[email protected] ,,,كل الصباحات هنا كما هناك مكتئبة من هول الفاجعة,,, وأنا أسكن هنا و هناك،،، إحساس بالغبن والضياع المزدوج,,, ضياع الأهل والمتاع والمأوى,,, وانتظار المجهول,,, حجم المأساة رغم كل التوقعات كان كبير,,, وكبير جدا.. هي فيضانات طوفانية ضربت مدينتي الحزينة وأخواتها في الشمال.خلفت خسائر جسيمة في الأرواح والأرزاق،،، هو حزن ولوعة أمهات تمزقت قلوبهن وانفطرت لفقدان كل شيء... أطفال ورجال تقرأ الحيرة على محياهم وعلامات الشرود لا تفارقهم,, صفير الرياح يضرب الأبواب الموصدة من مناخير البرد القادم من شوارع مدينتي المسكونة بالوحشة... وأزقتها المخنوقة بمخابئ الضيق وقناطرها .. عيناي تجولان يمينا وشمالا تحاولان شق ستار الليل .. تحلق نظراتي وتسافر عبر دروب خلت من الأشياء كلها سوى نسمات فيضان ,,, قادمة من وديان المدينة المبتلة بأوجاعها,,, رأيت رجالا ونساء وأطفال يصارعون الموت .. من نجا من الفيضان أصبح يجتهد طوال اليوم لإخراج بعض المتاع والأغطية للذهاب بعيدا عن مكان سكناه... آخرون يبحثون بين أنقاض بيوتهم على مال قد ضاع بعد سنوات من الكد... كما النساء رحن يفتشن في كل ركن من أركان البيوت المهدمة عن حليهن,, وبعض من مجوهراتهن.. الكل يتساءل ببراءة الأطفال عن الوجهة التي سيقصدها لقضاء الليلة .. والعودة مجددا في الصباح لتفقد كل شيء ولا شيء... صلوات: صلوات ضارعة في ساعات متأخرة.. لعل أحد من المسئولين يأتي أو يطل.. حيث الآن الآن لم يعد أحد يتوقع قدوم المنتخبين الذين اعتادوا المجيء فقط في المناسبات ليملئوا جيوبهم وحقائبهم .. وينصرفوا... رؤوس مدفونة في أغطية ثقيلة أكثر من ثقل الليل.. مات الخيال الجموح في لعب الأطفال بين ساحات المدارس التي أصبحت بركا وبين مساكن مهدمة لم تعد تحتضن الدفء المعهود..ليمتد الزحف الوحشي أيضا إلى مواشي الفلاحين وأثمار أشجارهم..أشجار زيتون تسبح في مجاري المدينة وأزقتها.. لتبدو المدينة كحطام بركان أهوج.. أمور ثابتة: في القرى البعيدة هناك.. بعد آخر.. لا ينفي أحد أننا حين نشاهد ونعيش هذه الكوارث.. أن هناك أمور خارجة عن الإرادة.. هناك قوة قاهرة.. ولكن هناك أيضا أمور ثابتة قد تكون المسؤولية فيها للذين يرخصون بالبناء قرب الوديان أو مناطق هي جيولوجيا غير صالحة للبناء.. هنا إذن تكون المحاسبة والمسائلة ضرورية و ملحة..هؤلاء يجب أن يحاكموا..يحاسبوا.. لأن الشيء يمس أيضا بهبة الدولة كما المواطن .. ولأنه حين لا يطبق حكم القانون.. فهذا يمس بهيبة الدولة,,وبالتالي يترك المجال مفتوحا للامبالاة.. ولأشياء أخرى تصعب عليها السيطرة. كلمة أخيرة : أقول لهؤلاء أنه إذا كانت الثروة تعني لهم مغناطيس جاذب تصعب مقاومته، فالفقر يفيض ولا يمكن حصاره أو عزله ومن يبدأ في تحريك عجلة الشر لا يستطيع السيطرة عليها بعد فترة من الوقت. وللحديث بقية...