زايو أو مدينة « التهميش « كما تسميها الساكنة ، ربما هناك من لم يسمع بهذه المدينة من قبل ، أو ربما تعرف عليها فقط بمحض الصدفة . جريدة « الاتحاد الاشتراكي « انتقلت إلى المدينة ، وتقصت الوضع الذي تعرفه على مستوى التنمية وأعدت الروبرتاج التالي . للانتقال إلى مدينة زايو كان علينا السفر لمدة ساعة من مدينة الناظور ( قضيناها في سيارة التاكسي ) قبل أن نصل أولا إلى مدينة سلوان على بعد 25 كيلومترا من هذه الأخيرة. تقع زايو بين أحضان جبال كبدانة ، طوال الرحلة يسجل غياب أي وحدة إنتاجية أو مصنع يستقطب اليد العاملة ، باستثناء بعض المساحات الفلاحية الخضراء المبثوثة على الهضاب والتلال يتخذها أبناء المدينة لبعض الزراعات المعاشية ، كما أكد لنا السائق الذي كان يقلنا . المدة التي قضيناها للوصول إلى « زايو « بدت لنا خلالها المدينة مهمشة ، متروكة لحالها ، هنا المشاكل الاجتماعية وضعف البنيات التحتية والخيبات المتراكمة التي عصفت بأحلام السكان ، لاسيما شبابها الذين سبق أن احتجوا في وجه مسؤولي المدينة بعد تأخير تفعيل عدة مشاريع تنموية سبق أن أعطى انطلاقتها جلالة الملك قبل ست سنوات . « راها وصلات بينا حتى العظم ، واحنا راه محكورين في بلادنا « ، الكلام لمحمد وهو أحد سكان مدينة زايو التقيناه بأحد الأركان بمدخل المدينة ، عيناه كانتا تسبحان في شيء ما يعلمه لوحده وكلامه بدا متناغما مع قسمات وجهه الشاحب ، رغبته العارمة في تطوير مدينته المنسية جعلت كل حديثه منصبا على الاختلالات التي تعيشها هذه الأخيرة ، فهو على غرار أقرانه يسعى إلى البحث عن فرصة للعمل والخروج من العزلة والتهميش اللذين يرخيان بظلالهما على المدينة . بمجرد ما تلج داخل دروب « زايو « وأزقتها ينتابك شعور بأن كارثة طبيعية قد حلت بها ، فالطرقات غير معبدة والبنايات التي يعود بعضها للاستعمار الاسباني متآكلة ... ، وبين هذا وذاك يخيم صمت البطالة والهجرة صوب المجهول على بعض شبابها . خلال جولتنا التي رافقنا خلالها سهيل من سكان المدينة ، والذي لم يتردد في البوح لنا بأسباب احتجاجات السكان بالشارع والتي كان آخرها قبل عدة أشهر الموجهة إلى المجلس البلدي باعتباره يعرقل المشاريع ، كلها أسباب تقف وراء الاحتجاجات المتكررة التي تعرفها المدينة . يقول لحسين شاب عشريني ، خضار ، « جل سكان زايو ينتابهم شعور ب « الحكرة « والملل ، مستطردا في قوله بنبرات حزينة « أبسط ظروف العيش غير متوفرة والبنية التحتية لا ترقى إلى المستوى ، لا مرافق للترفيه والتثقيف، سوى التهميش والإقصاء والعزلة واللاجدية من طرف المسؤولين .» إلى جانب لحسين ، يقول مراد طالب جامعي : « يجب محاكمة المفسدين وناهبي المال العام ، فزمن السكوت قد ولى ، ، فسوء التدبير والتسيير تظهر معالمه جلية للعيان .»مستطردا في قوله : « المدينة تغرق في الأوحال خلال فصل الشتاء والإنارة العمومية تنقطع بشكل مستمر ، زد على ذلك غياب وحدات إنتاجية وهو ما يبرر انتشار البطالة بشكل كبير وسط صفوف الشباب الذين يلجأوون إلى الثغر المحتل « مليلية « للإشتغال في تهريب المواد الغذائية أو الكحول ثم إعادة بيعها للمحلات التجارية أو الهجرة إلى المدن الكبرى كالدار البيضاء وطنجة للإشتغال بالشركات والمصانع ...» غياب مرافق الترفيه يؤرق الشباب أعرب العديد من الشباب عن استيائهم و تذمرهم الشديدين من الوضعية المزرية التي يعانون منها منذ عدة سنوات جراء غياب مرافق الترفيه والرياضة ، سيما أنهم لايجدون من مؤنس غير الشوارع والمقاهي التي تزيد من عزلتهم وحرمانهم .ويناشدون السلطات المحلية النظر إلى حالتهم والإهتمام بانشغالاتهم بإنجاز مراكز رياضية وثقافية لقضاء وقت فراغهم الذي يقضونه تسكعا في الشوارع والمقاهي أو التعاطي للمخدرات والكحول ، وهذا ما أكده لنا كريم تلميذ بالثانوية إذ يقول : « معندنا فين نمشيو ، مكاين لا مرافق للترفيه ولا فين نمارسو الرياضات المفضلة ديالنا ، كنبقاو جالسين غير في لقهاوي أو كندورو في الشوارع هذا ما كان .» سعيد في الثلاثينيات من عمره موظف، سألناه عن رأيه في غياب مرافق الترفيه بالمدينة ، ليجيبنا بعدما أن أخذ نفسا عميقا ، هذا الخصاص في المرافق الترفيهية جعل أبواب الانحراف مفتوحة على مصراعيها في وجه شباب وأطفال مدينة زايو ، وهو ما يفسره ارتفاع نسب الجريمة والاعتداءات وآنتشار المخدرات والخمور.. انقطاعات متكررة للكهرباء تعرف الكثير من أحياء مدينة زايو إنقطاعات متكررة للكهرباء، ما يدخل المنطقة في ظلام دامس خاصة مع انعدام الإنارة العمومية ببعض الأحياء، وهو الأمر الذي كثيرا ما كان سببا في معاناة السكان، إذ يواجهون صعوبة التنقل ليلا في أحيائهم، ما فرض عليهم «حظر التجوال» ، إذ أصبحوا يخافون الخروج من منازلهم بعد حلول الظلام، وهي الوضعية التي أدت إلى انتشار ظاهرة السرقة والاعتداءات من قبل المنحرفين الذين يتحينون مثل هذه الفرص من أجل تنفيذ أعمالهم الإجرامية، حسب ما أكده العديد من المواطنين «للاتحاد الاشتراكي»، وبهذا الصدد وجراء ما يعانيه هؤلاء من خوف الخروج من منازلهم ليلا، يناشد سكان بعض الأحياء ، السلطات المعنية تسوية الوضع في أقرب الآجال، وهو الحال نفسه الذي يعاني منه أصحاب المحلات من الإنقطاعات المتكررة للكهرباء التي تؤدي إلى تلف بضاعتهم في الكثير من المرات . مشاريع بدون أثر تساؤلات عديدة ما زالت تدور في أذهان سكان مدينة زايو حول مصير المشاريع التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك سنة 2011 ، تلك السنة كانت تاريخية بكل المقاييس ، فخلالها ظن السكان أن مدينتهم ستنفض عنها بقايا غبار» المغرب غير النافع» ، من خلال المشاريع التي دشنها عاهل البلاد ويتعلق الأمر بالحديقة الايكولوجية والمركز السوسيو تربوي ومكتب التكوين المهني ومسبح بمواصفات دولية ... ، منها من رأى النور وبعضها في طور الإنجاز، فالمشاريع التي تم انجازها لا تستفيد منها الساكنة، وهذا ما أكده لنا حكيم من خلال قوله :» هاذ لحديقة كندخلو ليها غير من لعيد لعيد معرفتش أش هو الهدف ديالها وعلاش داروها إلى مكناش كندخلو ليها