بعد مرور أزيد من ربع قرن على صدور الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بالميثاق الجماعي ل 30 شتنبر 1976 ، عرف هذا الأخير تعديلات جوهرية ، استجابة للعديد من التوصيات نذكر منها مايخص الحركة الجمعوية كالتعديل الصادر في 13 أكتوبر 2002 والذي تضمنت بعض بنوده إشراك الفاعل الجمعوي في تدبير الشأن المحلي . فلا احد ينكر أنها سابقة أولى من نوعها من طرف المشرع الذي اقر بدور الفاعل الجمعوي في المساهمة في التنمية المحلية في فصوله : 36 و 38 و41 و42 . وكذا آخر التعديلات في الميثاق الجماعي بتاريخ 18 فبراير 2009 حيث تضمنت المادة 14 مايلي ” تحدث لدى المجلس الجماعي لجنة استشارية تدعى لجنة المساواة وتكافؤ الفرص تتكون من شخصيات تنتمي إلى جمعيات محلية وفعاليات المجتمع المدني يقترحها رئيس المجلس الجماعي …. “. فهذا الاعتراف لم يأت تلقائيا وإنما نتيجة فرض الفاعل الجمعوي النزيه لنفسه من خلال المشاريع التي شارك في انجازها ونهجه سياسة القرب في التعامل مع الساكنة خاصة بالعالم القروي حيث تغيب كل أشكال التأطير سواء من طرف أجهزة الدولة أو الأحزاب السياسية. لكن مايعاب أن الميثاق الجماعي وإن كان يشير إلى التعاون والشراكة إلا انه لايحدد الإطار القانوني الذي من خلاله يساهم الفاعل الجمعوي في شؤون الجماعة . كما أن هذه البنود غالبا ما تبقى مجرد حبر على ورق ، ذلك انه مرت مدة ليست بقصيرة على آخر انتخابات ولم نسمع قط عن تفعيل لهذه المواد خاصة المادة المتعلقة بإحداث لجنة المساواة وتكافؤ الفرص ، وحتى وإن تم أحداثها في بعض الجماعات فان الطابع الذي يطغى عليها هو الاحتواء والوصاية من خلال انتقاء فاعلين جمعويين مرتزقة وصوليين غالبا ما يكونون موالون للحزب الحاكم ويقومون بادوار تحت الطلب لتنفيذ الغرض، بل الأكثر من ذلك تبقى جلساتهم مناسبة للخطابات الرنانة والكلمات المنمقة التي تظل حبيسة الجلسة والتي تنعكس على المستهدف ” الساكنة ” . نفس الأمر ينطبق على الشراكة والتعاون حيث تسود حالة التوجس والتخوف التي تطبع العلاقة بين الجمعيات والمجالس الجماعية من قبيل اعتقاد المسير الجماعي بان الفاعل الجمعوي سوف يسرق منصبه من خلال تأثيره في الساكنة عن طريق المشاريع التي يقدمها له وبالتالي عمل المسير الجماعي على تهميشه ومحاولة التشويش عليه وعدم توقيع أي شراكة معه وقطع التمويل المادي والمعنوي عليه بل أكثر من ذلك اعتباره منافسا ومعيقا يعيق عمله مادام لايتحرك وفق أجندته . كما نلمس أيضا هو عدم وضوح الإطار المؤسساتي لمشاركة الفاعل الجمعوي في تدبير الشأن المحلي حيث تسود بعض البنود اللبس والغموض وطغيان العام على ألفاظ المشرع في الميثاق الجماعي ، الشيء الذي يفتح المجال لرؤساء المجالس للتعامل مع هذه البنود وفق مزاجهم . إن الشراكة تلعب دورا أساسيا في المساهمة في التنمية المحلية ، وعليه فيجب أن يتقبل مسيرو الجماعات المحلية الفاعل الجمعوي ويعطونه الفرصة للتعبير عن أفكاره وتصوراته بعيدا عن الحزازات السياسية التي لن تساهم إلا في في تزايد الجفاء والتباعد والذي لن يساهم إلا في تعطيل مصالح المواطنيين ، فالفاعل الجمعوي مطالب بالمشاركة في التدبير المحلي من خلال التجربة التي راكمها لسنوات نتيجة التصاقه بهموم الساكنة وعمله على المطالبة بعقد لقاءات تواصلية مع رؤساء الجماعات المحلية بخصوص المشاركة في تدبير الشأن المحلي ، كما أن الجماعات المحلية مطالبة بإحداث مكاتب الاتصال وتفعيل لجن المساواة وتكافؤ الفرص . على العموم إن إرادة الإصلاح هي التي أملت هذه التغيرات والتعديلات على الميثاق الجماعي ، لكن على مايبدو أن دار لقمان مازلت على حالها من خلال حالة التوجس والتباعد وتشبت الجماعي بمواقفه وإقصاء الفاعل الجمعوي وبالتالي إلغاء علاقة الثقة والتعاون ليظل الخاسر الأكبر المواطن الذي يدفع غرامة هذا الصراع .