تحولت الناظور خلال الاسابيع الماضية الى قبلة للاجئين السوريين الراغبين في العبور بأي ثمن الى الفردوس الاوربي عبر مليلية المحتلة. لكن الناظور سرعان ما تحولت من منطقة عبور الى محطة للإقامة المؤقتة بفعل تزايد اعداد اللاجئين لعدة أسباب من اهمها: * نجاح المئات من السوريين في العبور لمليلية خلال الأسابيع الاولى و قرار سلطات اسبانيا نقلهم بسرعة لإسبانيا مما نشر الخبر أكثر في أوساط السوريين الراغبين في القدوم. * استعمال السلطات الامنية لمقاربة هادئة اتجاه اللاجئين فهي لا تعتقلهم و لا ترحلهم. * التعاطف الكبير الذي لقيه اللاجئون من طرف العائلات الناظورية التي ساعدتهم على تدبير مصاريف حياتهم اليومية. و لكن هذا التوافد الطبيعي في بداياته سرعان ما تحول الى قضية مركبة بدخول مافيا تهريب البشر على الخط و شكوى سلطات مليلية من تواطئ عناصر الامن المغربي بمعبر بني انصار مع السوريين الحاملين لجوازات سفر مغربية مزورة مما حول عملية اللجوء هذه ليافطة معلقة فوق ممارسات لا علاقة لها بما هو إنساني أو حقوقي. و هذا ما سنتطرق له بالتفصيل على امتداد الحلقات الخمس لهذا التحليل الاخباري. من هم فعلا اللاجئون السوريون بالناظور؟ هل كلهم يحملون على جوازات سفرهم هوياتهم الحقيقية؟ هل من الممكن ان يتسلل جهاديون تابعون للدولة الاسلامية في العراق و الشام او جبهة النصرة بين هؤلاء اللاجئين و ينفذون عمليات انتقامية ما بالمنطقة؟ هل تفكيك المخابرات المتواصل منذ شهور لخلايا بالناظور تساعد مغاربة على الهجرة للجهاد بسوريا سبب قد يدفع طرفا ما للانتقام منهم؟ هل من الممكن استعمال الناظور منطقة عبور نحو مليلية و اوربا لهؤلاء الجهاديين المندسين المفترضين؟ هل هناك مؤشرات واقعية كافية بمعايير المخابرات تدل على ان أي شيئ من هذا لن يحدث بالناظور؟؟؟ طبعا هذه أسئلة تبدو مستغربة لأول وهلة، و عدد منها لا يمكننا الاجابة عليه الىن حتى لو كنا نملك جزء من الإجابة… و لكن من يراقب و لو من بعيد تحركات أجهزة المخابرات و الامن و السلطة بالناظور اتجاه اللاجئين السوريين عليه ان يراجع استغرابه… عموما فإن من يصل الى الناظور من اللاجئين لا بد ان يكون قد مر على عدد من الخطوط الامنية و لكن هذا لا يعني البتة ان الأمن و الامان يحوم حول تواجدهم بين ظهرانينا.. و الواقع ان اعين المقدمين و الشيوخ و مستخدمي و اصحاب بعض الفنادق و معهم كوكبة من رجال الاستعلامات العامة و المخابرات الداخلية DST لا تغفل اعينهم عن تحركات هؤلاء اللاجئين سواء الفردية في جولاتهم في مختلف مناطق المدينة او في تجمعاتهم في فنادق المحطة و الفندق المركزي و باقي الفنادق غير المصنفة و لا حتى للمنازل التي يكترونها في احياء المدينة الهامشية… و إذا كان موقف الدولة الداعم للثورة السورية يستوجب منها فتح الابواب للاجئين و عدم التضييق عليهم فإن منطقة حدودية كالناظور لها حسابات امنية مميزة، خاصة و اننا نعلم الآن ان هؤلاء اللاجئين السوريين ليسوا بالضرورة سوريين و إن كانوا فليسوا بالضرورة هاربين من جحيم الاسد و ان عددا منهم عراقيون و لبنانيون و اكراد صدرتهم مافيا تهريب البشر لانتهاز الفرصة و البحث عن العبور الى الفردوس الاوربي لا أقل و لا اكثر… و لأن الامور تزداد صعوبة على الاجهزة الامنية حين يكون عليها الوقوف امام الحقوق الإنسانية و القانونية لهؤلاء اللاجئين، بل و التظاهر باحترامها بشكل كامل "و هو ما يحدث الآن بالناظور" ، فإن أفضل ما يمكن فعله هو درء أكبر عدد من الخطر عبر سياسة تروم تقليص اعداد اللاجئين لأقصى حد ممكن عبر مزيد من التشدد على الحدود "تذكروا الغضب المغربي على الجزائر قبل ايام حين ساعد الجزائريون لاجئين على العبور الى المغرب" و لكن أيضا عبر سياسة تدعم انتقالهم بسرعة الى مليلية و لو بإغماض الأعين في الحدود ببني انصار التي لا نتذكر ان أي شرطي بها قبض على أي سوري في سيارة متجهة لمليلية؟؟؟ و حتى في عمليات تفكيك شبكات تهجير السوريين بجوازات السفر الناظورية، فإن المتابعين يؤكدون انها لم تشمل سوى جزء يسير من المنظومة و أغلبها للاستهلاك الاعلامي و درء الغضب الاسباني الذي يستغرب سلاسة مرور العشرات الى مليلية دون أن يقبض عليهم أحد في الجهة المغربية من معبر بني انصار. لذا و على سبيل الخلاصة، فإن المخابرات المغربية و أذرعها من رجال الاستعلامات RG و أعوان السلطة الترابية يستيقظون كل صباح على معركة يومية لإبقاء أوضاع اللاجئين السوريين بالناظور تحت السيطرة الامنية و باستعمال وسائل قد لا نتخيلها لا نحن و لا اللاجئون انفسهم "…" و لكن هذه الترتيبات التي يبدو انها تحتاج للمزيد من التنسيق بين كل الاطراف بعيدا عن المنافسة الداخلية… يجب ان تبقى حريصة على استمرار تمتيع اللاجئين السوريين بحقوقهم الاصلية و توخي الحذر من ممارسات بعض رجال الامن على الحدود و التي قد تعرض الجميع للخطر… أما نحن مواطني هذه المدينة البسطاء، فلنعلم ان أغلب هؤلاء اللاجئين سوريين حقيقيين كانوا أو لا، لم يقطعوا آلاف الكيلومترات ليعيشوا بيننا بشكل دائم و لا ليشكلوا خطرا علينا فلنعاملهم بشكل إنساني على هذا الأساس و لنترك الوجه الآخر لمن تفرض عليهم مهامهم حماية امننا. في الحلقة المقبلة نتحدث عن قصص غريبة عن التفاعل الإنساني بين الناظوريين و اللاجئين السوريين و كيف يعلمنا بعض السوريين كل يوم اسس الحياة المدنية و كيف ندافع عن حقوقنا الفردية…؟؟؟ تعليق