لمدة 4 أيام متواصلة، يواصل آلاف الناظوريين من داخل وخارج أرض الوطن حملة تضامنية وُصفت ب"الأكبر من نوعها" مع ضحايا الزلزال، الذي خلّف الاف الضحايا. ونظمت جمعيات ومنظمات خيرية وأشخاص ذاتيون باقليمالناظور و مدن الريف الاخرى حملات لجمع التبرعات العينية الضرورية لمواجهة الظروف الصعبة التي يعيش على وقعها المتضررون في المناطق التي تأثّرت بالهزة الأرضية، لاسيما المواد الغذائية والأغطية والأفرشة والملابس الدافئة. وأظهرت مئات المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تحرّك عدة شاحنات و عشرات السيارات المحمّلة بأطنان المساعدات من مختلف جماعات اقليمالناظور في اتجاه المناطق المتضررة؛ فيما يواصل مواطنون مد نقاط تجميع المساعدات بمختلف المواد وبأحجام وكميات حسب استطاعة كل متضامن. هذا و انطلقت من مدينة الناظور مساء الاثنين 11 شتنبر قافلة مساعدات مكونة من 5 شاحنات مقطورة تحمل مختلف انواع المساعدات الانسانية الضرورية لمنكوبي الزلزال. القافلة يقف وراءها مجموعة من الفعاليات المدنية، بدون اي غطاء أو خلفية سياسية. هذا وكل الشكر والتقدير لمن وفر أسطول شاحناته مع سائقيها و مصاريفها بالمجان لهذه الحملة و غيرها. تأتي هذه الحملات بالتوازي مع استقبال صندوق حكومي استثنائي تم إحداثه بأمر ملكي لملايين الدراهم من التبرعات المادية من مؤسسات حكومية وغير حكومية، فضلا عن الأشخاص الذاتيين. إدريس الصنهاجي، أستاذ علم الاجتماع قال إن الحس التكافلي الذي أبان عليه المغاربة يظهر مدى رسوخ وتجذّر مختلف الأشكال التضامنية في ثقافة المغاربة. وأضاف الصنهاجي أن الملاحظ في هذه الحملة الواسعة، التي انخرط فيها المغاربة بمختلف فئاتهم وطبقاتهم الاجتماعية، هو الحضور الواضح والملحوظ للوازع الإنساني ثم التلقائية والعفوية. ولفت الباحث في علم الاجتماع الانتباه إلى أن اجتماع شعب على دعم منطقة متضررة من بلادهم والتمكن من تجاوز جميع الخلافات السياسية والإيديولوجية هو –في الأصل- الطبيعي والفطري؛ وهو ما يعكس "إنسانية الإنسان". وشدّد المتحدّث على ضرورة انتباه جميع الفاعلين إلى ما وصفها ب"القيمة الرفيعة" الموجودة لدى مغاربة الداخل والخارج، المستعدين دائما للتضحية وتقديم كل ما يملكون في سبيل الوطن ومواطنيهم الذين فقدوا أهاليهم وممتلكاتهم. وأبرز الأستاذ الجامعي ذاته أن الباحث في علم الاجتماع بالمغرب سيجد صعوبة في دراسة هذه الحملة التضامنية للمغاربة من منظور هذا العلم، مرجعاً ذلك إلى انخراط الباحثين مثل جميع المواطنين في هذه الحملات وعدم تمكنهم من أخذ مسافة من الأحداث ببرودة ودون تعاطف، قبل أن يختم بالقول: "لكن ذلك سيكون ممكنا حين تعود الأمور إلى أفضل حالها في تلك المناطق".