صحيح أن الدستور الجديد وضع حدا للنقاش الكبير حول مسألة الهوية المغربية , فقد أصبحت الامازيغية إلى جانب العربية لغة رسمية بعد مخاض كبير من النقاش و المشاورات مع جميع التيارات السياسية و الاجتماعية و كذا التيارات الجمعوية ذات التوجه الامازيغي…… و الفصل 5 من الدستور الجديد لسنة 2011 يِِؤكد على ترسيم الامازيغية كلغة حية تشكل الهوية الفعلية لغالبية المغاربة , و بالتالي نهاية للتهميش و الإهمال المتعمد لها منذ عقود طويلة. . لكن هذا لا يدعوا إلى التفاؤل المبالغ, فهذا الاعتراف ما هو إلا بداية للمعركة الحقيقية,لان الدستور ربط هذا الاعتراف بما يسمى عند رجال السياسة و القانون بالقانون التنظيمي , الذي سيحدد مراحل تفعيل الامازيغية في جميع المجالات الحياتية للمغاربة , سياسية و اجتماعية واقتصادية … إذن فالامازيغ مجبرون من الانتقال من معركة إلى معركة أخرى أكثر شراسة ' و هي معركة تفعيل الحقوق على ارض الواقع , فالساحة لا تخلو من اللوبي العروبي الذي يسعى جاهدا لتقزيم دور الامازيغية في الحياة العامة , و تفريغ القانون التنظيمي من محتواه . صحيح أن الامازيغ ربحوا معركة لكنهم لم ينتصروا في الحرب لهذا ينبغي الحذر , و الضغط أكثر على الأحزاب – بالخصوص الأحزاب المشاركة في الحكومة – لاستصدار قانون تنظيمي يجد الرضا و الاستحسان من قبل الامازيغ . و صحيح أيضا أن الملك أعطى انطلاقة لورش النهوض بالثقافة الامازيغية منذ خطاب أجدير التاريخي يوم 17 أكتوبر 2001 و تأسيسه للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية , غير أن الحكومة الحالية تحت قيادة حزب العدالة و التنمية فهي مجبرة على تحقيق أمال الحركة الامازيغية و الشعب الامازيغي من خلال استصدار قانون تنظيمي يرتقي إلى المستوى المطلوب , و على نواب الأمة أن يكونوا على علم أن الشعب الامازيغي يراقبهم و التاريخ سيحاسبهم , فنحن لسنا في حرب اللغات كما يحاول البعض إيهامنا , فهذه الحرب لن تقع بالتأكيد , لأننا بمجرد أن يعترفا بعضنا ببعض تقع كل أسباب الخلاف و الاقتتال , و سيساهم في تغير العقليات و الدخول في مرحلة ديمقراطية فعلية بعيدة عن المنطلقات الايدولوجيا و السياسوية الضيقة لبعض الفئات الانتهازية التي تحاول أن تقفز على الحقوق و المطالب المشروعة للشعب الامازيغي لغرض يعرفه الجميع. أيها السادة , إن المغرب دخل إلى عهد جديد بطريقة سلسة و هادئة بعيدا كل البعد عن ما نشاهده اليوم في عدة بلدان شمال أفريقيا و الشرق الأوسط, فالامازيغ لا يطالبون أكثر مما هو حقهم المشروع . الاعتراف بكيانهم الإنساني و اللغوي و الثقافي , فلا تصدهم عن ذلك . و الله المعين