بعد أحداث العيون المؤلمة، ساد توجه مغربي عام يرفض استمرار الحوار مع البوليساريو، ونفس التوجه ساد وسط أنصار جبهة البوليساريو حيث تناثرت الدعوات لإيقاف الحوار مع الحكومة المغربية. وفي أوج هذا الصراع لم يتردد الكثيرون من هنا ومن هناك في إخراج عبارات الشتم "من قاع الخابية"، وعادت كلمة "مرتزقة البوليساريو" و"الاحتلال المغربي" لتخرج من الأفواه، وكأن العالم عاد إلى سنوات الحرب الضروس.. وكما يقال، إن كلام العقلاء منزه عن العبث.. والعبث في مثل هذه القضايا الإستراتيجية الكبرى عبث لا ينسجم مع سلوك العقلاء. لذا وجب تناول الموضوع بعبارات ألطف، وإن إبداع العبارة في هذه الحالة إبداع لحل من بين حلول أخرى يجب أن تتراكم من أجل الوصول إلى الحل الأكبر المأمول .. ولهذا، أقترح أن نقول إخواننا في البوليساريو .. عوض مرتزقة البوليساريو! إن فتح القلوب أصعب من فتح القارات، وكل استراتيجيتنا يجب أن تكون نحو القلب والعقل، وعلينا أن نحسن "بيع" الوحدة .. وحدة في إطار مجتمع مغربي ديمقراطي كامل الحرية .. ومع كامل الأسف الحكومة والمؤسسات الرسمية لا تريد هذا الحل، وحتى من اقتنع بجدوى الفكرة، لم يضع كل أفكاره موضع تنفيذ.. إن هذه الوحدة هي التي يمكنها أن تقنع الأجيال الجديدة من مساندي البوليسايو .. أما الذين شاخوا على الدعوة للانفصال، فالمسألة بالنسبة لهم مجرد مسألة شخصية، ولا يهمهم إن كانت هذه الوحدة في إطار الديمقراطية أو في إطار التعسف، وربما أن البعض يرى في الإنفصال مجرد صلاحيات لتوقيع عقود استغلال خيرات الصحراء مع الشركات الأجنبية .. إن ذكاء الصحراويين قادر على أن يميز بين خيارين: الوحدة والنضال المشترك بين كل المغاربة من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ومجتمع الشفافية والعدالة الاجتماعية؛ الانفصال في دولة صغيرة وهشة، وليس هناك أية ضمانات لتكون دولة تعددية تحترم فيها حقوق الإنسان. في عالم لم يعد يقبل بغير الدول الديمقراطية، سياسيا، والتكتلات الكبرى اقتصاديا، إن الحل هو الوحدة في إطار الديمقراطية. وإن الوحدويين الصحراويين المناضلين الصادقين يقدرون على لعب دور تاريخي من أجل وحدة ضمن مغرب جديد .. مغرب ديمقراطي تكون فيه الكلمة للشعب من طنجة إلى لكويرة!