"وزارة التعليم" تعلن تسوية بعض الوضعيات الإدارية والمالية للموظفين    مسؤول فرنسي رفيع المستوى .. الجزائر صنيعة فرنسا ووجودها منذ قرون غير صحيح    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    "حماس": منفذ الطعن "مغربي بطل"    الكاف : المغرب أثبت دائما قدرته على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة يقلب الطاولة على بنفيكا في مباراة مثيرة (5-4)    ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    "سبيس إكس" تطلق 21 قمرا صناعيا إلى الفضاء    الحاجب : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد (فيديو)    ارتفاع عدد ليالي المبيت السياحي بالصويرة    كأس أمم إفريقيا 2025 .. "الكاف" يؤكد قدرة المغرب على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    "البام" يدافع عن حصيلة المنصوري ويدعو إلى تفعيل ميثاق الأغلبية    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    تركيا.. ارتفاع حصيلة ضحايا حريق منتجع للتزلج إلى 76 قتيلا وعشرات الجرحى    التحضير لعملية "الحريك" يُطيح ب3 أشخاص في يد أمن الحسيمة    لمواجهة آثار موجات البرد.. عامل الحسيمة يترأس اجتماعًا للجنة اليقظة    الحكومة: سعر السردين لا ينبغي أن يتجاوز 17 درهما ويجب التصدي لفوضى المضاربات    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    تركيا.. يوم حداد وطني إثر حريق منتجع التزلج الذي أودى بحياة 66 شخصا    وزارة التربية الوطنية تعلن صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور الأساتذة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مطالب في مجلس المستشارين بتأجيل مناقشة مشروع قانون الإضراب    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    توقيع اتفاق لإنجاز ميناء أكادير الجاف    مجلس المنافسة يكشف ربح الشركات في المغرب عن كل لتر تبيعه من الوقود    الدفاع الجديدي ينفصل عن المدرب    اليوبي يؤكد انتقال داء "بوحمرون" إلى وباء    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    هل بسبب تصريحاته حول الجيش الملكي؟.. تأجيل حفل فرقة "هوبا هوبا سبيريت" لأجل غير مسمى    أنشيلوتي ينفي خبر مغادرته ريال مدريد في نهاية الموسم    المجلس الحكومي يتدارس مشروع قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة    ندوة بالدارالبيضاء حول الإرث العلمي والفكر الإصلاحي للعلامة المؤرخ محمد ابن الموقت المراكشي    المبادلات التجارية بين المغرب والبرازيل تبلغ 2,77 مليار دولار في 2024    الغازوال والبنزين.. انخفاض رقم المعاملات إلى 20,16 مليار درهم في الربع الثالث من 2024    مطالب برلمانية بتقييم حصيلة برنامج التخفيف من آثار الجفاف الذي كلف 20 مليار درهم    تشيكيا تستقبل رماد الكاتب الشهير الراحل "ميلان كونديرا"    انفجار في ميناء برشلونة يسفر عن وفاة وإصابة خطيرة    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    العمراني : المغرب يؤكد عزمه تعزيز التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد تنصيب ترامب    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    ترامب يوقع أمرا ينص على انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية    إيلون ماسك يثير جدلا واسعا بتأدية "تحية هتلر" في حفل تنصيب ترامب    ترامب: "لست واثقا" من إمكانية صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    المغرب يدعو إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    دوري أبطال أوروبا.. مواجهات نارية تقترب من الحسم    ياسين بونو يتوج بجائزة أفضل تصد في الدوري السعودي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    القارة العجوز ديموغرافيا ، هل تنتقل إلى العجز الحضاري مع رئاسة ترامب لأمريكا … ؟    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإقصائيات الإقليمية لمسرح الشباب بالناظور لموسم 2009
نشر في أريفينو يوم 04 - 02 - 2009

الدكتور جميل حمداوي / عضو الجمعية العربية لنقاد المسرح
إضاءة:
نظمت نيابة إقليم الناظور التابعة لوزارة الشبيبة والرياضة أيام30
و 31يناير وفاتح فبراير 2009م بالمركب الثقافي بالناظور الإقصائيات الإقليمية لمسرح الشباب لموسم 2009م استعدادا للإقصائيات الجهوية التي ستتم بمدينة وجدة قصد الظفر بأهلية المشاركة في مسابقة المسرح الوطني السادس الذي سينعقد بعاصمة المملكة المغربية في بداية شهر أبريل من نفس السنة.
