الشكوك. دارت المكالمات بين الاثنين، وكان طلب شاعو منصبا على إيجاد مخرج لنجيب زعيمي الموجود بضواحي الناظور في حالة فرار، وما إن سمع الصحافي اسم نجيب زعيمي، حتى علم أن الأمر يتعلق بصاحب فضيحة العثور على 7 أطنان من المخدرات بمنزله، سيما أن الخبر ذاع بين المواطنين ونقلته القناتان التلفزيونيتان العموميتان إضافة إلى الجرائد الوطنية. استمهل الصحافي صديقه شاعو بعد أن وعده الأخير بالعطاء الكثير وبذل المجهود الأكبر، قبل أن تنقطع المكالمة بينهما. لم يكن الصحافي على معرفة بجلماد، رئيس المنطقة الأمنية للناظور، وسار يبحث عن الطريق الموصل إليه. في هذا الوقت بالذات كانت مختلف الأجهزة الأمنية ومن بينها الشرطة القضائية في منطقة الناظور تجري تحرياتها لإيقاف نجيب زعيمي، وكان الأخير على علم بذلك، الشيء الذي دفعه إلى البقاء بعيدا عن الأعين وخارجا عن المدار الحضري للمدينة. توجه عبد الحميد خباش إلى الوكالة البنكية التي يديرها صديقه الجيراري، فالأخير كان دائما يستجيب لطلباته ولا يتوانى في وضع معارفه وزبنائه رهن إشارته، إذ يقدمون له الخدمات التي يحتاجها، أو بالأحرى التي يطلب منه شاعو إنجازها. فاتحه في الأمر وأخبره أن أحد أبناء عمومته يشكو مضايقات من الشرطة القضائية في الناظور، وطلب منه أن يساعده في الوصول إلى المسؤول الأمني بالمدينة، موهما إياه أن الشخص الذي يتدخل لفائدته فلاح ومربي أبقار ويتعرض لمضايقات كثيرة، كما أسال لعابه عندما كاشفه في مبلغ الأتاوة التي سيحصل عليها إن مكنه من ذلك، بعد أن فاه بمبلغ 50 ألف درهم. المصطفى صفر