* عبد السلام، ينحدر من بني ملال يقيم هو و زوجته و أولاده تحت سلالم بناية متهالكة بحي عاريض ضواحي الناظور، كان خدام تراباندو و الان يمتهن بيع القهوة في الشوارع، ما عندوش باش يكري ما عندوش باش يشري اللوازم الدراسية لولادو. * المامون، ينحدر من شفشاون يقيم هو و والدته و زوجته و ابنته الرضيعة بترقاع، كان خدام تراباندو هو و مو، دابا كيغسل المواعن فواحد المطعم، ما عندوش باش يشري لحليب لبنتو، ما عندوش باش يشري الدوا للام ديالو، ما عندوش باش يخلص الكراء. * فاطمة، تنحدر من بني ملال..ساكنة هي و ولادها فبراقة،كانت خدامة تراباندو دابا خدامة فالديور نهار واه عشرة والو، خصها باش تخلص لكرا، باش تدير السكانير لبنتها، باش تشري العيد، باش تشري الدوا.. * نعيمة..تنحدر من الجديدة..عايشة هي و راجلها و ولادها فكراج فبراقة كانوا خدامين قبل تراباندو..كتلبش ولدها لباس البنات حيث ما عندهاش..كتصيفطو للمدرسة بالجوع بلا أدوات حيث ما عندهاش، خصها فلوس الكرا و الدوا و الماكلة و اللباس... * الطاوسة من تازة..مقيمة هي و راجلها ضواحي الناظور..كانوا خدامين تراباندو عندها 4 ديال لولاد..مريضة بالقلب خصها عملية كبيرة و الراجل ما خدامش..ما كتلقى باش توكل ولادها.. * حسن و ابراهيم و حميد..ينحدرون من سيدي قاسم يقيمون بمنزل متهالك بحي لعراصي..كانوا خدامين التراباندو ..دابا كيفرشو الجوطية حدا المحطة الطرقية..كيكملو الشهر بزز ما بقاوش قادرين يصيفطو شي ريال لواليديهم.. مثل هذه الحالات و غيرها بالعشرات و بالمئات أحيانا، تغص بها صفحات نسائية ناظورية على الفيسبوك..نداءات متوالية كل يوم، و لكثرة النداءات و الحالات الصعبة اصبح من المتعب حتى متابعتها كلها.. فهاته العائلات التي قدمت للناظور من مناطق فقيرة بمغرب الداخل بحثا عن تحسين وضعها، تفاجأت بأن مصدر الرزق المفتوح (التراباندو) قد انتهى الى الأبد، و لم يكن لديهم ما يكفي من النباهة ليتبعوا اثار الالاف من مواطنيهم الذين رحلوا عن الناظور في كورونا و لم يعودوا أبدا لأنهم تأكدوا من ان زمن الطفرة انتهى و لم يبق في الناظور التي كانت تكنى لديهم يوما ما ب "فرنسا الصغيرة" سوى الأزمة..أثر بعد عين كما يقول أهل يعرب.. فالناظور في 2022 لا تشبه ماضيها، مدينة تتنفس صيفا فقط و في باقي الاشهر العشرة تجد أبنائها مستعدين للقيام بأي أعمال كانوا يستنكفون عنها سابقا، فهم اليوم عاملو نظافة و مستخدمو افران و يتبارون على مهن نادل و بائعة و سائق..و لم تعد نوعية المهن تعنيهم فالأزمة أرخت بظلالها على الجميع . لذا فقد أصبح شباب الناظور يسبقون الوافدين من مدن الداخل الى كل المهن، و لم يعد مقام ابناء الداخل مناسبا ماديا الا في حالة توفره على كفاءة مهنية معينة في مجالات حرفية لا يجدون فيها منافسة محلية. خاصة و ان مستوى التضخم و ارتفاع كلفة المعيشة بالناظور لا يتناسب و اصحاب الدخل المحدود. و حتى، في حالات الدعم و التكرم و التعاون، فإن العرض المحلي و مساهمات الجالية أصبحت تتبع قانون القرب، فاصبحت المساعدات توجه اولا لافراد العائلة التي تعاني ايضا من اثار الازمة.. و لهذا يمكنك ان تجد العائلات الفقيرة الوافدة تملأ صالات الانتظار بالمستشفى الحسني دون جدوى و تغلق على نفسها ابواب غرفها المهترئة كل ليلة دون ان تعرف ان كانت مستعدة لمواجهة هذه الدوامة في الغد. ان الآمال بتحسن الأمور في الناظور ضعيفة، و حتى ان تحسنت فإنها لن تكون قادرة حتى على تلبية الطلب المحلي في مناصب الشغل، و الوافدون الوحيدون الذين يمكنهم مجاراة هذا التسارع السلبي هم القادرون على تقديم خدمة مميزة او غير متوفرة محليا.. أما العائلات التي اعتمدت في معيشتها على التهريب فيجب ان تتأكد ان عجلة الزمن لن تعود الى الوراء و أن القادم لن يكون الا أسوء.. ان حلم فرنسا الصغيرة قد انتهى للناظوريين قبل الوافدين.. و الحل الوحيد قد يكون الرحيل و محاولة بناء حياة جديدة في المدينة الأصل ..قبل فوات الأوان.. اذا لم يكن قد فات فعلا..