يمر على الإنسان لحظات يشعر فيها بالسعادة وأخري يشعر فيها بالحزن والاكتئاب، فها هي الدنيا كما يقولون ” يوم حلو ويوم مر”، ولكن لماذا يتذكر الإنسان الأمور السيئة التي مرت طيلة حياته أكثر من الأمور السعيدة، وفي هذا الصدد، طور علماء حبة يؤكدون إنها باستطاعتها محو الذكريات المؤلمة بعد التعرض لاضطرابات شديدة الوقع على النفس مثل الكوارث أو الحروب وما شابه. وأشار علماء هولنديين إلى أنهم استطاعوا محو الذكريات المؤلمة للبعض عن طريق أدوية ” بيتا- بلوكرز” التي توصف عادة لمرضى القلب. وأظهرت تجارب حديثة أجريت على بعض الحيوانات أن هذه الأدوية يمكن أن تؤثر على الطريقة التي يكوّن فيها الدماغ الذكريات وبخاصة المؤلمة منها. واختبر الدكتور ميركيل كينديت هذه الأدوية على 60 رجلاً وامرأة وذلك بعد تخويفهم بعرض صور عناكب وتعريضهم في الوقت نفسه لصدمات كهربائية خفيفة ثم طلب منهم تذكر تلك الصور لمعرفة طبيعة الربط بينها وبين الشعور بعدم الارتياح، كما سمع هؤلاء أصواتاً كانت تنطلق فجأة لمعرفة تأثرهم بها. وأوضح العلماء أن هذه الأدوية منعت الدماغ من استرجاع الذكريات المؤلمة، مشيرين إلى أنه بإمكانها “الأدوية” محو الذكريات السيئة حتى لو مضت سنوات عليها، مؤكدين إنه في حال تأكدت فعالية هذه الأدوية، فإنه قد يكون لها نتائج نفسية مدمرة لأنها قد تمنع الناس من التعلم من أخطائهم. وأكد الدكتور دانيال سوكول أن المسألة ليست ببساطة “إزالة وشم أو ثؤلولة”، مضيفاً إن إزالة الذكريات “سوف يغير هويتنا الشخصية لأن كينونتا مرتبطة بذكرياتنا”. الروائح تجلب الذكريات وجاءت دراسة حديثة لتؤكد أن الذاكرة تختزن بدقة أكبر تفاصيل الأحداث السيئة التي قد يصادفها الإنسان في حياته أكثر من الممتعة أو السارة. فعندما يشم الإنسان رائحة معينة فإن هذا يجلب الذكريات السعيدة أو المؤلمة، حيث يوجد جزء واحد من الدماغ مسؤول عن الذكريات وعن الروائح التي يشمها الإنسان. وأشار الباحث ستيفن شيا إلى أن هناك ارتباطاً بين الذكريات والروائح، قائلاً : “إننا نتذكر مثلاً دخول غرفة وشم شيء معين يستحضر ذكريات عاطفية حية أو نابضة حول عضو في عائلتنا ترجع إلى سنوات أو حتى عقود من الزمن”. وأجرى الباحث اختبارات علمية على مجموعة فئران لمعرفة الكيفية التي تتكون بها الذكريات وقوتها بعد تخديرها ومراقبة ردّات فعلها بعد عودتها إلى وعيها، ووجدت الدراسة تراجعاً قدره 40% في النشاط العصبي لمجموعة الفئران بعد إطلاق الخلايا العصبية لمادة “نورادرينالين” لديها مما يعني أن تذكرها لرائحة معينة كان قد بدأ في التكون، كما تبين أنه بعد يوم من عودة وعيها إليها تبدلت تصرفاتها تماماً. كما اكتشف علماء الأعصاب السر وراء ظاهرة تذكر أحداث معينة مثل ذكريات الطفولة أو الشباب من روائح خاصة. فقد وجد العلماء أن للدماغ البشري منطقة محددة تسجل الروائح وتخزنها ، مشيرين إلى أن هذه الظاهرة تسمى”بروستيان” نسبة للكاتب الفرنسي”مارسيل بروست”، الذي نشر إحدى رواياته العظيمة عن تذكر الماضي ، ويعتقد العلماء أن هذا الأمر يحدث بسبب وجود جزء منفصل في دماغ الانسان يخزن الروائح ويعالجها. ووجد العلماء أن الذكريات التي تنشطها الروائح قد تكون أقوى وأكثر عاطفية وتفصيلاً وإشراقاً من الذكريات المصاحبة للحواس الأخرى. وفسر علماء الأعصاب الأمر بأن حاسة الشم تؤثر في مناطق دماغية مثل القشرة الشمية ، المسؤولة عن معالجة الروائح، مشيرين إلى أن هذه الاكتشافات تساعد الأشخاص على تذكر ماضيهم، ومعالجة الأمراض والاضطرابات المرتبطة بالنسيان