صوت الشعب الأمريكي لصالح الديمقراطي “باراك أوباما” وأصبح أول رئيس أمريكي أسود من أصول افريقية، فرغم أنه أسود ورغم أنه إفريقي، ودرس في اندونيسيا استطاع أن ينتزع الفوز ويتمكن من الظفر بمفاتيح البيت الأبيض، فلماذا فاز أوباما وانهزم ماكين؟ طيلة الحملة الانتخابية وباراك أوباما يعد الأمريكيين بتغيير جذري في المنظومة الاقتصادية وتجنيد كل الإمكانيات للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية التي تتخبط فيها الولايات المتحذة الأمريكية،... كما وعد بسحب قوات بلاده من بلاد الرافدين في بداية حكمه، فاستطاع أن يقنع الشعب الأمريكي ليصوت لصالحه لأن خطابه ديمقراطي، يتسم بالحوار الحضاري خاصة مع دول الشرط الأوسط، ونبذ العنف، هذه هي أهم مميزات خطاب أوباما الديمقراطي الذي فاجأ الكل بفوزه الثمين على غريمه ماكين، ففوزه كما قلنا مقرونا بخطابه الديمقراطي الذي تمكن من خلاله من فرض نفسه في الساحة السياسية الأمريكية، أما عندنا في المغرب “المروك” فقد وصل الاستقلالي العنصري عباس الفاسي إلى مقعد الوزارة الأولى بخطاب عنصري مقيت حيث صرح في إحدى دورات الشبيبة الاستقلالية ببوزنيقة بأن حزبه العتيد سيناضل لأجل عدم اتخاذ اللغة الأمازيغية لغة البلاد الرسمية مع ما في ذلك من تهجم على المكون الأساسي للهوية الوطنية، كما أن رياح الديكتاتورية والعنصرية التي حملته إلى مقعد الوزارة الأولى عصفت بالتغيير المنشود الذي ينادي به المغاربة منذ أن دفننا العهد القديم مع دفن الملك الحسن الثاني سنة 1999. رياح حملت الرجل إلى الوزارة الأولى وهو يجر وراؤه إرثا ثقيلا يتمثل في فضيحة “النجاة” التي استعملها في إطار الحملة الانتخابية لسنة 2002، بالإضافة إلى تهجمه مرارا وتكرارا على القضية الأمازيغية والشعب الأمازيغي. و بعد مرور سنة على الولادة القيصرية للحكومة العباسية من طرف مهندسي القصر الملكي ، بدأت بعض المنابر المخزنية تطبل وتغيط بلا حيا بلا حشمة للمنجزات والإصلاحات التي قام بها عباس، في حين أن السنة الأولى من الولاية التشريعية الحالية عرفت تراجعا خطيرا على كل المستويات ابتداءا من التعليم والتنمية إلى حقوق الإنسان إلى الصحة وصولا إلى حرية التعبير والصحافة ، و هذا التراجع فضحته التقارير الدولية رغم أن الحكومة وأتباعها ينكرون ذلك ويرجعون تصنيف المغرب في مؤخرة الترتيب إلى خلل في المنظمات الدولية، في حين أن الواقع المغربي يؤكد أن بلدنا “المروك” قد عاد إلى سنوات الرصاص التي كنا نعتقد أننا دفنناها مع الملك الراحل في بداية العهد الجديد، فالصحة أصبحت من الكماليات والاحتجاجات والاعتصامات لا زالت توابل اليوم المغربي، والبطالة أصبحت شبحا مخيفا يخيم على رؤس شبابنا، والهجرة بمختلف أنواعها في تزايد مستمر رغم الأزمة الاقتصادية التي ضربت دول استقبال تيارات الهجرة المغربية خاصة بأوروبا الغربية، أما الاعتقالات والتدخلات الوحشية للقوات المخزنية فلا تعرف التوقف، في حين أن حرية التعبير والصحافة أصبحت مجرد حبر على ورق في بلد يقال عن خطئ أنه بلد ديمقراطي، حيث أن كل الأخبار الواردة عن المغرب حول حريات التعبير تبين مدى الحالة السيئة التي وصلت إليها البلاد. مؤخرا سمعنا خبر تأييد الحكم الابتدائي الصادر في حق رشيد نيني بأداء 612 مليون سنتيم , ومن قبل كيف حكم على المدون محمد الراجي وعلى الطفل ياسين بلعسل , والطريقة التي تمارس عليهم بالترهيب والتخويف من طرف المخابرات المغربية كالشيء الذي حصل مع المدون محمد الراجي وغيره من الأقلام الساخنة التي لا يحبها النظام المغربي, كما أن كل المتتبعين للأخبار المغربية سواء داخل أم خارجه شاهدوا كيف مارست القوات النظامية أبشع أنواع الهمجية بالضرب الوحشي والتعسفي في حق سكان مدينة إيفني والاغتصاب الجنسي على النساء وسرقة ونهب الأموال والمجوهرات من طرف قوات المساعدة والدرك والشرطة الذين لا أخلاق ولا تربية ولا تكوين