[email protected] بعد الاحتفال الناجح بخمسينية رئيس الجمهورية الاتحادية لقبائل الريف (1921/ 1926) بمدينة أوتريخت الهولندية بتاريخ 16 فبراير المنصرم، وقبلها تخليد الذكرى بالحسيمة من طرف ثلة من فعاليات المجتمع المدني الريفي المؤمنة بالمشروع السياسي لمولاي موحند بن عبد الكريم الخطابي. وبعد الدينامية التي خلقها الفكر السياسي لمولاي موحند المستنهض لمشاعر الريفيين التواقين للحرية والتحرر على بكرة أبيهم، وهي الدينامية التي شغلت بال الرأي العام الريفي والدولي بعد المجهودات التي أقيمت من طرف المؤمنين بالمشروع السياسي للخطابي من أجل نفض الغبار عن تاريخ الريف والفكر الخطابي ومشروعه السياسي…. بعد هذه الدينامية وهذا الاستحضار لروح التجربة الخطابية القائمة على أساس الحرية والتحرر كركن أساسي في البنيان الفكري والسياسي لمشروع الخطابي، والتي خلقت نقاشا وحماسا واسعا لدى الشباب الهولندي المنحدر من أصول ريفية (أقول ريفية وليست مغربية)، تم إرباك العديد من حسابات المخزن المغربي بالديار الهولندية، وبدأ يقوم بمجهودات على قدم وساق بتنسيق بين العديد من كلاب الحراسة لمصالح الدولة المغربية بالداخل والخارج، من أجل صناعة خطاب “جمعوي” بالديار الهولندية، لا يوجد إلا في الخيال وفي منابر إعلامية أقل ما يمكن القول عنها أنها صنيعة بيئة لا يوجد فيها الحدود بين السياسة والمال والخطاب. وعمليات التنسيق هذه التي تتم كما قلنا بين كلاب الحراسة لمصالح الدولة المغربية بالخارج والداخل على حد سواء الذين صنعتهم أجهزة الدولة المغربية بعد فشل “وداديات المهاجرين” التي لعبت الدور في مرحلة ما من تاريخ الهجرة الريفية إلى الديار الهولندية، ومؤسسة الحسن الثاني لتدريس العربية لأبناء المهاجرين فيما بعد… عمليات التنسيق هذه تُصرف عليها أموالا طائلة من المال العام في رحلات مكوكية بين أكثر من منطقة تمركز العمال المهاجرين وأجهزة المخزن المغربي بالداخل والخارج. مناسبة هذا الكلام، هي التصريحات الأخيرة الصادرة عن أحد خدام الأعتاب المخزنية (أقول مخزنية وليست شريفة كما يقول البعض ما دامت تلك الأعمال بعيدة كل البعد عن “الشرف” بمفهومه السوسيولوجي والأنتربولوجي)، والذي هو ناشط جمعوي في الأحلام، ولم يكن يوما ناشطا في الواقع، يسمى “عبدوا لمنبهي” استدعى مؤخرا “نكافة الصحافة” بموقع هسبريس ليصف الريفيين التواقين للحرية والتحرر على بكرة أبيهم ب “الشوفينيين” الغير معتمدين على رؤية ديمقراطية. المنبهي، يتحدث عن الرؤية الديمقراطية، من موقعه المزعوم كجمعوي ديمقراطي، ناسيا أو متناسيا أنه معين ب “ظهير شريف” في إحدى مجالس إمارة المؤمنين التي انسحب منها مؤخرا. فلو كان الرجل ديمقراطيا كما يدعي فلماذا تم تعيينه بظهير غير ديمقراطي؟ وهل تتساوى أسس ومبادئ الديمقراطية مع مفهوم إمارة المؤمنين التي ينتمي إليها عضويا الجمعوي المذكور حتى يتحدث عن الديمقراطية؟ وهل النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان من منطلقات أمازيغية ريفية بالمهجر مع استحضار روح التجربة الخطابية كأول دولة مستقلة، حديثة وديمقراطية في سياق ما بعد الحرب العالمية الأولى (1921 / 1926) يتنافى مع جوهر الديمقراطية وحقوق الإنسان الكونية التي من مبادئها الأساسية “حق الشعوب في تقرير مصيرها” ؟ إن جميع المؤشرات، وانسجاما مع منطق الأشياء، تبين أن استحضار التجربة الخطابية بالديار الأوروبية، الهولندية بالخصوص، قد أربكت الكثير من حسابات المخزن السياسية، وبعثرت العديد من أوراقه التي سبق أن وضعها على طاولة الإتحاد الأوروبي ليأكل من خلالها الثوم الأوروبي بفم الريف والريفيين، خاصة وأن المخزن المغربي معروف بهشاشته كما تعلق الأمر بمجابهته مع الرأي العام وكشف وجهه القبيح. هذا الإرباك الذي وضع المخزن المغربي وأذياله في موقع محرج، خاصة بعد الاحتفالات بالذكرى الخمسينية لرحيل الخطابي بمدينة أوتريخت الهولندية بتاريخ 16 فبراير المنصرم، وهي الاحتفالات التي تميزت لأول مرة بعرض النشيد الوطني لجمهورية الريف. وبين هذا وذاك، ساهمت بقوة نضالات المجتمع المدني الريفي بالديار الأوروبية بشكل عام وبهولندا خصوصا، في محاصرة الخطاب المخزني الذي يتم تسويقه عبر مساجد أبناء الجالية وعبر جمعيات مخزنية موالية للرباط وتتلقى تعويضات خيالية من أموال الشعب المغربي لتمويل أنشطة هدفها “تكريس” ثقافة الذل والمهانة والخنوع للرباط. كل هذا جعل الدولة المغربية، التي فشلت فشلا ذريعا في احتواء أصوات المهاجرين في السنين الأخيرة، تتجه إلى خلق “خطاب مخزني بالخارج” الهدف منه تسويق أكذوبة “الريفيين الأمازيغيين رعايا وأتباع الرباط”، وهي المهمة التي بدأها المنبهي بتنسيق مع “نكافة الصحافة” التي تلعب أدوارا مرسومة بدقة متناهية من طرف أربعينيي عهد ما بعد 1999، وقد ظهر ذلك جليا في الكثير من المحطات، ومنها محطة تصريحات المنبهي الأخيرة التي لم توضع في قالب مهني وفق ما تقتضيه أخلاقيات مهنة المتاعب، حيث لم تؤخذ تصريحات أي مكون من مكونات الحركية المدنية والسياسية بهولندا التي وصفها المنبهي ب “الشوفينية”، واكتفت نكافة الصحافة هذه بتمرير خطاب أحادي في صيغتين مختلفتين دون الاستماع لرأي الطرف الآخر المعني بتصريحات المنبهي، وهو ما يوضح بشكل جلي “تموقع” هذا النوع من الصحافيين في شبكة المخزن الجديد بالداخل والخارج التي تسعى في كل مرة إلى تسويق خطاب النظام وأذياله مرتكبين بذلك أكبر في مهنة نبيلة هي مهنة الصحافة. إن الفكر الخطابي أصبح أكثر من أي وقت مضى مخيفا للنظام وأذياله، بحكم تعريته لزيف الخطابات التي على أساسها بنت الدولة المغربية الحالية مشروعية مزيفية، وبالتالي أصبح يستعين بكل ما من شأنه المساهمة في نشر الخطاب المزيف الذي من خلاله يسعى المخزن إلى ربح المزيد من الوقت وتمديد بقائه من خلال آليات عفا عنها الزمن، وهي بالمحصلة آليات لن تجدي نفعا شبيهة بالأوراق الأخيرة التي يرميها اللاعب المنهزم في القمار أثناء تأكده من خسارته في اللعب.