ما أجمل الهدوء والسكون ! وما فائدة صخب دنياكم وهى تكشف لنا الخبث والمستور والجنون. والآن الآن حيث لم يعد متسع من الوقت ليعربد الوجع في كل شيء ..لتنام مدينتي قليلا بعد سهر دام أسابيع كثيرة إنها المدينة التي لم تكن تنام من ضجيج البشر وإن نامت قليلا..أيقظها ضجيج بشر آخرون.. في تلك الأيام البغيضة من شهر يونيه .. وتلك الجمعة الفاصلة بينَ زمنين.. ..زمن الماضي” الأحمر” .. وزمن الحاضر الطويل “الطارق” لأبواب المدينة من جديد...والممتد إلى الآن وأنا وككل أبناء مدينتي ,كان الشوق يقتلني.. يقيدني، وكانت اللهفة تسيطر عليّ لمعرفة كل شيء .. رغم أن اليأس كاد أن يكسر في داخلنا أحاسيس كثيرة ومعاني أخرى كنا قد اعتدنا جمالها، في زمن أصبحت مدينتنا الجميلة مدينة أشباح.. تلك التي لا تدخل مدينتي إلا وقت الانتخابات .. انتظرت طويلا ذالك اليوم الذي لم يعد للصباح فيه ولا للمساء حلاوتهما المعهودة.. انتظرته رغم علمي المسبق أني لن أشارك بصوتي في هذه الانتخابات. ليس تعبيرا عن موقف ما.. بل فقط .لأننا نحن “الجالية” ربما لم نرقى بعد إلى مستوى الإدلاء بصوتنا..( ولهذا حديث آخر.. ليس الآن مجاله ) تابعت أطوار وكل أشواط هذه المعركة حتى الثمالة والملل منذ انطلاقها وأنا الذي لم يكن لديه متسع من الوقت حتى لأقول لصغيرتي.. تصبحين على خير !! وهذا حال الكثير من أبناء مدينتي..علَي وعلَنا نجد فيها متنفس لنا.. كيف لا.. وأبناء مدينتي لا يعتزون بشيء أكثر من اعتزازهم بانتمائهم وحرصهم على النهوض بواجبهم تجاه قضاياهم وتوحيد وحشد طاقاتهم من أجل المستقبل الذي يليق بهم وبتاريخهم . تابعت كل شيء ..وعبر كل الوسائل منها المشروعة والغير المشروعة..كنت أتصفح كل الجرائد..المستقلة منها واليسارية واليمينية.. حيث ذابت كل الإيديولوجيات..كان همي الوحيد والأوحد أن أتابع كل ما يجري هناك.. وعبر شبكات الإنترنت التي كانت بدورها تغطي أحداث الساحة “الانتخابية “، وتسلط الضوء على المرشحين للانتخابات وبرامجهم الانتخابية.كنت أبحث عن النصف الضائع هنا وهناك.. ولكن وكما كان يبدو أن بعض هذه الشبكات كانت تبرز بعض المرشحين على حساب الآخرين حيث تظهر البعض بشكل لائق فيما تسيء إلى البعض الآخر سواء من خلال مقال أو حوار أو فيديو... الشيء الذي لم يكن يهدف إلا إلى تشويه صورته،أو تزيينها.. وكأنها توجه رأي الناخبين إلى اختيار احد المرشحين الذين تؤيدهم هذه الشبكة أو تلك .. والآن حيث الانتخابات مضت ، ولم يعد في الوقت متسع لا للكلام ولا للنقد الهدام ولا لكشف العورات ونشر الغسيل، وعليه عندما يكون الإنسان على درجة عالية من الحماس تكون الطاقة عالية، والدوافع هي التي تمد الطاقة، ويبقى متغير الفعل هو الحكم الفصل في كل ذلك، والذات الإنسانية ليست التعبير عن الفردية ضد المجموع، بل التعبير عن الأنا لصالح المجموع، فلنترفع إذن عن صغائر الأمور وتوافه الخلافات، ولنتطلع إلى قمة الجبل لا إلى أخمصه. إلى مصلحة الساكنة، إلى مصلحة المدينة .. واسمحوا لنا يا مرشحينا أن نطرح عليكم وعلى أنفسنا،هذا السؤال هل كل ما كنا نفكر به ونطمح إليه، ونسعى من أجله في الولاية السابقة,,والتي سبقته.. قد تم ؟ هل كل ما سبق ووعدونا به في الولايات السابقة قد تم...؟ لا شيء .. لا أغلبه ولا نصفه ولا حتى ربعه مازالت ولا تزال تلك الشرائح المظلومة زمن الولايات السابقة هي الأكثر تضررا، والأكثر بؤسا وفقرا.. اقتربنا منكم، جالسناكم وسمعنا حكاياتكم و طرائفكم وأحاديثكم بما فيه الكفاية ، عايشناكم ألم يحن الوقت بعد لتعيشوا معنا وتسمعوا لنا... كما فعلنا ؟ أنتم الناطقون، غداً، بأسمائنا كيف لنا أن نخدم هذه المدينة ، ونعوضها عن آلامها وأحزانها؟ هذه المدينة التي لها أهدينا صوتنا.. هذا الصوت الذي تنافستم على سعره .. هذا الصوت الغالي دائما ..هذا الصوت الذي تهافتم على كسبه .. هو نفس الصوت الذي يقف اليوم وبعد أن هدأت المعركة .. يقف اليوم رسالة قوية إلى الجميع، إلى الذين كسبوا معركة الانتخابات وعليهم أن يفهموها ، وأن يستحضروا دلالاتها ومعانيها، حتى لا يدخلوا منزلقا يوصلهم إلى الاختناق في اختيارهم واختياراتهم المستقبلية.. فمعركة الانتخابات انتهت .. ولكن المعركة الحقيقية ... ابتدأت.. ويبقى صوتنا وللأبد هو الفاصل .. صوتنا هو القاعدة الذي منه يطل تواجدكم ، منحناكم صوتنا و به فوّضناكم لتحسنوا النيابة عن كل فرد منا وتعززوا مكانته وترفعوا شأن مدينتنا . ومن لم يفهم الرسالة فليفهم إذن انه حان الوقت للتقاعد المبكر أو الاستراحة الطويلة الأمد... لفسح المجال لبديل آت.. آت.. لا ريب فيه .. هنا دنيا تعلمنا فيها أن كل شيء مصيره الزوال.. فالمعرفة وحدها لا تكفي، يقول الفيلسوف الألماني (غوته) لابد أن يصاحبها التطبيق، والاستعداد وحده لا يكفي فلابد أن يصاحبه العمل، والأيام القادمة بعد هذه الانتخابات هي الفيصل في القدرة والدافع ...والاستعداد والعمل.....لكم .. أنتم الناطقون، غداً، بأسمائنا