والذاكرة. تحديد المنطقة المسؤولة عن الذكريات كما كشفت دراسة أمريكية حديثة عن وجود منطقة بالدماغ البشرية تتيح للإنسان أن يمحو بإرادته الذكريات، مما يفتح المجال لابتكار وسائل علاج جديدة لمرضى الاكتئاب والقلق المرضي. وقال برندن ديبيو المشارك في وضع هذا البحث الذي نشرته مجلة ساينس الأمريكية: “أظهرنا في هذه الدراسة أن لدى الأفراد القدرة على تعلم محو احداث مؤلمة معينة من ذاكرتهم”. وأضاف: “نعتقد أننا حددنا الآليات العصبية لهذه الظاهرة ونأمل أن يتيح هذا الاكتشاف وما سيعقبه من أبحاث في المستقبل التوصل إلى وسائل علاج وأدوية جديدة لعلاج مجموعة من الاضطرابات الانفعالية”. وخلال فترة تدريب اضطر المشاركون إلى تخزين 40 صورة مرادفة في الذاكرة تتضمن وجه شخص محايد عاطفيا مرفقة بمشهد مزعج مثل جندي جريح أو حادث طريق، وعلى الآثر خضع هؤلاء الاشخاص لتجربة لتحديد ما اذا كان باستطاعتهم لدى رؤية الصورة المحايدة أن يتذكروا أو ينسوا عمدا الصورة المؤلمة المرفقة. وقد جرى تصوير دماغ هؤلاء بأشعة الرنين المغناطيسي التي تتيح تصوير العضو وهو يؤدي عمله الوظيفي. وأشار ديبيو المتخصص في علم الأعصاب في جامعة كولورادو، إلى أن عملية إلغاء الذاكرة تقع في قشرة الدماغ الامامية الواقعة خلف الجبين التي تعتبر موقع التحكم في الأفكار. واكتشف العلماء أن منطقتين في قشرة الدماغ هذه تعملان ترادفيا لتحييد نشاط مناطق أخرى محددة في الدماغ مثل منطقة الاعصاب البصرية ومنطقة تلافيف المخ واللوزتين التي تقوم بدور كبير في الذاكرة البصرية والعاطفية. واضافوا أن هذا البحث اظهر ان الاشخاص تمكنوا من التحكم في ذاكرتهم الشعورية من خلال وقف عمل بعض اجزاء الدماغ لمنع تذكر الاحداث المزعجة، مشيرين إلى أن هذه القدرة على النسيان كانت عاملا إيجابيا في التطور البشري. انتظار الألم أصعب من الألم نفسه أكد باحثون أن انتظار التعرض لشئ مؤلم يكون عند البعض أصعب من التعرض له بالفعل، كما أن إلهاء العقل عند مرحلة الانتظار ربما يكون أمراً مساعداً. وتوصلت الدراسة إلي أنه من بين 32 متطوعاً وافقوا علي التعرض لصدمات كهربائية علي أقدامهم، فإن البعض منهم شعروا بخوف شديد قبيل كل صدمة، إلي حد أنهم اختاروا التعرض لصدمات ذات جهد أعلي للتخلص من الصدمات بسرعة. وقد شعر هؤلاء الأشخاص الذين اختاروا الصدمات الأشد في زمن أقل بدرجة قصوي من الرعب شهدت نشاطاً أكبر في منطقة بالمخ لها علاقة بالالم والانتباه معاً. وأكد الباحثون إلى أن النتائج تشير إلي أن الرعب لا ينشأ من الخوف العادي، وإنما من انتباه المخ للحدث غير السار. محو الذكريات المؤلمة .. ممكن وفي نفس السياق، أكد علماء إيطاليون أن الأبحاث التى أجروها مؤخراً يمكن أن تساعد على التخلص من الذكريات المؤلمة التى لا يرغب البعض الاحتفاظ بها فى أدمغتهم. وقد أثبتت التجارب التى أجراها علماء فى جامعة تورينو على الفئران أنه بالإمكان تعديل الأصوات المخزنة فى الدماغ بواسطة الصدمات الكهربائية. وأشار قائد فريق الباحثين إلى أن الذكريات مثل أشياء سهلة العطب، تخزن فى أجزاء معينة من الدماغ، وهى مثل متاهات الموزييك، مشيراً إلى أن الأمر قد يتطلب أياماً لخزن الأشياء الصغيرة، وساعات قليلة لإعادة ترتيبها، مضيفاً أن أسوأ أنواع الذكريات هى التى يكون مصدرها المخيخ، وإذا تمكنا من إقفال ذلك الجزء يمكن عندها إجراء تعديل على الذاكرة. تاريخ التحديث :- توقيت جرينتش : الثلاثاء , 17 – 2 – 2009 الساعة : 8:48 صباحاً توقيت مكةالمكرمة : الثلاثاء , 17 – 2 – 2009 الساعة : 11:48 صباحاً