من الشائع لدى عموم المواطنين ارتباط كلمة استثمار بالقطاع الخاص فقط في العقدين الاخيرين بعدما اتجهت الدولة لخوصصة اغلب الشركات العمومية والشبه عمومية بعرض اسهما للبيع وادخال الراسمال الخاص فيها ليحل محل راسمالها في اطار التوجه العالمي الذي اعقب انهيار الاتحاد السوفياتي وافلاس النظريات الشمولية التي تجعل من الدولة وراسمالها محرك التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في اطار من التوجيه الشامل . غير ان الخواص الذين اظطلعوا بدور مهم في العملية الاستثمارية بالمغرب منذ تراجع الدولة عن الاستثمار ابتداء من اواسط التسعينيات من القرن الماضي دخلوا في شراكات مع القطاع العام باشكال مختلفة وفي قطاعات عدة اهمها العقار والتطوير السياحي ، ودخل على الخط المستثمرالاجنبي الاوروبي والخليجي ، حيث وفرت الدولة الوعاء العقاري وتكلفت بتذليل العقبات الادارية ومنحت عددا من الاعفاءات الضريبية في المقابل التزم المستثمر الاجنبي واحيانا المحلي او بالشراكة بينهما بتوفير الغلاف المالي وبتشغيل اليد العاملة المغربية . هذه المقاربة على الرغم مما يحسب لها في تطوير البنية التحتية وتشغيل اليد العاملة وخلق الرواج في بعض القطاعات الرديفة ، وما يحسب عليها او ضدها من امتيازات هائلة واعفاءات ضريبية مهمة وعدم وفاء المسثمرين خاصة الاجانب باالتزاماتهم في اتمام المشاريع مثل حالة مقاولة فاديسا بالسعيدية، اذن على الرغم من كل هذا فان اقليمالناظور لم يعرف شراكة قوية بين القطاع الخاص والدولة ، وبالتالي لم تستفد المنطقة من التنمية التي يمكن ان تخلقها هذه الشراكات . اقتصاد الناظور الغير مهكيل اساسا والمبني في شق كبير منه على التهريب لم يستفد من دفعة قوية للانظمة المعمول بها في عدد من اقاليم المملكة رغم تميزه بوفرة السيولة المالية في العقدين الاخيرين نتيجة تحويلات الجالية المغربية وعائدات الانشطة الغير المهيكلة ، بسبب غياب رؤية واضحة للدولة لشكل التنمية واحجام السياسيين ورجال الاعمال عن خلق قوة ضغط واقتراح مبادرات بديلة للواقع . نموذج محتشم للشراكة بين القطاع العام والخاص : النموذج الوحيد للشراكة بين الدولة والخواص بالناظور كان مع مبادرة مؤسسة العمران لاحداث قطب حضري جديد بسلوان وفتح المجال الاستثمار للخواص عبر تجهيز بقع ارضية مخصصة للسكن الاقتصادي والاجتماعي وغيره .. غير ان ادارة العمران في الواقع قامت بعملية بيع بقع ارضية للخواص في اطار طلب عروض عادية وبدفتر تحملات يسمي العملية "بالشراكة " وهي في واقعها اقرب لعملية عقارية عادية بين طرفين متعاقدين ..ولم يستفد الخواص من اعفاءات ضريبية وامتيازات اخرى الا ما كان في اطار الاعفاء الضريبي المعمول به عملية تشجيع السكن الاقتصادي والاجتماعي . ورغم ما يؤخذ على ادارة العمران من اختلالات عدة في التجهيز ، فان فكرة الشراكة ولو بهذا الشكل فكرة جيدة والمطلوب تعميمها . المصالحة الاقتصادية المنشودة بالناظور منذ فتح باب المصالحة الحقوقية والسياسية بين الدولة المغربية ومنطقة الريف كجزء من الوطن فيما يعرف بنتائج بهيئة الانصاف والمصالحة لطي ملف ما اطلق عليه " سنوات الرصاص " ، بات واضحا ان المصالحة لابد ان تشمل الشق الاقتصادي والاجتماعي ، ومن هنا جاءت مبادرات ملكية شجاعة بخلق وكالة تهيئة موقع مارتشيكا كاطارلمشروع ضخم بيئي وسياحي واقتصادي ، وكانت مبادرة احداث ميناء الناظور غرب المتوسط اهم وارفع خطوة نحو المصالحة الاقتصادية التي تخلق التنمية وتوفر الثروات وفرص الاستثماروالعمل ، لكن المشروع الاول لايزال رهين تسيير بطييء ولم تتضح بعد اثاره علىالتنمية المحلية رغم ما قطعه من اشواط في البنية التحتية ، اما المشروع الثاني فلازالت الانظارمتجهة صوب نقطة الانطلاق . وعليه فلا يزال الطريق في بداياته ولا تزال هناك فرص استثمارية ضائعة يمكن تحقيقها بالشراكة بين القطاع العام وبين الخواص بالناظور خصوصا المحليين ومن ضمنهم الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي راكم عدد مهم من افرادهات تجارب وخبرات عالية اضافة الى الراسمال المدي خاصة من ابناء الجيل الجديد ، فعلى الجميع استثمار هاته الامكانيات وتوحيد المجهودات لخلق دينامية للاستثمار المحلي التشاركي بما يخدم مصالح المنطقة التي بات اقتصادها اليوم مشلولا وبات من الضروري البحث عن سبل لانعاش العجلة الاقتصادية ووضعها بشكل مهيكل على الطريق الصحيح.