تحركت الحكومة، مطلع شهر فبراير الماضي، من أجل التصدي لارتفاع أسعار الخضر واللحوم، بعد أن ارتفعت بشكل غير مسبوق، ووعدت بأن الأسعار ستتحسن مع اقتراب شهر رمضان؛ لكن ذلك لم يحصل. وانخفضت أسعار مواد استهلاكية، مثل الطماطم، بعد تحرك الحكومة، حيث انخفض سعرها من 12 درهما إلى النصف؛ لكن انخفاض أسعار الخضر لم يدُم سوى بضعة أيام قبل أن يعاود الارتفاع، مع اقتراب شهر رمضان. وفي الوقت الذي عزت فيه الحكومة ارتفاع أسعار الخضر، لا سيما الطماطم، إلى عامل المناخ (تعاقب الحر والبرد)، يعزو متابعون سبب الارتفاع إلى عمْد المصدّرين إلى شراء الخضر الموجهة إلى الاستهلاك الداخلي وإعادة تصديرها إلى الخارج. هذه العملية تسائل مدى فعالية إجراءات المراقبة التي وضعتها الحكومة في ضمان تموين السوق الداخلية بحاجيات المواطنين من الخضر، ومدى قدرتها على إلزام المصدّرين باحترام دفاتر التحملات المنظمة لعملية التصدير. في المقابل، ينأى الفلاحون بأنفسهم عن تحمل مسؤولية غلاء أسعار الخضر، ويعزون سبب ذلك الغلاء إلى التناقص الحاد في الإنتاج بسبب التكلفة. الحسين أضرضور، رئيس الفيدرالية المغربية لمنتجي ومصدري الخضر والفواكه، قال إن الحكومة منعت تصدير الطماطم بشكل نهائي إلى الخارج، من أجل توفيرها في السوق الوطنية، ولم يعُد يُسمح سوى بتصدير الطماطم الصغيرة "tomate cerise". وأوضح أضرضور أن "السبب الحقيقي لارتفاع سعر الطماطم راجع بالأساس إلى قلة العرض بسبب تكلفة الإنتاج، حيث يتحمل الفلاحون تكاليف لا طاقة لهم بها". وأضاف المتحدث ذاته: "الحكومة تريد من الفلاحين أن يبيعوا منتجاتهم بسعر مناسب، دون مراعاة التكلفة الباهظة للإنتاج، وهذه معادلة مستحيلة"، ذاهبا إلى القول إن الفلاحين "لن يغامروا بإنتاج الطماطم مستقبلا إذا استمر الوضع على ما هو عليه". وكان رئيس الحكومة قد دعا، مطلع شهر فبراير الماضي، الوزراء إلى "حث مختلف المصالح التابعة لهم على تعزيز مراقبة السوق الوطنية والسهر على ضمان تموينها بالمنتجات الغذائية ومحاربة المضاربات لحماية لقفة الأسرة المغربية". وأكدت الحكومة، على لسان رئيسها، التزامها ب"مضاعفة التعبئة واليقظة؛ من خلال الرفع من مراقبة وضعية تموين السوق بالمنتجات الغذائية، وتعزيز الرقابة على مستوى التسويق والجودة، وتعقب ومعاقبة أية مخالفات أو سلوكات انتهازية". كما طمأن أخنوش الرأي العام الوطني بأن "إنتاج الخضر، وعلى رأسها الطماطم، خلال هذه السنة في مستوى جيد، وأن ارتفاع سعرها خلال الأيام السابقة راجع إلى موجة البرد التي يعرفها المغرب، حيث من المرتقب أن تعرف الأسعار انخفاضا ابتداء من الأسابيع القليلة المقبلة إن لم يكن في عشرة أيام مع عودة الحرارة الدنيا إلى مستواها العادي". وفي الوقت الذي تقول الحكومة بتوفر إنتاج كاف من الخضر، قال أضرضور، متحدثا عن الطماطم، إن "السلعة غير موجودة"، مضيفا أن من بين الأسباب الأخرى لقلة الإنتاج ظهور فيروس جديد قبل عامين، "عصَف بجزء كبير من الإنتاج"، على حد تعبيره. واعتبر المتحدث ذاته أن الغلاء المسجّل في سعر الطماطم قبيل رمضان أمر طبيعي، نظرا لتزايد الإقبال على هذه المادة في هذه الفترة، مشيرا إلى أن الأسعار ستنخفض بعد أسبوع. وبالرغم ذلك، أكد رئيس الفيدرالية المغربية لمنتجي ومصدري الخضر والفواكه أن انخفاض سعر الطماطم "لا يعني العودة إلى الأسعار التي ألف المغاربة أن يشتروا بها هذه المادة"، وزاد موضحا: "لا يمكن أن تعود الأسعار إلى درهمين أو ثلاثة دراهم".