هذا، وقد شاركت ست فرق مسرحية في هذه التظاهرة الفنية التي تحولت إلى عرس مسرحي انتهى بتوزيع الجوائز على جميع الفرق المشاركة بدون استثناء.
وإليكم تقريرا مركبا ينصب على قراءة العروض المسرحية من وجهة نظر صاحبها، وليس من وجهة نظر لجنة التحكيم التي كان فيها الناقد عضوا بارزا ، وقد تباينت فيها الآراء على مستوى تقويم العروض وتقييمها لاختلاف المرجعيات الفكرية والعلمية بين أعضائها نظريا وتطبيقيا.
قدم النادي الجامعي لمسرح الشباب بزايو مسرحية:” نساء الزابوق”، وهي من تأليف سلوى الروكي، وإخراج ماجدة بناني.
تتناول هذه المسرحية ظاهرة التهريب بالشمال الشرقي من المغرب، وما يعانيه المهربون والمهربات من المآسي والويلات من جراء قسوة المخزن المغربي ومضايقات الشرطة الحدودية الإسبانية. لكن ستحدث مصيبة كبرى لم يحسب لها أي حساب حينما سيقتل أحد القوات المساعدة المغربية مهربة فقيرة مستعملا ضدها أسلوب القسوة المشينة وهستيريا القوة والجنون للتعبير عن حقده وغضبه اللاشعوري وخيبة أمله في تأمين حياته بسبب التسلط والتجبر في اتخاذ القرارات السياسية ذات الطابع التنفيذي.
ومن هنا، فالمسرحية ذات طابع تراجيدي مأساوي تذكرنا بمسرح القسوة لدى أنطونين أرطو، وتحيلنا أيضا على نظرية التطهير لدى أرسطو لكونها تثير الخوف والفزع ، وتستفز الجمهور وجدانيا ونفسانيا.
وتتكون المسرحية من مجموعة من المشاهد الدرامية كمشهد المراقبة والتفتيش، ومشهد العنف والقسوة، ومشهد الهروب، ومشهد الصراخ والاحتجاج، ومشهد القتل، ومشهد الندم، ومشهد الوطنية. بيد أن المشهدين الأخيرين فيهما نوع من التكلف والتصنع، ويتضح ذلك أيضا عبر تقديم مجموعة من الشعارات الوطنية بدون رابط منطقي أو وصل سببي.
وعلى أي، فالمسرحية نقد للواقع المغربي وتعرية لتناقضاته الجدلية الصارخة ، وثورة على السلطة المغربية اللامبالية، وتشخيص مر لواقع التهريب وآفاته السلبية، كما توجه في طياتها رسالة مستقبلية للمسؤولين للتفكير جديا في وضعية المهربين وإيجاد فرص العمل المناسبة لهذه الشريحة المهمشة للحفاظ على كرامتهم الآدمية وأنفتهم البشرية.
وتتكئ المسرحية على المزج بين العربية والأمازيغية، واستعمال سينوغرافيا باهتة تعتمد على الإضاءة التموجية والكوليغرافيا الصراعية التي تتقابل فيها الشخصيات الدرامية لتشخيص مدى أحقيتها في تملك الأرض والتشبث بالوطن، لننتقل بعد ذلك كمشاهدين إلى الحدث الدرامي الرئيس الذي يتمثل في مواجهة المهربات بقسوة وعنف . ثم، ينتهي العرض بالندم واللوم والعتاب والارتماء بين أحضان الوطن.