لهم سوى ممارسة الإجرام والقمع والتعسف والإغتصاب والترهيب على الناس , كما أن سبق لهذا النظام أن إعتقل الشيخ المسن أحمد ناصر(95 سنة) بعد شجار في حافلة مع شرطي إتهمه بإهانة الملك حيث أدانته المحكمة بالمس بالمقدسات فتوفي في داخل السجن, الشيء الذي حلله محللون في القانون والسياسة بأن ذلك الحكم ضد ذلك الشيخ المسن هو بمثابة حكم إعدام في حقه, وهناك العديد من الأحكام التي أصدرت في حق المواطنين المغاربة تحث قانون المس بالمقدسات. أما الزميلة “المساء” فقد تم حجز ممتلكاتها من طرف الأخطبوط الذي له علاقات وطيدة مع نواة المخزن والقضاء، وله نفوذ كبير في مجال السلطة والمال، وتم بذلك استغلال النفوذ والمال والجاه لمحاربة جريدة لم تطفئ بعد شمعتها الثالثة بسبب خطها التحريري الذي رفض الكذب على الرأي وعمل منذ أن الأعداد الأولى على تنوير الرأي العام الوطني الذي عانى كثيرا ولا يزال يعاني من الصحافة الحزبية الضيقة والإعلام العمومي، وما زاد الطين بلة هو الضغط الممارس على شركة التوزيع “سابريس” لكي لا تسلم لمؤسسة “مساء ميديا” مستحقاتها، فتم التطاول حتى على القانون، حيث أن المحكمة تطالب رشيد نيني بأداء 612 مليون كتعويض لوكلاء الملك عن الضرر حسب ما ينص عليه القانون الجنائي الذي أنجز من طرف مغاربة وفرنسيين مختصين في القانون والذي أفرضه النظام على المغاربة بالقوة والتزوير في الانتخابات لكي يرهب به الشعب ويجعله أداة من أدوات القمع لإجبار الشعب للإنحناء إليه بالركوع والسجود وللطاعة العمياء بالولاء والعبودية المطلقة تحت خرافات وشعارات خاوية من مضمونها الأصلي دون أي انتقاد لسلوكاته وتصرفاته التي تبعث على القلق وتوحي للناظر أن المغرب لا زال يعيش في القرون الوسطى. ولا ننسى محاكمات الأقلام والأصوات الحرة أمثال على المرابط وحرمة الله وخالد الجامعي والقبطان مصطفى أديب والناشطة الإسلامية نادية ياسين وغيرهم ممن يعارضون سياسة هذه الحكومة الفاسدة وينتقدون أسلوب الحكم المتخلف الذي مازال قائم على العبودية والقمع والاستبداد والترهيب ونهب وتبذير الأموال العمومية والخيرات، وأخيرا سمعنا عن ما يسمى “جائزة محمد السادس لحقوق الإنسان” من طرف رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان “أحمد حرزني” ولا يخفى على أي أحد مكر وتعامل أحمد حرزني مع النظام وكيف كان من قبل يطالب بالحرية والتقدم والاشتراكية وكل الخرافات التي كان يضحك علينا بها هو وتلك المجموعات التابعة للقوات الشعبية أو الشيوعية لعلي يعتة وللإتحاد الاشتراكي لعبد الرحيم بوعبيد , وما عانه في السجون من قمع وتعذيب , لقد نسي كل شيء وأهان كرامته , لكن في الحقيقة هو يفتقر للكرامة, فقد باع كرامته وضميره ومبادئه مقابل الجلوس على الكرسي الأول بالمجلس الإستشاري لحقوق الإنسان المصطنع لاحتواء الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولتلميع صورته في الخارج في المحافل والمنتديات الدولية ويضحك بها على ذقوننا نحن معشر المغاربة . فلماذا الإعلان عن هذه الجائزة في مدينة العيون التي يعيش سكانها كباقي سكان الأقاليم الصحراوية تحث إرهاب قوي وقمع مستمر من طرف الألة القمعية؟ ولماذا لا يحاكم منتهكي حقوق الإنسان من جلادين في الجهاز الأمني والمخابراتي؟ ولماذا لا يحاكم من أساء إلى دين الله ورسوله والى الشعب المغربي أمثال اليعقوبي زوج عمة الملك الذي أطلق الرصاص على شرطي المرور ذنبه الوحيد هو أنه أراد تطبيق القانون على الكل، والذي وصف الشعب المغربي بالبخوش؟ يظهر إذن أنه بين المغرب الذي يقول أنه بلد ديمقراطي وبين الديمقراطية الحقيقية على النموذج الأمريكي مسافة مئات الملايين من السنوات الضوئية، فهل سيأخذ النظام المغربي الديمقراطية الأمريكية نموذجا لتحقيق العدل والمساواة والقطع مع سياسة العصى والجزرة؟ مجرد تساؤل إلى إشعار آخر. فكري الأزراق www.fikrielazrak.tk [email protected]