يشكل التخطيط أهم التقنيات الحديثة لتنظيم المجال و تهيئة العمران في المراكز القروية، التي تريد التحول إلى مجال حضاري قادر على استيعاب التطور العمراني و حاجيات الساكنة من البنيات التحتية و المرافق العمومية و المؤسسات الخاصة،هذه العناصر التي تعتبر نواة لجلب الاستقرار البشري في هذه المراكز. و تعتبر قبيلة آيت سعيد المطلة على البحر المتوسط على امتداد كيلومترات، من أهم المناطق الريفية التي تعرف استقرار سكاني في السنوات الأخيرة رغم الهجرات المتعددة في بداية السبعينات و نهاية التسعينات لساكنتها الأصلية، إلى المناطق المجاورة و إلى باقي مدن المغرب بسبب التهميش المهول و الفظيع التي لا تزال تعاني منه القبيلة، بسبب غياب نظرة إستراتيجية لدا الفاعلين السياسيين المحليين و السلطة المركزية. هذه الاعتبارات، جعلت المنطقة تفتقد إلى المرافق الاجتماعية و الثقافية و الرياضية الضرورية، حيث أن السلطة العمومية حاولت تكديس الإدارات العمومية و المؤسسات العمومية و المحلات التجارية في شارع واحد في ما جعل على سبيل المثال جماعة دار الكبداني عاصمة القبيلة، تعيش في حالة من الضغط المتمركز مما جعل الجماعة غير قادرة على التنفس الطبيعي و التوزيع العمراني المنظم في كل الفضاء الترابي المحلي. و رغم الحركة العمرانية التي يشهدها قلب دار الكبداني الملحوظة في السنين الأخيرة، إلا أن غياب قانون و مشروع للتهيئة المجالية جعل من دار الكبداني و الجماعات الأخرى تتوسع بشكل عشوائي في ظل غياب البنية التحتية، سواء في المدار الحضري إن صح القول أو في المداشر التي تنعدم فيها أي سياسة لإعداد التراب و هيكلة المجال و تعبيد الطرق و الأرصفة و تقوية الإنارة العمومية، رغم كون هذه المداشر أصبحت مراكز سكنية تنمو عمرانيا و بشريا بشكل متزايد. و يعتبر الوادي الحار من المشاكل التاريخية و البنيوية بدار الكبداني رغم ما صرف من أموال من أجل تنظيم شبكة قنوات الوادي الحار،الذي أصبح مصدرا يهدد البيئة المحلية و راحة الساكنة بسبب غياب محطة لتصفية المقذوفات،التي يرما بها في الوديان لتذهب إلى البحر الأبيض المتوسط ،كما أن انعدام الجودة في الأشغال العمومية و وكالة خاصة لتسيير و مراقبة القنوات و إعداد الخرائط اللازمة من أجل السير العادي لهذا المرفق،يجعل من الصعب الحديث عن حل نهائي لهذا المشكل الذي لا يزال يتعامل معه بحلول ترقيعية. كما أن جميع الطرق المتواجدة في تراب القبيلة تعتبر طرق غير لائقة لا تتوفر على شروط السلامة الطرقية،مما يساهم في حوادث السير و عرقلة النمو الاقتصادي للقبيلة،خصوصا مع ما توفره الواجهة البحرية المتوسطية من فرص من الاستثمار و الرواج التجاري. و تعتبر التهيئة العمرانية ضرورة من أجل خلق أقطاب حضارية و قروية داخل المجال الترابي لآيت سعيد،خصوصا مع ما يوفره الطريق الساحلي من فرص مشجعة للسكان و المنعشين السياحيين على البناء قرب الواجهات البحرية المتوسطية،التي تعتبر قطبا في تنمية المنطقة. و تعتبر سياسة التفكيك و إبعاد المؤسسات العمومية و الخاصة حلقة هامة في خلق حركة توسعية موازية في المجال الترابي،من أجل تنمية الفضاء الحضاري و ربطه بالفضاء القروي بشكل يحفظ جمالية المنطقة،كما أن التشجير و الحفاظ على البيئة المحلية و المجال الزراعي و الرعوي تعتبر عناصر أساسية لخلق قرى نموذجية،قادرة على جلب الاستقرار السكاني و السياح المحليين و الأجانب في المستقبل. كل هذه المعطيات الطيعية و البشرية تمنح لأيت سعيد القدرة لتصبح مركز حضاريا و ادريا جديدا في الفضاء الترابي لآقليم الدريوش و الريف كمدينة مستقبلية لربط مناطق الداخلية كبن طيب و الدريوش بالفضاء الساحلي المتوسيطي و الاطلسي.