تطلعنا من حين لآخر أنشطة بعض الجمعيات، فمنها ما تكون ملفتة للنظر لضخامتها و فعاليتها ، فهناك من تعدى دائرة نشاطها حدود الوطن الذي نشأت فيه لتمتد إلى المحيط الإقليمي أو الدولي وتكسب كل يوم مزيدا من المصداقية و الشهرة حتى أصبحت مرجعا لأجهزة حكومية و دولية ، فالجمعيات كانت و لا تزال تجسد طموحات أفراد أجمعوا على خدمة مصلحة عامة خارج الجهاز الرسمي ، ومع التطور الذي عرفته المجتمعات أصبح الوعي بخلق التنظيمات الجمعوية أكثر إلحاحا نظرا لتشعب الضروريات الحياتية للإنسان أمام عجز الأجهزة الحكومية لوحدها لتلبيتها ، و بالتالي كان دور الجمعيات مكملا أحيانا للجهود الرسمية ، ومبدعا وخلاقا في أحيان أخرى ….. و في هذا الإطار جاء تأسيس مؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم بصيغتها التنظيمية الحالية في يونيو 2000م،الفعل الذي جاء نتيجة مطلب دمقرطة الأعمال الاجتماعية للتعليم التي ناضلت من أجلها الشغيلة التعليمية من خلال إطاراتها النقابية الوطنية، حيث كانت تسمى سابقا بجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وزارة التربية الوطنية، كما أنها كانت تسير من قبل أجهزة تابعة للإدارة ، وطنيا وإقليميا . وفي إطار هذه التجربة الديمقراطية وتطبيق لامركزية القرار في العمل الاجتماعي تأسس فرع المؤسسة بإقليم الناظور سنة 2001م ، حيث شهدت الساحة التعليمية في جل أقاليم و جهات المملكة، انتخابات لتجديد و تأسيس مكاتب جمعيات الأعمال الاجتماعية ،هذا الاقتراع الذي عرف منافسة محمومة بين تيارات سياسية و نقابية ، تذهب إلى حد تشكيل لجان المتابعة و التقرير في أمر المرشحين الشيء الذي أفضى إلى تدخل سافر للوبيات الضغط داخل منظمات نقابية ترفع شعار شفافية و ديمقراطية المؤسسات مما نتج عنه عمليات تزكية البعض و إقصاء للبعض الآخر رغم توفرهم عن الشروط الذاتية و الموضوعية للترشح ،مما خلف استياءا عميقا لدى مناضلي هذه المنظمات النقابية.. كما أن العمليات الانتخابية عادة ما كان يشوبها خروقات ناتجة عن نقص في الإعلام و التوضيح في إجراءات وكيفية أداء هذه العملية ، مما أدى إلى الارتجال وعدم تكافؤ الفرص بين مختلف الأجهزة النقابية الشيء الذي ولد نفور نساء ورجال التعليم من الانخراط في هذه الجمعية الاجتماعية مما نتج عنه صراعات على المواقع بين مختلف الأجهزة النقابية و أحيانا تتم استقالات فردية وأخرى جماعية من المكاتب المنتخبة … فبالجهة الشرقية للتربية و التكوين ، كغيرها من جهات المملكة ، تتواجد في كل نيابتها فرع إقليمي لمؤسسة الأعمال الاجتماعية ، و قد عملت جريدة (العلم) في تحقيقها هذا،تسليط الضوء على مختلف أنشطة و خدمات الفرع الإقليمي بالناظور لتنوير الرأي العام بوضعية هذه المؤسسة الاجتماعية ، ومدى استفادة نساء و رجال التعليم من خدماتها، و من خلال استقراء للرأي و الرأي الآخر ، يرى الكاتب العام لجمعية الأعمال الاجتماعية بالناظور الأستاذ ميمون دوري، “أن هذه الأخيرة تعمل جاهدة على تقديم مجموعة من الخدمات المتنوعة و المتعددة للنهوض بالعمل الاجتماعي لفائدة نساء ورجال التعليم في مختلف المجالات/ الثقافية،الإجتماعية ، التكوينية والتربوية مع إبرام