ومن هنا، تترجم لنا هذه المسرحية قسوة السلطة وعنفها المأساوي وانبطاح الواقع المغربي وتخلف بنياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.
ولقد أظهرت الممثلات كفاءة لابأس بها في التموقع فوق الركح المشهدي وفي تحقيق التواصل اللفظي وغير اللفظي. كما استطاع الممثل محمد العشاش أن يرعب الجمهور بفظاظته وقسوته ، لكنه في الأخير استسلم لخطاب الخنوع والبكائية الدرامية ، وهذا يتنافى مع هيبة السلطة وقوة المخزن المغربي الذي لايعرف سوى البطش واستخدام القوة النافذة ضد الآخر الرافض أو المحتج أو الصارخ أو المتمرد.
ويلاحظ أن المسرحية واقعية الاتجاه تنقل الواقع بحرفية مباشرة من خلال محاكاة سطحية انعكاسية. وبالتالي، تخلو المسرحية من متعة فنية وجمالية وفائدة إخراجية. أي إن المسرحية تعيد لنا الواقع بكل مقوماته المرئية الخارجية دون إمتاع جمالي على مستوى الفرجة الدرامية وتشغيل المكونات السينوغرافية وتوظيف التقنيات الدراماتورجية.
ويعني هذا أن الاشتغال على النص الجيد أو اختيار موضوع آني ومعاصر في غياب استيتيقا درامية وفرجة بصرية لايسمو دائما بالمسرح ويعلو به في سماء المجد والشهرة والإعجاب الجماهيري. ونقول بكل وضوح وجلاء: إن المسرح فائدة ومتعة على حد سواء، كما أنه دلالة وصياغة جمالية، بل هو بكل تأكيد قطعي فرجة بصرية قبل كل شيء.
وعلى العموم، فمسرحية ” نساء الزابوق” مسرحية واقعية من حيث المضمون والطرح، وكلاسيكية من حيث الشكل والبناء والقالب الفني، اشتغلت على المضمون الواقعي بكل حرفية مرآوية وسطحية مباشرة . وفي نفس الوقت، لم تستثمر تقنيات الإخراج والتمثيل، ولم تستوعب بشكل جيد التصورات الدرامية الناجعة لتحقيق فرجة مسرحية هادفة وممتعة في آن معا.
قدم نادي إصفظاون لمسرح الشباب أزغنغان مسرحية” ثيرجا برا ثيري- حلم بلا ظل” من تأليف: عبد الله أنس، وإخراج أحمد علاوي.
تتسم هذه المسرحية بطابعها التجريدي الرمزي على غرار مسرحية” تشومعات/ الشمعة” لعبد الواحد الزوكي ومسرحية “ثيوجيرت/ اليتيمة” لمحمد بن سعيد وعروض المسرح الحسيمي التجريدي الذي أرسى دعائمه في منطقة الريف المخرج القدير شعيب المسعودي. ويعني هذا أن مسرحية” ثيرجا برا ثيري” ليست مسرحية عادية أو مباشرة كمسرحية ” نساء الزابوق” ، بل هي مسرحية حداثية تنحو منحى التجريب والتحديث، وتحمل علامات سيميائية مفتوحة وموحية، ولايمكن فهمها إلا من قبل الذين يستطيعون تفكيك العلامات البصرية السيميائية الدرامية سواء أكانت لفظية أم غير لفظية.
هذا، وتبتدئ المسرحية بتكسير الجدار الرابع واستثمار تقنيات بريخت في تشغيل المرويات السردية واستثمار الأشعار واعتماد المنولوجات المباشرة قصد التواصل مع الجمهور. كما استندت المسرحية إلى توظيف تقنية الراوي le chœur اليوناني لسرد القصة وتمطيطها عبر مشاهد فرجوية تم تجسيدها من قبل الممثلين الرئيسيين بطريقة ميزانسينية حركية وجسدية فوق الركح.
