رتبط ظهور الوقف في المغرب بمجيء الإسلام أيام الفتح الإسلامي حيث كان الفاتحون يؤسسون المساجد اقتداء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام، كما انتعش الوقف بالعناية المتزايدة به من قبل الملوك الذين تعاقبوا على حكم المغرب، إضافة للمبادرات الفردية للمحسنين التي ساهمت في ارتفاع عدد المساجد وازدهار الوقف. ففي العهد الإدريسي اهتم المولى إدريس ببناء المساجد وتشجيع الناس على البناء والغرس وإقامة المنشآت الوقفية، وفي العهد المرابطي حرص يوسف بن تاشفين على زيادة عدد المساجد وإصلاحها وبناء العديد من الحمامات والسقايات، وفي العهد الموحدي دعا المهدي بن تومرت ويعقوب المنصور الموحدي إلى بناء المساجد وتعمير وترميم ما تهدم منها، فضلا على بناء الحمامات والفنادق والحوانيت وتحبيسها على مساجد فاس وخاصة القرويين. وفي العهد المريني عرف الوقف نهضة كبرى، حيث اهتم ملوك بني مرين ببناء المؤسسات الوقفية الاجتماعية إلى جانب المؤسسات الدينية والثقافية. وقد حاول السعديون إعادة تنظيم الوقف من خلال تشييد المساجد أو ترميمها وإحياء بعض المدارس وتأسيس أخرى إضافة لإنشاء المكتبات وتزويد القديم منها بالمؤلفات. فيما استمر ملوك الدولة العلوية الشريفة في العناية بالأحباس والاهتمام بشؤونها، إذ اعتبروا الأوقاف تراثا خاصا لجماعة المسلمين، وقد رصدوا مداخيلها للقيام بشعائر الإسلام وتعليم الدين، إضافة لبناء المساجد والمدارس والملاجئ والمستشفيات، وقد استمروا على هذا النهج حتى في عهد الحماية وافشلوا المحاولات الاستعمارية للنيل من الأوقاف وتعطيل وظائفها. وبفضل الأوقاف انتعشت العديد من المجالات في المغرب، ففي المجال الديني تزايد عدد المساجد وتحسنت أوضاعها و ظروف القيمين عليها. وفي المجال الثقافي، ساهم الوقف في مساعدة الطلبة على تحصيل العلم وتزايد عدد المدارس والمعاهد والمدارس العتيقة والخزانات العلمية والمكتبات والإيقاف عليها حتى يستدام الانتفاع بها. وفي المجال الاجتماعي، ساعد الوقف المحتاجين واليتامى والأرامل والمقعدين والمعوقين، كما ساهم في بناء الحمامات والسقايات وإعداد دور خاصة للاحتفال بالمناسبات والأعراس خاصة بالنسبة للفقراء والمحتاجين. وعلى المستوى الاقتصادي، ساعد الوقف على البناء والتعمير واستصلاح الأراضي الفلاحية واستثمارها وتجهيزها، كما تم إنشاء مؤسسات تهتم بتسليف المحتاجين بدون فائدة. كما تعنى الأوقاف بإنشاء العديد من الوحدات السكنية والمحلات التجارية والإدارية قصد إكرائها لفئة عريضة لا تتوفر على الإمكانيات لاقتناء السكن، وتساهم أوراش الإصلاح في خلق العديد من فرص الشغل. وتنقسم الأحباس في المغرب إلى نوعين، أحباس عامة وأخرى خاصة. فالأحباس العامة هي التي توقف على جهة من جهات البر والخير، ولا يكون المحبس عليه شخصا معينا مثل العقارات المحبسة على خدمة المساجد والمستشفيات والمدارس والملاجئ ودور الأيتام. أما الأحباس الخاصة وتسمى أيضا بالمعقبة، فهي العقارات التي حبسها أصحابها على أشخاص معينين، كأن يحبس شخص دارا على أولاده الذكور ما تعاقبوا ليستمر انتفاعهم. وتتولى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الدعوة للوقف والمحافظة على أمواله وإدارته واستثماره وصرف ريعه على وجوه البر التي أوقفت من أجلها، وجعله يقوم بالدور الأساسي الذي ابتغاه له المحبسون سواء في الجانب الديني أو الثقافي أو في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وبهذا الخصوص تسعى الوزارة إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية التالية: - المحافظة على الأصول الوقفية، وضمان الاستمرارية لدور الوقف ببلادنا. - الدعوة للوقف وإحياء سنته والتشجيع عليه. - تحقيق نسبة نمو مرتفعة ومطردة لموارد الوقف ليزداد دوره في أداء وظيفته. للمزيد من الاطلاع : ندوة التجارب الوقفية لدول المغرب العربي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 1422 ه - 2001 م