اتفاقيات مع أطباء ومؤسسات علاجية واستشفائية وطبية قصد الاستفادة من خدماتها ، كما أنها تعمل على تنظيم ندوات ثقافية وعروض فنية و تقديم خدمات في مجالات التخييم والاصطياف والرحلات و الترفيه و السياحة و كذا في المجال الرياضي ، و تمتلك الجمعية حافلة حصلت عليها كهبة من جمعية فرنسية، وضعت رهن إشارة الجمعيات التربوية والمؤسسات التعليمية والنوادي بالإقليم وبأثمنة مناسبة، وقد نظم المكتب بواسطتها رحلات جهويا ووطنيا ، فضلا عن خلق فضاءات للتخييم و الاصطياف و الإقامة أثناء العطل داخل الإقليم و خارجه ، فضلا عن عقد شراكة مع بعض الفنادق و الشركات و الأطباء في العديد من التخصصات ، كما عملت المؤسسة على فتح نواة مقتصدية للتعليم سنة 2007 ، التي تعتبر أهم مرفق بالمؤسسة تساهم في خدمة الجانب الاجتماعي لأسرة التعليم وتلقى إقبالا واستحسانا من قبل المنخرطين ، كلها خدمات تهدف من خلالها المؤسسة إلى النهوض والارتقاء بالعمل الاجتماعي لصالح موظفي قطاع التعليم وأسرهم ،كما تعمل هذه الأخيرة في إطار إستراتيجية وأهداف واضحة و محددة تنسجم ومرامي قطاع التربية الوطنية و باقي القطاعات الحكومية المكلفة بالتعليم،عبر إرساء علاقات متميزة معها ، وفق اتفاقيات تراعى فيها مقتضيات القانون الأساسي….، فضلا عن تقديم المؤسسة لمساعدات مادية وعينية لمنخرطيها خاصة لذوي الدخل المحدود ، ويمكن أن تشمل باقي الفئات في حالات خاصة، كالوفاة والأمراض المستعصية المكلفة…. أما من حيث أفاق الجمعية، فستعمل على توسيع الفضاء الحالي الذي أصبح لايتسع لأنشطة المؤسسة المتنوعة، إضافة إلى خلق روض وحضانة تخص أبناء نساء و رجال التعليم بالإقليم،و تعاونية سكنية ، إلا أن الجمعية تعاني حاليا من بعض الإكراهات التي تعوق عملها ، منها ضيق الفضاء الحالي وقلة الموارد البشرية ،في ظل انعدام الدعم المادي من قبل الوزارة الوصية….”. وفي المقابل ترى مجموعة من الأطر الإدارية و التربوية المترددين على نادي المؤسسة،أن هذا المرفق الخاص يعيش حالة من الفوضى من خلال ولوج العديد من غير المنتمين للأسرة التعليمية ، في ظل غياب حارس أمن بمدخل النادي لمنع الغرباء ، إضافة إلى رداءة الخدمات المقدمة ، مما يستوجب إعادة النظر في جودتها مع تجديد أدوات وتجهيزات المقهى ، كما أن أشغال و خدمات الجمعية لم ترق إلى حد طموحات الشغيلة التعليمية مقارنة بإنجازات الجمعيات الأخرى في هذا الصدد، زد على ذلك استغلال الجمعية لحجرات بعض المؤسسات التعليمية لتنظيم المخيمات الصيفية ، هذا الإجراء فرض العودة الإجبارية إلى التخييم داخل حجرة دراسية أو بمخيمات تبدو كمخيمات للاجئين ، وهذه العملية تحط من كرامة نساء و رجال التعليم و لا ترقى إلى مستوى مجهودات الأسرة التعليمية ، حيث كان من المفروض على المؤسسة التفكير في إقامة شراكة مع فنادق مصنفة و بأثمنة تفضيلية ، وهذه الصورة القاتمة تدفعنا إلى توجيه نداء لوزارة التربية الوطنية وإلى المسؤولين بمؤسسة الأعمال الاجتماعية وكذا مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لإنصاف الأسرة التعليمية بمنحها خدمات في مستوى الدور الذي يقومون به باعتبارهم ضمير هذه الأمة ، و هذا لن يتأتى إلا بتكريمهم