وبعد خروج الراوي من وسط الخشبة الدرامية، يدخل الممثلون الأقطاب إلى الركح ليقدموا مسرحية العبث والضياع والصراخ والاحتجاج في قالب مأساوي يقوم على الباروديا والتهجين والسخرية من الواقع الموبوء بالقيم المنحطة والمفلس أخلاقيا والمنبطح على جميع البنى والمستويات المادية والذهنية . وقد أحسن الممثلون اختيار التموقع التواصلي المناسب فوق الخشبة وسطا ويمنة ويسرة، فاختاروا المثلث الدرامي لتقديم فرجتهم البصرية مع الانتقال مرة إلى الخشبة الخلفية أو إلى الخشبة الأمامية للتواصل مع الجمهور أو تغيير المشاهد والمواقف مستخدمين في ذلك الديكور الوظيفي المركب.
هذا، وتعرض المسرحية رسالة القهر وثنائية الخير والشر وسخرية السلطة في قالب سوداوي تراجيدي يقوم على فلسفة الجنون والضحك والعبث، ويذكرنا هذا العرض في تجلياته الكبرى وتقاسيمه الفنية وملامحه التشخيصية بمسرح اللامعقول أو بمسرح العبث الغربي كما لدى صمويل بيكيت ويونيسكو وأرابال وصمويل بيكيت وألفرد جاري.
ومن الأدلة المحيلة على عبثية العرض المسرحي اللجوء إلى خطاب الصمت والصراخ، واستعمال الضحك بشكل جنوني هستيري ، وتشغيل الكوليغرافيا الرمزية المجردة، واستعمال بيوميكانيك رمزية تعبر عن سيزيفية الإنسان المستلب في واقعنا الرقمي المشيإ، وتصوير مدى انسحاقه أمام متاريس السلطة اللعينة، والإحساس بالغرابة والوحدة وضياع الحقيقة.
وقد يبدو للبعض من المشاهدين الذين لايفهموم إلا الظاهر من الفرجة الدرامية، وقد عود نفسه طويلا على رؤية المسرحيات الكلاسيكية التاريخية أو الواقعية أو الرومانسية ، أن النص مشتت ومبعثر وغير مفهوم. بيد أن الحقيقة عكس ذلك، فالنص واضح بعلاماته الرمزية والسيميائية التي تستوجب تفكيك شفرات الممثلين وتحليل إرسالياتهم المتبادلة التي كانت تنسج ثنائية البياض والسواد. وتعكس هذه الثنائية المتقابلة دلاليا تمزق الإنسان المعاصر في ظل أنظمة الجور والظلم مع العزف دراميا على سيمفونية الألم والأمل والنقر على إيقاع جدلية الحاضر والمستقبل.
وتطفح المسرحية بمجموعة من التقنيات الإخراجية الممتعة كتشغيل الجسد سيميائيا وتجريديا، واستخدام تقنية الكروتيسك والبيوميكانيك، والتركيز على الممثل القطب الذي يتمثل في عبد الله أنس الذي يعد من أحسن الممثلين بمنطقة الريف إلى جانب طارق العاطفي ومصطفى بنعلال والطيب المعاش ومحمد عليلوش وآخرين.
ومن حسنات هذا الممثل الجاد أنه يلعب بجسده جيدا، ويطوعه فنيا وجماليا ضمن مختلف الصيغ والأشكال الكوليغرافية كيفما يشاء بطريقة وظيفية وممتعة وهادفة، وينتقل فوق خشبة المسرح انتقالا مضبوطا ومحكما، ويتقن التمثيل دراية وعشقا وحبا ومعايشة .
كما أظهر أحمد علاوي في عرضه المسرحي هذا قدرات إخراجية معتبرة ستجعله – إن شاء الله- من المخرجين المتميزين بمنطقة الريف عاجلا أو آجلا مادام قد اتجه نحو التجريب والانزياح الحداثي ، فتجاوز الأنماط الواقعية والتاريخية المستهلكة كما نجد ذلك واضحا لدى بعض مخرجي منطقة الريف كفخر الدين العمراني وفاروق أزنابط وعمرو خلوقي وماجدة بناني على سبيل التمثيل.
وعليه، فمسرحية” ثيرجا بلا ثيري” مسرحية شعرية تجريدية رمزية تطرح تيمة العبث والأحلام المقهورة في قالب تراجيدي احتجاجي فلسفي، كما تزاوج بين الفائدة المعرفية والمتعة الفنية. لذا، استطاعت هذه المسرحية أن تنجح في توظيف بعض المؤثرات الصوتية والضوئية المناسبة.
ومن الهنات التي وقعت فيها هذه المسرحية السقوط في الرتابة الحوارية وكثرة الفراغ القاتل وانقطاع الحوار بين الشخصيات في بعض الأحيان ، وتفكك النص في بعض المشاهد الدرامية على مستوى التلقي والتقبل، ناهيك عن هيمنة المنولوجات السلبية الطويلة التي ينفر منها المشاهد .
لذا، تستوجب هذه المسرحية إعادة تركيب بعض مشاهدها من جديد عبر خلق حوارات حيوية في إطار تواصل ديناميكي منساب بشكل متسلسل ومتسق ومنسجم ومتعاقب دون الاستطراد في الكلام والإطالة في الصمت غير الوظيفي مع إزالة الفراغات الزائدة وضرورة ملء النقط البيضاء.
وعلى الرغم من هذه الملاحظات الوجيهة ، فالمسرحية ناجحة بكل مقاييس النجاح ، وتستحق منا كل التنويه والإشادة بسبب طابعها التجريبي الحداثي وخروجها عن القالب المسرحي الكلاسيكي المعتاد والمألوف الذي هيمن لفترة طويلة على المسرح الأمازيغي بمنطقة الريف.
شارك نادي مسرح الشباب الصدى بتاويمة بمسرحية”الصفر”، وهي من تأليف: حسن كرفاش، وإخراج حسن كرفاش ورشيد الديب.
وتعالج مسرحية ” الصفر” قضية الإنسان بصفة عامة وقضية الإنسان المهمش بصفة خاصة، حيث يتحول هذا الكائن البشري في هذا العالم الموبوء أخلاقيا والمنبطح قيميا إلى رقم تافه كباقي الأرقام المستلبة الأخرى التي لاقرار لها ولا مستقبل ولا فائدة تذكر.
ومن هنا، تطرح المسرحية أسئلة فلسفية وجودية تتعلق بالذات الإنسانية ومصيره الكينوني والأنطولوجي في ظل أوضاع عالمنا المعاصر المعروف بويلات الحروب والمآسي والتناقضات المتشعبة المريرة.
بيد أن المسرحية فنيا وجماليا وسينوغرافيا محاولة فاشلة وميتة، ولايمكن اعتبار هذا العرض عملا مسرحيا بمقاييس الدراماتورجيا على الرغم من الديكور الرومانسي الجميل.
لذا، ننصح الطاقم الفني بالدراسة والبحث والتنقيب في مجال المسرح ومتابعة العروض المسرحية بشكل مستمر ودائم ومواكبتها فرجة وقراءة وكتابة.
شارك نادي الروان لمسرح الشباب بن الطيب بمسرحية” الهجرة السرية” من تأليف : وليد كتافي ، وإخراج عبد الله الرياني.
ترصد هذه المسرحية واقع الهجرة السرية بالمعالجة الدرامية عن طريق استنطاق الهاربين والتحقيق معهم قضائيا وإرغامهم على البقاء بأرض الوطن لتنميتها حضاريا وتحقيق تقدمها وازدهارها، والرفع من مستواها بين الأمم الراقية.
