إعلان حكومة الريف في المهجر و حركة الحكم الذاتي و التنظيم السياسي الجهوي في الريف أيهم الأفضل و الأصح ؟؟؟؟ بقلم : خالد بلقايدي اسبانيا دائما ما نعتمد على القراءات السياسية و التاريخية لإبراز الحمولة العميقة للريف و ما يتميز به من خصوصية كبيرة تمتد عبر التاريخ على بنية الدولة المغربية الحديثة خلال فترتين( قبل و بعد الاستعمار ) سواء كتاريخ أو مجال جغرافي أو تراث حضاري ، و مع تطور البنيات الثقافية و الاجتماعية للمجتمع الريفي تنامت أفكار أكثر من ذي قبل حول ضرورة العودة إلى ذاكرة الريف و استحضار رموزها و صناع الملاحم التحررية التي تحدثت عنها معظم الكتب البشرية خلال القرن الماضي و حتى الحالي . هو الريف الذي خصص لذاته مكانة عظيمة بين الأمم و له حماة بين الأجيال يحافظون على كل ما أفرزته سنوات الكفاح من قيم و تجارب تصنف ضمن إنجازات الإنسانية في مقارعة الاستعمار و الاضطهاد ، و له خصال من الصعوبة تجاوزها لدرجة تتنافل بين الاجيال هي الثبات على موقف و عدم التنازل على الكرامة ولو بأي ثمن كان ، و سجلها حافل بالاحداث السياسية و الاجتماعية على طول منطقة الريف الكبير و العميق منذ سنوات و خصة خلال الفترة الاخيرة التي تثبت صحة هذا الاختيار في الريف و رغم ما قيل من تأويلات في هذا الباب بين خانة التآمر على الوطن و اللجوء الى جهات أجنبية و الاستعانة بقاموس يحرض على التعصب الإثني و القبلية و غيرها غالبا ما نصنع من الكلمات تموجات غير حقيقية على الريف بقصد أو عن جهل فالأمر لا يتعلق عن إسقاطات فوقية جاهزة النطق و الحكم على منطقة لها إسهاماتها الجليلة في نضالها ضد الهيمنة الاستعمارية و حتى على القوى الاحتكارية المحلية و دورها في إرساء قيم وطنية حقيقة، ولا على منطق المزايدات الفارغة التي تقلل من قيمة الاشياء بمبررات فارغة المضمون و الترويج لشكليات لا أساس لها ، و لا حتى التبجح بين من له ملكية مصدر المعلومة و قنوات بلوغ المعطيات و الوثائق التاريخية أو يصنف ضمن مربع النخبة الريفية و رجال الساسة أو ينتمي إلى عائلات المقاومة أو أشياء أخرى ، فالريف هو كيان لذاته لا ملكية لأحد عليه له هويته المتميزة عن أية ميولات سياسية و مذهبية و فكرية و ايديولوجية ، هويته مستمدة من صلابة جغرافيته التي انكسرت جبروت القوى الاستعمارية على أراضيه و الشاهد عن هذا حرب أنوال المجيدة وما تلها من أحداث الى اليوم ،،،، و تاريخه الحافل بالتجارب العريقة في البطولة و التحرير التي جسدت تميز واضح في تأسيس كيان مستقل لوجوده بعيدا عن أي نماذج لمفهوم الدولة المتداولة في بحور التخصصات الاكاديمية و إن لم نقل كان سباقا الى بناء نظام مؤسساتيا بكل جوانبه الادارية و العسكرية و المدنية منذ إمارة النكور وصولا الى جمهورية الريف، فالوعي لدى الريفيين منذ القدم كان مؤسساتيا يهدف بالاساس الى تنظيم حياتهم بقواعدهم الخاصة و فيها آليات جد مضبوطة و ليس بحاجة الى تنزيل لنموذج معين وهنا بيت القصيد و غاية المضمون الذي يُستنتج من توجهات من خطابات أبناء الريف سواء في الشتات أو الداخل عبر الرغبة الكبيرة الى إبراز تاريخهم و رموزهم بقوة و العودة الى روح العمل السياسي المنظم بغية تحقيق مضمون الاستقلال الكامل أو الحكم الذاتي للريف أو حتى التسيير الذاتي وفق قوانين