من خلال توفير إقامات اقتصادية وتجهيزها بالضروريات بدل مخيمات العار…. ويضيف محمد جوهري أستاذ وفاعل نقابي و حقوقي ” أنه على الرغم من أن المؤسسة قد أحدثت لتقديم خدمات جليلة لنساء و رجال التعليم خاصة في جانبه التكميلي والترفيهي إلا أننا سجلنا منذ إنشائها ، مجموعة من الملاحظات الأساسية والتي بدون أخذها بعين الاعتبار يبقى أداؤها قاصرا في نظرنا، حيث نلاحظ تمركز عمل الجمعية بالناظور بفعل تواجد مقرها ،لتبقى الاستفادة مقتصرة على المركز أساسا وفي حالة توسيع رقعة الاستفادة فهي تخضع لضوابط بعيدة عن منطق الشفافية والديمقراطية ، إضافة إلى تنقيب المؤسسة ، ويتجلى هذا في محطة التجديد حيث يتم تجييش نساء ورجال التعليم وحثهم على الانخراط خلال الموسمين الأخيرين للفوز بالمندوب على مستوى المؤسسة والتحكم في الجمع العام …. وعليه نقترح ما يلي : أن تخضع عملية الاستفادة بالخدمات التي تقدمها المؤسسة لمعايير موضوعية وشفافة و ألا يستفيد المرء مرتين متتاليتين من نفس الخدمة (التخييم مثلا) مع تحسين الجودة أكثر ، إذ لا يعقل أن يقضي رجل التعليم موسما بين جدران حجرة الدرس ليجد نفسه بداخله خلال موسم الاصطياف ، مع العمل على توسيع دائرة الاستشارة من خلال استمارات لتحسين الخدمات أكثر ، و العمل على إيجاد أرضية مشتركة بين النقابات التعليمية أثناء محطة التجديد، ولم تقديم برامج عمل مشترك يتم التصويت عليه مسبوق بحملة واسعة في صفوف نساء ورجال التعليم لحثهم على الانخراط في هذا المرفأ الاجتماعي ، ولرفع الشبهات يجب أن تخضع المالية للافتحاص الإجباري تفاديا لكل ما من شانه إثارة الشكوك ، بسبب حساسية هذا الجانب في أي عمل تطوعي وجمعوي “. و نستخلص من كل هذا أنه إذا لم يتم تدارك الأمر فقد يرتقب عزوف رجال و نساء التعليم عن الانخراط بشكل مكثف قد يؤدي من جهة إلى فشل هذا المشروع الاجتماعي و من جهة أخرى إلى تكريس التواجد الدائم للنقابة المسيرة ، مما يتطلب التدخل الفاعل للسيد محمد الوفا وزير التربية الوطنية و من خلاله مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين و النواب الإقليميين، للوقوف على الإختلالات و دعم الإقلاع الحقيقي لمؤسسة الأعمال الاجتماعية ، عبر حث وتحفيز مكاتبها على إرساء قواعد الديمقراطية الداخلية ، وكذا الشفافية في التسيير والتدبير واحترام البرامج المسطرة والعمل على مراقبة أنشطتها بطريقة مستمرة ، وعدم استغلال الجمعية لأغراض نقابية أو سياسية ، والوفاء بالالتزامات و الوعود مع تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين كل الأساتذة حتى يتم إرجاع الثقة المفقودة لهم … لأنه عادة ما تسود حالة من التذمر ، بمجرد الانتهاء من كل تجديد لمكتب الجمعية ، بسبب ما تسفر عنه من نتائج ، تكرس نفس الأشخاص المسيرة لدواليب الجمعية مع تغيير طفيف في الأدوار…. وأمام هذا الوضع المقلق لا يسعنا إلا التذكير بأهداف الجمعية التي من المفروض فيها خدمة المصالح الاجتماعية للأسرة التعليمية بعيدا عن الحساسيات النقابية و السياسية الظرفية التي قد تؤول معها طموحات هذه المؤسسة الاجتماعية إلى نفس مصير المطالب النقابية التي بقيت حبيسة حوار مفتوح على المجهول ..