[email protected] ما يقرب من الشهر قد مر على التطبيق الفعلي لمدونة السير على الطرقات. وقد بدأت المدونة تؤتي أكلها، ومظاهرها بادية للعيان. حيث انطلق المسؤولون في حملة لتلوين ممرات الراجلين، ولو أنها له تنته بعد رغم صغر مدينتي الحبيبة، ورغم قلة شوارعها. وهي نقطة تحسب ضد المسؤولين. إذ تجد شوارع كثيرة (وإن كانت رئيسية) لم تصلها بعد آلة الصبغ. وإن تعالت الضجة احتجاجا على ما جاءت به المدونة من قرارات قاسية في حق السائقين، فلا بد لنا من الاعتراف أن هذه القرارات ضبطت عدة سلوكات وجاءت لتحمي إخواننا وأبناءنا وحتى آباءنا وأمهاتنا من تهور بعض هؤلاء السائقين. والمدونة لم تضبط سلوك السائقين، وتعلم العديد من سائقي سيارات الأجرة الصغرى بالخصوص احترام الراجلين وأسبقية المرور فحسب، بعد أن كانوا يمتعون أنفسهم بحق الأسبقية على حساب أصحاب الحق الحقيقيين. بل ضبطت أيضاً سلوك شريحة واسعة من الراجلين (والعدد في تزايد)، وفرضت عليهم احترام قانون المرور بدلاً من مظاهر العشوائية في قطع الطريق، أمام تساهل السائقين بتخفيف السرعة تارة، والوقوف والسماح لهم بالمرور حتى من أماكن غير مخصصة للراجلين تارة أخرى. ولا أدل على هذا الانضباط مما لمسته شخصياً حين أكون بصدد قطع الطريق فوق ممر الراجلين، حيث مهما كان السائق مسرعاً يقوم بكبح سرعته ليحترم أسبقيتي وحقي في المرور، بعد أن كان السائقون يزيدون من سرعتهم في حالات مماثلة قبل المدونة… فبينما كنت بصدد انتظار الضوء الأخضر لقطع أحد شوارع المدينة في أحد الأيام، مر بجانبي شخصان حاول أحدهما قطع الطريق ليستوقفه مرافقه قائلاً : “انتظر الضوء الأخضر لئلا تفرض عليك 30 درهما غرامة”. ففكرت في نفسي “لولا الغرامة لما احترم القانون، ولولا المدونة التي فرضت هذه الغرامة…” خصوصاً في الأماكن التي يقف فيها رجال شرطة المرور. الشيء الجميل في المدونة أنها خلقت الوعي لدى الناس، سواء كانوا سائقين أو مجرد راجلين. لهذا أود لو أرى جميع الوزارات تسطر مدونات مماثلة، كل حسب تخصصها… لنجد الناس يحترمون البيئة ونظافة وجمالية المدينة من رمي الأزبال والقاذورات، لو فرضت عليهم عقوبات وغرامات. ونجد الأطباء يقدسون حياة كل مريض إن وجدوا قانوناً يجرمهم على أي وفاة. ونجد الأساتذة يسجنون إن ارتفعت نقطة التلميذ جزاء على أموال الساعات الإضافية وتناقضت مع نقطة الامتحان الجهوي أو الوطني… ونجد… ونجد… لقد فتحت مدونة وزارة النقل الباب لبناء مدينتنا الفاضلة، فهلا استجابت بقية الوزارات؟ وتبقي هذه مجرد نافذة من النوافذ المطلة على واقعنا المر…