“بارك الله لكم في رمضان و أيامه و أعانكم على صيامه و قيامه و بلغكم أجر ليلة القدر و كتبنا و إياكم من العتقاء من النار في آخر أيامه أخوكم الدكتور بويعقوب” بهذه الكلمات العطرة ودع الدكتور فتح الله بويعقوب أصدقائه و زملائه و معارفه، بهذه الرسالة الهاتفية التي يقول أصدقائه أنها كانت أول رسالة تهنئة برمضان تصلهم الأربعاء الماضي ودع البروفيسور عائلته الصغيرة و الكبيرة داعيا الله لنفسه و للجميع أن يبلغهم أجر رمضان… أزعم أني بهذه الكلمات أجرؤ في غير موضع أن أرثي أخا و صديقا و لست أولى بهذا المنبر، فقد عاصره و آخاه و صادقه طيلة مسيرته بسيطولاسار و أزغنغان و ثانوية الخطابي و بعدها طيلة مشواره المهني بالرباط ثم بالناظور العشرات ممن هم أقدر مني و أعرف مني به و بمناقبه، و لكن ذكرى الفقيد ملك في الحقيقة لكل أفراد عائلته الكبيرة ممن عرفوه و عاشروه و سمعوا منه و عنه و فجعوا في رحيله… رحل الدكتور بويعقوب و في قلب كل منا غصة، رحل في لحظة دون ان تكون لديه فرصة لإنعاش و إنقاذ كما كانت لدى عشرات و مئات آخرين أستدعي هو على عجل لينقذهم من بين براثن الموت… رحل الدكتور بويعقوب و خلف وراءه دعوات المئات و الآلاف من المرضى الذين عالجهم و داواهم و كان بأمر و فضل من الله بلسما لمعاناتهم وأملا لباقي أيامهم… رحل الفقيد و خلف وراءه مرضاه و زملائه و أصدقائه يحكون عنه، رحل في واجهة الإعلام و الاحداث كما رفض دائما أن يكون، رحل و ترك لمعاصريه كأي بطل أن يحكوا عنه ما كان يرفض في حياته أن يحكيه عن نفسه، فعاش و رحل جنديا مجهولا لا يعلم إلا قلة من أصدقائه كم العمليات الجراحية التي أجراها لفقراء بدون مقابل و كم العلاجات و المتابعات الطبية التي ساهم بها في إنقاذ حياة أشخاص بدون مقابل و كم الإلتزام المهني اليومي الشاق و المضني حرصا على مسار علاج مرضاه… رحل تبكيه عائلته الصغيرة كأب و زوج حنون، رحل سعيدا بتخرج إبنه من الباكالوريا و بمسار الطب الذي ينتظره خليفة لأبيه، رحل يبكيه اصدقائه الذين عرفوه شهما متواضعا كريما صديقا حقا في الشدائد، رحلت تبكيه عائلته السياسية التي عرفته حريصا على إنكار ذاته راغبا في العمل من أجل مدينته دون ضجيج و دون حب ظهور، رحل يبكيه مرضاه طبيبا محنكا ودودا متفاهما متبسطا مترفعا عن حطام الدنيا، رحل أبكيه اخا عزيزا وقف معي في محنة والدتي الصحية وقفة الرجال و مني مئات و مئات… رحل و زاده بين يدي ربه عمله و دعواتي و دعوات مرضاه و أصدقائه و معارفه و كل من سمع منه و عنه… رحل و هل تكفي الكلمات في وصف الرحيل… “وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ”