نامت أزيد من قرن، أقل من أهل الكهف، لانغلاقها على نفسها وانطوائها، ولكن، كانت مزهوة بجمال نحيرتها الجذابة وبحيرتها الشاسعة الساحرة ملهمة الكتاب والشعراء، ومغرية السياح والصيادين بأسماكها اللذيذة وبثروتها الحيتانية، ومنتوجاتها الفلاحية، ومياهها العذبة التي تصفيها الرمال، وبهدوئها الفطري، وطابعها القروي، بعيدة عن حياة التمدن والسياسة والبهرجة، عرفت التقارب والاحتكاك في عهد الاستقلال أثناء قيام المجالس القروية عن طريق التصويت، استغلوها استغلالا بالتسويف، والقيام بالمشاريع، فلم تر من ذلك شيئا، إلا في التسعينيات زودت بسقاية للماء الشروب… كانت غير كافية، فحدث ويحدث التناحر والنعار، من حيث ورود الماء السهل للنهل والامتياح، وكثيرا ما يقع الشجار بنزعة الأنانية، وغريزة التملك، والعصبية المستهجنة، مما أدى إلى إحداث صنابير أخرى لتحاشي النزاعات والخلافات، وكلما دنت الانتخابات، كثرت الوعود بميلاد مشاريع هامة، فكل منتخب يرى نفسه دولة وفي يده زمام الأمور، ظلت ثيزرث إلى يومنا هذا تتخبط في مشاكلها، ومحرومة من العيش الكريم وما هو ضروري، الماء الإنارة الطريق المستوصف… ومن فشل التسيير والتدبير أخيرا قطع الماء على السكان أزيد من خمسة أشهر، وكل منتخب يسوف الساكنة ويعدها بإرجاع الماء، ولكن إلى متى؟ أجل إلى أن يحين موعد الانتخابات… ولما أحس السكان بالعطش بادروا بأنفسهم، وبإشراف جمعيات محلية برفع شكايات إلى المعنيين بالأمر، دون الاستماع إلى هذا وذاك وذلك وعلان وفلان وحزب كذا وكذا و… وبعد الحركة والتحرك والمراسلات… تم اتصال واستدعاء المسؤولين المعنيين والجمعيات المعنية من طرف باشوية بني انصار، ثم عقد لقاء لدراسة قضية الماء دون حضور أي عضو منتخب، ولما أرجع الماء سارع البعض إلى طمأنة الساكنة بأنهم هم الذين أرجعوا الماء، وكل واحد يدلو بدلوه، وهذا يعتبر فشلا سياسيا، وضحكا على الأبرياء واستهزاء بهم، لا أدري ما نوع هذه السياسة؟ فهل هي ديبلوماسية، أم سياسة فن الكذب؟ أم مذهب أكذب أكذب حتى يظن أنك صادق..؟؟. اليوم لا مكان للهرج والمرج والدخول والخروج والانعراج والروغان والزوغان… إن ثيزرث اليوم لم تعد تثق في أي أحد مثل هؤلاء المداهنين إنها اليوم مع عهد جديد، عهد الاستيقاظ وجمع كلمة الجمل، وضم الأهل والشمل، فلم الله شعثهم، بعد أن ذهبوا شماليل، ونبذ ودحق كل من خولت له نفسه الاستغلال والاستفزاز، واليوم الأشغال جارية في مد ثيزرث بأنبوب جديد ليكون صبيبه قويا، يلبي حاجيات الساكنة، وإن الجمعيات “بثيزرث” اليوم، ستطالب بدون تردد، بإصلاح الطريق، وإحداث الإنارة والمستوصف، بانضباط وفي إطار قانوني بدون فوضى، ولا شغب ولا عنف، ولا يخفى على أحد مدى رعاية واهتمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالعالم القروي لفك العزلة ومحاربة الإقصاء والتهميش، لذلك بادرت السلطات المحلية والإقليمية ومؤسسة مارتشيكا ميد إلى حل أزمة الماء التي عانت منها الساكنة أزيد من خمسة أشهر، ولم يسبق أن حدث مثل هذا القطع منذ أن مدت بالماء في التسعينيات. أقول للمتحينين احذروا غضب بني الغبراء، وغيظ الأبرياء وحدأ العقلاء وحنق النزهاء، فقبل الخطو ميزوا وقدروا… وقيمة كل امرئ ما يحسنه، ورددوا دائما هذه الكلمات للتدبر قبل الدبر والكر والفر “ليس السؤال ما يقدمه لك الوطن؟، وإنما السؤال هو: ما تقدمه للوطن،؟” وأضيف على هذا على المثقف الملتزم العضوي، والمنتخب المختار، والمستشار الجسور المقدام، أن يخدموا المواطن والوطن، لا أن يخدمهم المواطن والوطن، لأن في الخدمة الأخيرة فيها استفزاز وابتزاز واستبداد وتجبر وتكبر، ثم كسل وتقاعس وذل، نتمنى لشباب بني انصار المثقف الواعي والمسؤول أن يقود هذه المدينة بحزم وجدية وإيثار، لنشر الثقافة والوعي بين روبوعها وأحيائها، والدفاع عن الرياضة بجميع أنواعها، ومحاربة الظلم والفساد والبرطلة والزبونية والاستبداد والاستغلال ودحر السموم القاتلة التي تقوم بتشتيت الأسر، والفتك بالشباب صحيا ونفسيا وعقليا وجسديا وفكريا… بجل، إن ثيزرث اليوم تستيقظ، وجغرافيتها العقلية تتغير والثقافية تتطور، وحتى السياحية ستزدهر بفضل مارتشيكا، جالبة الخير لثيزرث وبني انصار سياحيا واقتصاديا وستوفر الشغل لشباب بني انصار ونرجو ذلك بحول الله أن يكون خيرا نافعا، وأما الجغرافية السياسية فلم تعد تؤمن بها، أما الصياديون فسيزداد وعيهم برا وبحرا، نظرا للدروس التي سيتلقونها في المدرسة تتعلق بالصيد البحري، والتي سيتم برمجتها خلال الأيام القادمة، فلا داعي إلى استغلالهم والكذب عليهم، وتقديم وعود عرقوبية، وتسطير برامج فاشلة، واختراع مشاريع وهمية دونكيشوطية، ولكن كل واحد تخبر عن مجهوله مرآته، ويقع للبعض بل ينطبق عليهم ما يقال: اختلط المرعي بالهمل، والخاثر بالزباد، والحابل بالنابل.