لكن هذه المسرحية ليست مسرحية بالمفهوم الحقيقي، بل هي بمثابة سكيتش مدرسي مضحك ينقصه كثير من المواصفات المسرحية ليصبح عرضا دراماتورجيا جديرا بالاحترام والثناء.
قدم نادي آفاق للمسرح والتربية بميضار مسرحية بعنوان” ءاباحري ذار موجاث/ البحار والموجة” من تأليف وإخراج الفجوني شاكر.
تنقل لنا هذه المسرحية واقع الريف المهمش بكل تناقضاته المأساوية الكارثية ، حيث ترى شخوص المسرحية أن الحل للخروج من المعاناة المريرة والمأساة الفجائعية هو الهجرة السرية والاتجار في المخدرات، فتنتهي المسرحية إيقاعيا بالموت والتفكير في الهوية والتشبث بالأرض .
يلاحظ أن هذه المسرحية الواقعية فقيرة من الناحية الفنية والجمالية، وتخلو من المقومات الإخراجية الحقيقية على الرغم من قدرات الممثل محمد عليلوش الذي أظهر براعة كبيرة في مجال التمثيل والتشخيص.
عرض نادي ثازيري لمسرح الشباب بالناظور مسرحية:” مشهد قبل البداية” لمحمد السحساح وإخراج محمد بوغرضاين.
تندرج المسرحية ضمن ما يسمى بالاتجاه الميتامسرحي حيث تعالج المسرحية قضية الفنان في مجتمع الاغتراب والاستلاب والتشييء، كما تنصب دلاليا حول وظيفة الفن المسرحي في الحياة وما يقدمه من إضاءات هامة لمشاكل الإنسان.
تبتدئ المسرحية بالاستعداد لتقديم الفرجة المسرحية للجمهور، لكن أحد المشردين سيقتحم المسرح في حضور مديره الفني ليقدم مجموعة من اللوحات المشهدية المنتزعة من الواقع، والتي تعبر عن حالته المزرية وحالة أسرته المأساوية.
بيد أن المدير سيخبر الشرطة بوضعية هذا المشرد، فتضطر لمعاقبته ومحاسبته حسابا عسيرا. وتنتهي المسرحية بشلل معظم أفراد الأسرة وانبطاحهم واقعيا ووجوديا تعبيرا عن ضآلة الإنسان المقهور الذي يعاني الكثير والكثير في مجتمعاتنا المتسلطة.
وعلى الرغم من التوظيف الفني والجمالي لبعض التقنيات والتصورات الإخراجية، فالمسرحية مازالت لم تتخلص من إسار المسرح المدرسي ، ناهيك عن وقوعها في مجموعة من الثغرات الفنية كالتطويل في المنولوجات الفردية الطويلة المملة، والتركيز على الممثل القطب، وانعدام الحيوية، والخلل في الحوار، ورتابة التواصل اللفظي وغير اللفظي، وغياب الاستثمار الجيد لمعظم المكونات السينوغرافية والدرامية التي تحقق الفائدة والمتعة الفنية.
وعلى أي، فعلى الرغم من الطابع الميتامسرحي للعرض، فيبقى العمل فقيرا فنيا وجماليا يحتاج إلى المعالجة الدراماتورجية والتحبيك الدرامي والانسجام الجماعي وتشخيص النص بشكل تقني توظف فيها كل مقومات الفرجة البصرية المثلى.
نلاحظ بكل نزاهة وموضوعية أن مسرح الشباب لهذا الموسم تراجع فنيا وجماليا في مدينة الناظور باستثناء عرض أزغنغان:” ثيرجا برا ثيري” بسبب ضآلة مستوى الممثلين والمخرجين، وانعدام فرص التكوين والتأطير والتأهيل، وانعدام قاعات التداريب المسرحية ، وغياب معهد للتمثيل والتنشيط الثقافي. دون أن ننسى عدم اطلاع هؤلاء الممثلين والمخرجين على جديد المسرح المعاصر سواء في الغرب أم في العالم العربي، وعدم الخروج من شرنقة المسرح المدرسي أو التخلص من مقومات مسرح الطفل للانتقال إلى مسرح الفن.
لذا، أوجه مجموعة من النصائح والتوصيات للمسؤولين عن قطاع الشباب وأحصرها في النقط التالية:
– ضرورة بناء دور الشباب في المدن التي لم تبن فيها بعد لاستقطاب الشبان المولعين بفن المسرح؛
– إنشاء قاعات للعروض المسرحية؛
– تكوين الشباب وتأطيرهم سنويا في مجال المسرح نظريا وتطبيقيا عبر مجموعة من الورشات المتنوعة محليا وجهويا ووطنيا؛
– إصدار كراسات وكتب في مجال المسرح لتوزيعها على الشباب المتذوق لفن المسرح؛
– توثيق مسرح الشباب وأرشفته ورقيا و رقميا؛
– تخصيص ميزانية محترمة لمسرح الشباب بكل مكوناته إقليميا وجهويا ووطنيا؛
– ضرورة تكوين المخرجين الشباب والممثلين المتميزين والمؤلفين ضمن ورشات التكوين ضمن الإقصائيات الوطنية؛
– عقد جلسة تقويمية عامة أو خاصة تنصب حول واقع مسرح الشباب وآفاقه يشارك فيها المسؤولون عن القطاع بمعية المثقفين الفاعلين في هذا المجال؛
– تقديم منح تشجيعية للفرق الفائزة في الإقصائيات الإقليمية والجهوية و الوطنية لمساعدتها على العطاء والإنتاج؛
– تخصيص تعويضات مادية ومعنوية متفاوتة للجنة التحكيم الوطنية؛
– توثيق جميع المهرجانات الوطنية بالدراسة النقدية وأرشفتها رقميا؛
– عقد جلسات حوارية هادفة بين لجنة التحكيم والفرق المشاركة في إقصائيات مسرح الشباب للاطلاع على معايير التقويم ومواطن القوة والضعف في عروضهم المسرحية مع تقديم مجموعة من التوجيهات والنصائح الضرورية؛
– إرسال الوزارة للفرق الفائزة وأطر لجان التحكيم المتميزين للمشاركة ضمن المهرجانات العربية والدولية لمسرح الشباب قصد التعلم والاستفادة والاطلاع على تجارب الآخرين.
خاتمة:
وخلاصة القول: لقد نجحت وزارة الشباب والرياضة المغربية حينما شمرت عن ساعدها لإخراج مهرجان مسرح الشباب من طابعه التصوري النظري إلى حيز الوجود عبر استقطاب النوادي والفرق والجمعيات الفاعلة في إطار دور الشباب والرياضة لتهتم بالفعل الدرامي عبر المشاركة في مجموعة من الإقصائيات الإقليمية والجهوية والوطنية.
ومن هنا، فقد قدمت الوزارة الوصية ، مشكورة على مجهوداتها الجبارة حسب طاقاتها المتوفرة وإمكانياتها المتواضعة ، خدمات جلى لمسرح الشباب بصفة خاصة والثقافة المغربية بصفة عامة بسبب كثرة العروض المقدمة فوق خشبات المسارح الإقليمية انطلاقا من تيمات متشعبة ومواضيع متنوعة وعرضها بمستويات فنية مختلفة ضمن تيارات مدرسية متنوعة مضمونا وصياغة ورؤية وتشكيلا .
1- مسرحية: ” نساء الزابوق”
2- مسرحية ” ثيرجا برا ثيري- حلم بلا ظل”
3- مسرحية” الصفر”
4- مسرحية ” الهجرة السرية”
5- مسرحية ” ءاباحري ذار موجاث”
6- مسرحية:” مشهد قبل البداية”
7- تقويم عام:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.