التي تتناغم مع المقترحات و المسودات الخاصة في مجال التدبير السياسي المحلي و استلهام التجارب التي أسست لذلك نموذجها الجمهورية الريفية و التبجيل بقادة الجمهورية خاصة محمد بن عبد الكريم الخطابي و قادة الانتفاضات الريفية الباسلة الشريف أمزيان – سلام أمزيان – حدو أقشيش،،،. و النتيجة المعروفة في مجال الممارسة السياسية بالريف خاصة منذ أن حطت رحالها قوى حزبية و مؤسسات مرتبطة بالدولة داخل وسط المشهد المحلي، و التي عملت جاهدة على محو كل ما له الارتباط بمرحلة النضال الريفي التحريري و الاستعانة بأدوات منافية لكل لقيم الاختلاف و المنافسة الشريفة لاسيما أن الظرف أنذاك كان دقيقا و لازالت مشاريع الهيمنة الاستعمارية تتوسع في إغتصابها للمجال الترابي و السياسي خاصة في مرحلة قبيل الاستقلال ، و بما أن للريف آليات جد فعالة في مناهضة الاستعمار و إعتماده خيارات عدة في المواجهة شكل ذلك حرجا للقوى المتواجدة و المحسوبة على الحركة الوطنية خاصة حزب الاستقلال الذي استعان بملشياته لتصفية كل قنوات الارتباط مع خيار الخطابي ، و هي مدعومة بكل القوى المنضوية تحت يافطة الوطنية و حتى مؤسسة نظام الحكم لإجتثاث النموذج الريفي في التنظيم السياسي، بل فُرض على المنطقة حزام أمني يُجرم العمل السياسي و يشدد على الممارسة خارج نطاق التي حددها البلاط الملكي كحد أدنى و أقصى للممارسة السياسية، في المقابل إزدادت العلاقة قوة و متانة بين أبناء الريف بقضيتهم فقد أكدته ذلك غالبية الكتابات التاريخية و السياسية على الريف أنه لم يستطيع النظام الحاكم بالبلاد القضاء على الروابط المتينة بين الذاكرة و الواقع و التي تتعزز بشكل يومي في ذهنية الأجيال بفعل النتائج الملموسة للسياسات المتبعة كلها حافلة بسجلات مليئة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان (القتل و التعذيب و الترهيب و الاعتقال،،،) ومحاولات كثيرة لتدمير بنية الريف الجغرافية و الثقافية و التاريخية عبرتحويل مجالها الى للمضاربات السياسية المافيوية و خلق فضاءات تتقاتل عليها كائنات بشرية دورها بالاساس العمل على فرض كل مظاهر البيعة في الريف و إخضاعه الى دائرة النفوذ الأمني المركزي . اليوم و قرابة قرن من الزمن لازال الوعي الريفي في مستواه الفعال و المنتج على جميع الأصعدة الأكاديمية و السياسية و الفكرية و الثقافية منها ، و هذا الزخم الكبير في ابداعاته الغنية هي ثروة كبيرة تؤهلنا الى بلورة منظورا عميقا و عاما على تقديم الاجابات الضرورية و قابلية واسعة لخلق شروط النقاش الهادف و تفكيك الرموز الغامضة على الاسئلة المطروحة و من ضمنها : أي تنظيم يهدف الى تحقيق الاستمرار مع نموذج جمهورية الريف ؟ و هل الضرورة مناسبة لإعلان إستقلال الريف ؟ أم أن الظروف بالفعل غير مؤهلة لمثل هاته القرارات ؟ و أية أولوية للريفيين هم فيها بحاجة ماسة ؟ هل القطيعة مع الادارات المركزية هو القرار السديد أو المصلحة تدعوا الى فتح قنوات التواصل ؟ و هل الالتحام مع العرش الحاكم بالبلاد هو الخيار الأنجع لرفع تبعات الماضي و تحقيق إنصاف المنطقة ؟ وهل مثل هاته المواقف تخدم مصلحة الريف أم أنها تغذي خصوم الريف و أعدائه التاريخيين ؟ و غيرها . بالفعل الخطاب الريفي حقق قفزة نوعية على مستوى النضج المعرفي السياسي رغم وجود حالات كادت تعصف بالخيارات التاريخية الى الهاوية لاسيما في عملية التفاوض المباشر على قضايا الريف مع القصر مثلا خلال فترة الانصاف و المصالحة ، علما أنه دائما النسبية و التراكم النوعي هي أساس أي عملية في البناء و الصراع السياسي ، و المتغيرات المتسارعة للأحداث داخل خريطة المنطقة المتأثرة بالحراك الاجتماعي و السياسي العام مست عمق و كيان الريف فخلقت دينامية كبيرة رفعت اللبس على ادعاءات مغلوطة تحولت الى قاعدة عامة في المخيال الشفهي العامي يغلب عليها فكرة وجود طرف واحد يهيمن على المشهد العام لتعود قواعد السياسة الى نصابها الطبيعي و تتضح الصورة للعديدين أنه بيئتنا المحلية لم و لن تموت فيها القيم السياسية و الاخلاقية و النضالية و تفاعلاتها من أجل مستقبل أفضل ، فالثابت في المنطق و السائد وجود كتلتين متباعدتين في الخيار و القناعة ، و تنزيلا لفلسفة التوازن بين الصراع و التحالفات في حالات و محطات معينة تغلب كفة عن أخرى ، الأولى إختارت وجهة التفاعل مع السياسات الحاكمة و إنصهرت مع مضامين التوجهات التي تهدف الى تغيير معالم الريف و خلق مسالك مبنية على التقرب الى البلاطات و الاستفادة من خيراتها مع إلتفاتات بسيطة الى المنطقة و هذا الواقع دام عقود ، و إن مؤخرا إتخذ طابع آخر بحيت تجددت أدواته بحكم تغيير هرم الدولة و الفريق الجديد الموالي له حاول الاستفادة من تركة الماضي ومن الفراغ في العلاقة بين البلاط و الريف نتيجة التقادم للطاقم البشري المكلف بذلك فحاولوا الاستعانة برزمانة من الطرق و المناهج الجديدة لتكريس نظرية مواجهة " الألحاد من داخله " و هم على خطاهم سائرون ، و الثاني فقد حسم الموضوع منذ البداية حيث لا تنازل على الثوابت و إن هذا له مستويين فاصليين بين الثقافي المتوارث و السياسي و المتمارس و حتى الواقع المتغيير ، لذا دائما ما تعتمد على منطق التجدر و القطع مع كل مظاهر المصالحة و الطاعة و قرابين البيعة و هي مستعدة لأداء ضريبة النضال مهما بلغت درجتها ، وهذا ما لمسناه في النتائج القاسية وراء الحراك الشعبي بالحسيمة مخلفاته كارثية تحكمها الهواجس الأمنية، جرائم منظمة بمعناه العام هي خارج حدود العقل مثلا ما حدث في 20 فبراير2011 ( شهداء محرقة الحسيمة ) ، و خوفا من عودة الوعي الثوري أن يعود بشكل قوي ممزوجا بالحمولة السياسية الريفية المتميزة . إذا كل التحركات و المبادرات الريفية التي تعمل في اتجاه بلورة عمل يهدف الى خلق فكرة العودة الى الذات و البحث عن آليات تحتضنها و تقوي مردودها سواء تحت مسمى الاستقلال التام أو الحكم الذاتي أو التنظيم السياسي الريفي كلها تكرس نظرية إطارها العام مفاده أن الوعي الريفي إنتقل من مرحلة استهلاك الخطاب و الرويات الشفهية الممزوجة بلغة الحنين الى فصل آخر يقترن بالجواب على الممارسة السياسية و عن أي الإطار الصحيح يحتضن الخيارات الثلاثة و يقدم إجابات موضوعية توازي شروط الذات مع حجم المسؤولية ، و أنه كل العوامل التي تغذي شرايين الكيان الريفي تزداد قوة للتشبث بخيار رد الاعتبار للريف السياسي و التاريخي و أن البديل الحقيقي هو التوجه نحو بناء الذات المستقلة و الانتقال الى مستوى الاجابة على الانتظارات الريفية بعيدا عن عقلية أحكام قيمة وبل بلغة علمية و سياسية بشكل جماعي . تعليق