مقاربة من منظور القانون الدولي يقصد بالحق في حرية الدين أو المعتقد في إطار منظومة حقوق الإنسان حرية الفرد في اعتناق ما يشاء من أفكار دينية أو غير دينية، والمقصود بالدين أو المعتقد هو معتقدات في وجود اله، أو في عدم وجوده أو معتقدات ملحدة، بجانب الحق في عدم ممارسة أي دين أو معتقد. يؤكد قانون حقوق الإنسان الدولي بما لا يدع مجالاً للشك على الحق في حرية المعتقد، فالمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية جاء فيها: ” لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة، ” وجاء في المادة 18 أيضاً أنه: ” لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره”، ولا يجوز إخضاع حرية الشخص في إظهار دينه أو معتقده “إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية”. وبالضبط جاء في الإعلان الأممي لحقوق الإنسان الذي تم التصريح به من على منبر الأممالمتحدة قبل أكثر من ستين عاماً، في العاشر من ديسمبر 1948م، ثم وقّعَ عليه -وقتها جميعُ الأعضاء، حيث ورد في المادة18من الوثيقة أن: “لكل شخص الحق في حرية التفكير، و الضمير/الوجدان، و الدين، و يشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، و حريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد و إقامة الشعائر و الممارسة و التعليم، بمفرده أو مع جماعة، و أمام الملأ أو على حدة.” كما أقر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1966، بالحق في حرية الدين أو المعتقد وذلك من بين ما اقره به من حقوق وحريات. وتنص المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أربع بنود بهذا الخصوص؛ وهي أن: 1) لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة. 2) لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره. 3) لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. 4) تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة. و هنا يتحول السؤال إلى حيرة: إذا كان في الناس من يخالفك العقيدة أو يختلف عنك رغم تمتع هذا الشخص بفضيلة أساسية مشهودة، فلِمَ إذن عدم التسامح معه؟ و لماذا ترى أنت أن عقيدتك هي الأفضل.. و أن فلسفتك أنت في الحياة هي الأسمى؟! وقد تلى اعتماد هذا الإعلان محاولات عدة لوضع اتفاقية خاصة بالحق في حرية الدين والمعتقد إلا أن كافة تلك المحاولات قد باءت بالفشل. من هذا المنطلق؛ فإن تأطير هذه المسألة في القوانين الدولية ومنظمات حقوق الإنسان كان لها أثرا كبيرا على واقع الحريات الدينية في المجتمعات العربية والإسلامية وإن كان بشكل متفاوت ، ولم يأت ذلك من فراغ بقدر ما جاء بسبب الاهتمام بالحريات التي تعرضت وتتعرض للضغط والتأزم بين فترة وأخرى ولا زالت مثار نقاش بين النخب والساسة وصناع القرار لتأثيرها على النسيج المجتمعي الداخلي أولاً واستقرار المشهد السياسي – الاجتماعي والثقافي ثانياً. بات الدين يمثل ركيزةً تأسيسية لصياغة وجوه الدول والمجتمعات وان أي خلل في العلاقة بين هذه الدول من جهة والمجتمع والدين من جهة ثانية فإنه يؤسس لقمعية وحشية لا رحمة فيها ولا إنسانية وهذا ما رأيناه وما نراه من تطرف الكثير من الدول في العالمين العربي والإسلامي التي أقصت الروح الدينية وحرية الممارسة للمعتقدات ؛ حتى تحولت إلى دول دكتاتورية وان تلبست لبوس الديمقراطية ،كما دفعت الجماعات الدينية إلى توسط سبل عنفية كرد على مثل هذا الإقصاء. لا زالت تشكل حرية التدين أو المعتقد حساسية في الطرح لدى العديد من الدول المغاربية، العربية والإسلامية ويبدو أنها صارت مثارًا لتوتر في مجتمعات تلك الدول بخاصة في السنوات الأخيرة، ومثال على ذلك مصر التي تتهمها بعض التقارير الدولية التي تراقب الحريات الدينية في العالم ب'اضطهاد المسيحيين'، وممارسة التمييز ضد ‘البهائيين'، بينما شرطتها تتحرش بمن يترك الإسلام إلى دين آخر، فضلا عن مواصلة حملات الملاحقة والاعتقال بحق أعضاء وقيادات في جماعة الإخوان المسلمين ، ومراقبة خطباء المساجد الحكومية والأهلية ،وهناك مسألة الشيعة في بعض الدول الخليجية وحقوق بعض الأقليات الدينية…الخ، فمثلا جاءت كل من مصر والجزائر والأردن وإيران في مقدمة الدول الإسلامية التي اتهمتها وزارة الخارجية الأمريكية بانتهاك الحريات الدينية في تقريرها الذي أصدرته بعنوان “الحريات الدينية حول العالم" للعام 2008. إن واقع حرية المعتقد في بعض المجتمعات العربية والإسلامية لازالت أسيرة لعقلية ضيقة، تتنازعها المصالح أحياناً والأجندات الخاصة أحايين أخرى ، البعض حاول التعامل مع هذه المسألة ونجح والبعض الآخر لا زال يستخدمها كوسيلة لتحقيق مآرب والحفاظ على مكاسب ، و قد باتت الحريات الدينية و المعتقدية لدى الدول العربية و الإسلامية كلمات حق يراد بها باطل وسلاحا من جهة تبتز به شعوبها ومن جهة أخرى تحاول من خلاله التقرب للغرب والمنظمات الحقوقية الدولية بالإقدام على تغييرات سطحية لا تنفذ إلى عمق المشاكل، ويظل المواطن في تلك المجتمعات أسيراً بين الاثنين على خط النار مما ينسيه أن حرية الدين والمعتقد تُعَدّ في الأساس من صميم حقوقه الفردية شديدة الالتصاق بالإنسان وبطبيعته وكرامته. إن تلبية متطلبات الجماعات المختلفة، داخلياً و خارجياً، و حماية حق كل فرد في “الإيمان”،على النحو الذي يَعتقدُ هو/هي به؛ فوجود مثل هذا التعايش والتآلف داخل المجتمع سيتيح لكل دولة تحترم الحرية المعتقدية أن تصبح أكثر استقراراً و أمناً، تقدماً، ازدهارا، ونماءا. إن الكفاح من أجل الحرية الدينية قائم منذ قرون؛ وقد أدى إلى كثير من الصراعات المفجعة. وعلى الرغم من أن مثل هذه الصراعات مازالت قائمة إلا أنه يمكن القول بأن القرن العشرين قد شهد بعض التقدم حيث تم الإقرار ببعض المبادئ المشتركة الخاصة بحرية الديانة أو المعتقد. وقد اعترفت الأممالمتحدة بأهمية حرية الديانة أو المعتقد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد عام 1948. يمكننا القول بأن الديانات والمعتقدات تجلب الأمل والسلوى إلى المليارات من الأفراد، كما أن لها تأثير على المساهمة في تحقيق السلام والمصالحة. إلا أنها من ناحية أخرى كانت مصدرا للتوتر والصراعات. هذا التعقيد، بجانب صعوبة تعريف الدين أو المعتقد ينعكسان في التاريخ النامي لحماية حرية الدين أو المعتقد في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان.