ألغت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، أخيرا القرار المستأنف، فيما قضى به من براءة ثلاثة متهمين من جناية الضرب والجرح المفضيين إلى الموت دون نية إحداثه، مع الرفع من العقوبة الحبسية المحكوم بها على المتهمين المدانين، إلى 15 سنة سجنا بدون غرامة. وفي الدعوة المدنية بقبولها شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم الاختصاص، والحكم تصديا، بأداء المتهمين (ع.ب) و(ع.ب) و(م.ب) المدانين تضامنا في ما بينهم تعويضا مدنيا قدره 50 ألف درهم لفائدة والدة الضحية، و20 ألف درهم لكل واحد من إخوانه. وكانت غرفة الجنايات الابتدائية وبعد سنة من رواج الملف وعرضه على قاضي التحقيق وهيأة المحكمة، صرحت بمؤاخذة اثنين من المتهمين بتهمة نقل المخدرات وحيازتها، وحكمت على الأول بسنتين، وعلى الثاني بثمانية أشهر حبسا نافذا، في الوقت الذي برأت فيه الثالث من التهمة ذاتها. وتعود أحداث هذا الملف، حسب مصادر مطلعة، إلى شتنبر 2013، حين توصل مركز الدرك الملكي بكتامة، بمكالمة هاتفية، يخبر فيها القائد الإداري لإساكن، عناصر الدرك بالعثور على جثة شاب غاب عن منزل والديه، مدة يومين بدوار أزيلا، جماعة وقيادة إساكن بإقليم الحسيمة. وعند عرضها على التشريح الطبي تبين أن الوفاة نتجت عن نزيف في الرأس بسبب طعنة أصابت الأخير، خاصة وأن العين اليسرى للضحية، كانت ملطخة بالدم، وتعلوها يرقات الدود، كما عثرت العناصر نفسها أسفل العين المصابة على حجر متوسط الحجم ملطخ بالدم، وتعلو فم الضحية رغوة بيضاء. وأوقفت عناصر الدرك المعنيين بالأمر وتابعتهم بجناية الضرب والجرح المفضيين إلى الموت دون نية إحداثه، ونقل وحيازة المخدرات، وأحيلوا على غرفة الجنايات الابتدائية لمحاكمتهم طبقا للقانون. وأمام المحكمة، نفى المتهمون المنسوب إليهم، مؤكدين أن الضحية رافقهم إلى منزلهم، مساء يوم 20 شتنبر من 2013، لاستخلاص ثمن سنابل الكيف التي باعها لهم، ثم خرج، دون أن يعرفوا الوجهة التي ذهب إليها، إلى حين علمهم بالعثور عليه جثة هامدة بإحدى القناطر بالدوار نفسه. واعترف اثنان من المتهمين، بشرائهما سنابل الكيف من عند الضحية، وسلما له مقابل ذلك مبلغا ماليا قدره 3400 درهم، داخل منزلهما لينصرف الضحية دون أن يلحقا به أذى، في الوقت الذي نفى أحد المتهمين علمه بعملية البيع والشراء التي تمت بين الضحية وباقي المتهمين. ولما أعطيت الكلمة إلى الوكيل العام للملك، التمس الإدانة وفق فصول المتابعة، معللا ذلك بمجموعة من القرائن، منها أن تصريحات المتهمين شابتها تناقضات، بخصوص الوسيلة التي استعملوها لنقل سنابل الكيف من منزل الضحية إلى منزلهم، وكذا تقرير التشريح الطبي الذي أكد واقعة الضرب الذي تعرض له الضحية، وأقوال شقيقة الضحية ووالدته في كل مراحل التحقيق.. أما دفاع الضحية، فاعتبر أن التهمة ثابتة في حق المتهمين، والتمس إدانتهم وفق ملتمسات النيابة العامة، مؤكدا أن الضحية لقي حتفه بمنزل المتهمين الذين استدرجوه، واقترفوا جريمتهم، معتبرا عدم تحوزهم مالا وقت وجودهم بمنزل الضحية كان أمرا مقصودا. في حين أوضح دفاع المتهمين أن المتابعة لا تتلاءم وظروف الواقعة، مضيفا أن التشريح الطبي لم يثبت تورط مؤازريه في الحادث، وأن الضحية رافق المعنيين بالأمر إلى منزلهم عن طيب خاطره، بعد سوء تفاهم بينه ووالدته، مركزا على إنكارهم وانعدام أي شاهد أو إثبات، والتمس القول ببراءة المتهمين. واقتنعت هيأة الحكم بعد الاستماع إلى المتهمين الثلاثة وملتمسات الدفاع ومرافعاتهم وشهادة الشهود، بضلوعهم في الحادث. وبعد آخر كلمة للمتهمين انسحبت المحكمة للمداولة وقضت بالحكم المومأ إليه. تعليق