تتجه الحكومة إلى التخلي عن الإعفاءات الجبائية الموجهة إلى اقتناء السكن، لفائدة اعتماد دعم مباشر للأسر؛ وذلك عبر إقرار مقتضيات في مشروع قانون مالية 2023 المرتقب عرض مضامينه في أكتوبر المقبل. وبررت الحكومة، ضمن مذكرة توجيهية خاصة بإعداد مشروع قانون مالية السنة المقبلة، التخلي عن الإعفاءات الموجهة إلى اقتناء السكن بصعوبة تقييم أثرها الاقتصادي والاجتماعي؛ ولذلك تقرر اعتماد دعم مباشر للأسر بدلها، بغية ضمان الولوج إلى السكن اللائق. ولم تفصح الحكومة عن فحوى وشكل وشروط الدعم الذي سيقدم للأسر لاقتناء السكن خلال السنة المقبلة؛ وهو ما سيكشف عن تفاصيله بداية أكتوبر المقبل، مع بداية مناقشة مشروع قانون المالية في البرلمان. وتندرج الإعفاءات المخصصة لاقتناء السكن ضمن ما تسميه الحكومة بالنفقات الضريبية؛ وهي إحدى الآليات التي توظفها الدولة من أجل تخفيف العبء الضريبي على بعض الفئات من الملزمين أو الأنشطة الاقتصادية. وتأخذ النفقات الضريبية أشكالا تتنوع بين تخفيض معدلات الضرائب أو الإعفاء التام، ما يعني حرمان خزينة الدولة من موارد مالية مهمة؛ وهو ما يفرض إخضاع هذه النفقات لتقييم مستمر ومساءلة جدوى الاستمرار في العمل بها. وتناهز قيمة النفقات الضريبية في المغرب حوالي 30 مليار درهم؛ يستحوذ القطاع العقاري على 22,2 في المائة، وقطاع الأمن والاحتياط الاجتماعي على 19,8 في المائة، وقطاع الطاقة بحوالي 15 في المائة. وخلال السنة الماضية، بلغت قيمة الإعفاءات الضريبية الممنوحة من طرف الدولة للقطاع العقاري حوالي 6,5 مليارات درهم من أصل 29,5 مليارات درهم من المجموع، وفق معطيات رسمية لوزارة الاقتصاد والمالية. وتستفيد المقاولات من حوالي 13 مليار درهم من هذه النفقات الضريبية، خصوصا العاملة في قطاع الإنعاش العقاري بحوالي 760 مليون درهم سنة 2021، والقطاع الفلاحي بملياريْ درهم، ثم قطاع التصدير بما يناهز ب1,7 مليارات درهم. أما الأسر فتستفيد بحوالي 15 مليار درهم، وتضم المأجورين والصناع ومقدمي الخدمات والمؤلفين الفنانين، إضافة إلى المرافق العمومية من وكالات تنمية ومؤسسات عمومية وإدارات بحوالي 854 مليون درهم. وكانت الإعفاءات الضريبية موضوع انتقاد في تقارير عديدة؛ فقد ورد في تقرير للمجلس الأعلى للحسابات سنة 2020 أن حكامة وتدبير النفقات الضريبية لا تزال تشوبها بعض أوجه القصور التي تحد من فعاليتها وتحد بشكل كبير من أثرها الاجتماعي والاقتصادي.. واعتبر المجلس ذاته أن اللجوء إلى هذه النفقات يتم في غياب قواعد واضحة، وفي كثير من الأحيان دون الاستناد إلى دراسات أولية مدعومة بما يكفي من الأدلة؛ وهو ما يجعلها توجه إلى مستفيدين دون أن تحقق الأهداف المرجوة. وفي نظر قضاة المجلس الأعلى للحسابات، فإن اختيار الإنفاق الضريبي كآلية تحفيزية لا يقارن في كثير من الأحيان بأنماط أخرى من التدخل، لا سيما نفقات الميزانية؛ وهو ما يجعل اتخاذ القرار بشأنها لا يتم دائما بناء على معلومات مفصلة ودقيقة.