فوقاش ما بغينا ... « . إلى جانب حكيم يؤكد إلياس « على ضرورة فتح تحقيق حول تأخر خروج المشاريع التي مازالت في طور الانجاز والتي طال انتظارها من لدن السكان . « مركز صحي متدهور يعيش المركز الصحي الوحيد الذي تتوفر عليه مدينة زايو التي يتجاوز تعداد ساكنتها أزيد من 35 ألف نسمة ، حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى 2014،على وقع مجموعة من المشاكل التي أدت إلى تأزم حالة القطاع إذ يفتقر إلى التجهيزات الطبية كقسم الولادة وسيارة الإسعاف المجهزة وجناح للمستعجلات وغياب نظام المداومة الطبية والنقص في الأدوية، بالإضافة إلى الطريقة التي يتعامل بها مسؤولو المركز الصحي مع المرضى والقاصدين لهذا المستوصف ، إذ تتسم بالانتقائية والزبونية ، حيث يبقى المواطن البسيط يعاني مرارة الانتظار بالطابور حتى تتم المناداة عليه من طرف « الشاوش» ، حسب ما أكده العديد من المواطنين « للاتحاد الاشتراكي «. يقول أحد المرضى : « جيت نداوا ورجعت مريض ، واش ممن حقيش نداوا ؟ ولا نجي لسبيطار ، ولا معنديش الحق في الاستفادة الطبية ، راه هادا حقي ... « ويؤكد أن قلة الإمكانيات المادية هي التي دفعته للمجيء إلى المركز الصحي ، ويضيف قائلا : « أنا مواطن مفحاليش لوكان فجهدي نمشي للمصحات الخاصة كاع ما نجي نهز الجميل نتاع هاد الأطباء ، وسبيطار داير بحال شي خربة «. هذه الأوضاع التي تعاني منها الساكنة المحلية مع مشكل الصحة بزايو ، أدت إلى العديد من الوقفات الاحتجاجية المتتالية للتعبير عن استيائهم من الطريقة التي يتعامل بها مسؤولو المركز الصحي مع المواطنين وإهمالهم للمرضى ، مسجلين وضع سيدة حامل خلال أشهر مولودها عند باب المستوصف الصحي في غياب أي تدخل من الأطر الصحية ، وهي الحالة التي اهتزت لها الساكنة وكشفت بالملموس عن عدم « اكتراث مسؤولي القطاع بصحة المواطنين « يقول أحد الجمعويين . وعود وزير الصحة قطع وزير الصحة الحسين الوردي وعدا على نفسه على أساس أن تعمل وزارته في أفق سنة 2013 على إنشاء مستشفى محلي متعدد التخصصات بمدينة زايو ، وإن لم يتم إخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود فإنه مستعد للمحاسبة .ويأتي التزام وزير الصحة بوعده في إطار الإجابة عن السؤال الذي طرح عليه داخل مجلس النواب من طرف النائب البرلماني عن الدائرة الانتخابية بعمالة إقليمالناظور ( سنة 2013 ). ووعد الوردي ببذل كل الجهود لإخراج المستشفى في أجله المحدد وفق مخطط الوزارة ورؤيتها الإستراتيجية الخاصة في المنطقة ، بالنظر إلى النتائج الإيجابية التي سيجنيها قطاع الصحة . وتبقى وعود وزير الصحة ، لم تر النور لحد اللحظة وفق ما أكده العديد من المواطنين . يقول مصطفى ، تاجر ، « من سنة 2013 وحنا نتسناو هاد سبيطارمعرفناش فوقاش يتبنى واليوم حنا في 2015 ومازال مشفنا والو ، غير الحجر والحديد لي مزال باقيين في بلاصتهوم «. وفي انتظار أن يتحسن الوضع ، ويرفع التهميش ، ويتوقف الألم ... ، تظل الساكنة متذمرة من الوضع إلى حين رفع الضرر عنها