بعد كذبة منتصف أبريل التي أدلت بها وزيرة التضامن و المرأة و الأسرة و التنمية الاجتماعية تحت قبة البرلمان حول عدم وجود فقراء بالمغرب بناء على المعايير الدولية و جوابا على سؤال حول وفاة الملقبة "بأمي فاطمة" التي أحرقت جسدها، جاء دور كذبة نهاية أبريل على لسان وزير التشغيل عشية العيد الأممي للشغالين مضمونها إدماج 250 ألف باحث عن الشغل في العمل دون الكشف عن تفاصيل هذا العدد الضخم من المدمجين و كيف كان ذلك و أين؟ و أنا أقرأ هذا الخبر العاجل الذي تبجح به وزير الشغل عبد السلام الصديقي عشية فاتح ماي 2016، تذكرت أيام فضيحة شركة النجاة الإماراتية -عفوا فضيحة وزارة التشغيل في عهد السيد عباس الفاسي- عندما نصبت علينا هذه الوزارة (أزيد من 30 ألف شاب من حاملي الشهادات بمختلف ربوع المملكة) عن طريق وكالاتها في إنعاش الشغل و الكفاءات سنة 2002، إذ بعد شهور من تبخر حلم العمل بالشركة الإماراتية الوهمية و إقبار ملف النصب و الاحتيال على فئة عريضة طموحة و سلبها بطرق ملتوية أزيد من مليارين و سبعمائة سنتيم –بعد ذلك- أتلقى اتصالا من وكالة الناظور لإنعاش الشغل باعتباري مجازا و من ضحايا النجاة و باحثا عن الشغل ، و ذلك من أجل شغل منصب "نادل" بإحدى مقاهى بني انصار كتعويض عن البطالة و كتعزية عن 900 درهم المسلوبة على شكل أداء واجب فحص طبي صوري بمصحة دار السلام بالبيضاء و لإرسال تقارير مغلوطة إلى المركز تبين السعي الحثيث للوكالة من أجل حل مشكل ضحايا النجاة بتمكينهم بمناصب شغل و لو لأيام، كما تلقى مجموعة من أصدقاء الدرب المسجلين بذات الوكالة عروض مشابهة و متقاربة، مما جعلني و أياهم نتمعن في هذا المنهج الخسيس و نقيس عليه كلما نفخ وزراء التشغيل في أرقام المدمجين في سوق الشغل بمناسبة فاتح ماي أو في مناسبات البهرجة السياسية الرسمية و غير الرسمية. السيد وزير التشغيل تحدث عن إدماج 250 ألف عاطل في سوق الشغل حسب المسطر لديه على الأوراق، لكنه يتناسى أن عهدا جديدا أصبحت تعيشه فئة عريضة من المشتغلين تحت إمرة مجموعة من المقاولات و أشباه الشركات التي تشجعها الدولة لتأخذ زمام الأمور عن طريق إسنادها تسيير مرافق الحراسة و حفظ الأمن و النظافة بالقطاع العمومي في إطار المناولة و ذلك لملئ الفراغ بعدما تخلت الدولة عن توظيف أعوان المصالح و الخدمات منذ أزيد من 15 سنة؟ هذه الفئة العريضة التي تشكل أغلبيتها النساء الأرامل و المطلقات، تجد نفسها ملزمة بالاستمرار في الشغل رغم عدم توصلها بأجورها لما يقارب السنة و ذلك لانسداد الأفق أمامها و لصعوبة إيجاد بديل يؤمن قوتها اليومي و قوت أسرتها مع العلم أن السلطات الوصية تعلم علم اليقين بمعاناتها و بتفاصيل أجرتها التي لا تتعدى 900 درهم في الشهر. من سيقف جنب هذه الفئة المحرومة من أجورها و من أبسط شروط عملها و بخاصة التغطية الصحية و الاجتماعية إذا كانت الوزارة الوصية على الشغل و التي تتوفر على مندوبيات و مفتشين موزعين على كامل التراب الوطني همها الوحيد هو عد عدد المدمجين في سوق الشغل في ظروف و بشروط لا يعلمها إلا الله؟ فهناك أعوان و منظفات في مؤسسات تعليمية بتراب إقليمالناظور يشتغلون تحت يافطة الشركة المسماة "كلييرنت" و مقرها بفاس لم يتلقوا أجورهم منذ شهر يوليوز 2015 و مع ذلك مستمرون في التحدي عن طريق الاستعانة بمساعدات الأقارب و الإلتجاء للديون، و المسؤولون عن هذه الوضعية في دار غافلون. فالشركة المسؤولة تتحجج بعدم توصلها بمستحقاتها من الأكاديمية الجهوية التي أسندت لها الصفقة و الأخيرة ترد الأمر للوزارة و المديرية التعليمية تعتبر الضحايا مجرد أعوان وضعوا تحت إمرتها و لا علاقة لها بوضعيتهم الإدارية و المالية. و نفس الأمر تقريبا يعانيه أعوان حفظ الأمن و الحراسة و إن لم يكن بنفس الحدة، حيث لم يتوصل مجموعة من المشتغلين بالمؤسسات التعليمية تحت إمرة الشركات الخصوصية بأجورهم منذ بداية السنة الحالية. هذا فضلا عن العدد الهائل من المسرحين من مناصب اشتغالهم بالشركات و المقاولات التي أفلست و زج بأربابها بالسجون نتيجة تأخر مجموعة من الإدارات العمومية في تسديد مستحقاتها عليها نظير خدماتها أو تموينها بالتجهيزات أو بالأغذية أو غير ذلك بناء على الصفقات التي تفوت للقطاع الخاص.