بعد أن تصدرت قصة هروبه الهوليودية من اليابان صفحات الجرائد العالمية وشغلت الرأي العام الدولي، خرج المدير السابق لشركة "نيسان" كارلوس غصن، اليوم الأربعاء، في ندوة صحافية لتقديم روايته للاعتقاله ومحاكمته باليابان، وأسباب هروبه. غصن، الذي وقف أمام الصحافيين بمقر نقابة الصحافة بعاصمة لبنانبيروت، دافع عن نفسه بكل شراسة وأدان السلطات اليابانية، وشكر لبنان على الوقوف بجانبه، قائلا: "أنا اليوم فخور بأن أكون لبنانياً لأن البلد الوحيد الذي وقف الى جانبي هو لبنان". وقال غصن "إنه اليوم الأول الذي أستطيع فيه أن أعبر عن رأيي بحرية، فعندما كنت مسجونا، كان من السهل قول أي شيء عن لساني.. أما اليوم فسأكشف الحقيقة كاملة". ويتهم القضاء الياباني غصن بأربع تهم تشمل عدم التصريح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة نيسان التي أنقذها من الإفلاس، للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية، واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي. وكان الرئيس السابق لمجموعة رينو - نيسان ممنوعا رسميا من مغادرة الأراضي اليابانية، حيث أفرج عنه بكفالة مالية منذ أبريل 2019، في انتظار محاكمته. غير أنه تمكن من الهروب من اليابنا بطريقة غامضة عبر طائرة خاصة إلى تركيا ثم توجه مباشرة بعد ذلك إلى لبنان، التي وفرت له الحماية، خصوصا وأن لبنان لا تتوفر على اتفاق للتعاون القضائي مع اليابان. "هربت من اللاعدالة" كارس غصن رفض الحديث عن الطريقة التي لجأ إليها للهروب من اليابان، قائلا "لن أتكلم عن كيف خرجت من هناك"، لكنه تكلم مطولا عن أسباب هروبه، قائلا "إنني لم أهرب من العدالة في اليابان، بل هربت من اللاعدالة التي كنت أواجهها، وهذا كان القرار الأكثر صعوبة في حياتي". واعتبر غصن أنه لم يكن امامه من خيار إلا الهروب من اليابان، لأنه "كان يعد مذنبا" قبل ثبوت الذنب عليه في قضايا التهرب الضريبي والفساد التي اتهم بها. ""لا يمكنكم أن تتخيلوا ما عشته في اليابان.. تم تجريدي من حقوقي والنظام هناك لا يعترف بالقوانين الدولية والحقوق الإنسانية.. أنا هنا لأبرئ نفسي وأقول إن كل الادعاءات كانت خاطئة"،" يضيف كارلس غصن. وأكد غصن أنه تعرض لضغوط خلال التحقيقات في اليابان، وتم تهديده بمضايقة عائلته، مشيرا إلى أن السلطات اليابانية كانت تحاول "بشتى الطرق" استخراج الحقيقة حتى لو كانت مزيفة مني،" مشيرا إلى أنه كان يقضي أكثر من 8 ساعات يوميا في الاستجواب دون حضور أي محام ومن دون التوصل إلى أي إثبات. وتابع "انتزعوني بوحشية من أسرتي وأصدقائي وواجهت تهديدات بملاحقة عائلتي.. كما أن النائب العام كان يقول لي مرارا وتكرارا -سيسيء الوضع بالنسبة لك إذا لم تعترف". تفاصيل المؤامرة حسب غصن ويعتبر المؤتمر الصحفي لكارلس غصن أحد تطور في مسلسل مستمر من الأحداث التي هزت صناعة السيارات العالمية لأكثر من 14 شهرا، وأصبح تقوض التحالف بين شركتي نيسان ورينو. وكشف غصن خلال مؤتمره الصحافي أن ثلاثة يابانيين تورطوا في اعتقاله هم تويودا، هيروتو سايكاو، وأولوما، إلى جانب أسماء من الحكومة اليابانية، لكنه لم يتطرق إلى ذكر أسماء المتورطين في الحكومة لعدم تأثير ذلك على أي مسار أو مساع للتحقيق يجريها لبنان. وقال:" توقيفي خلال الأشهر الأخيرة جاء نتيجة خطة وضعها المديرون في شركة "نيسان"، وأشدد على أنني لست فوق القانون ولم أهرب من وجه العدالة بل من اللاعدالة ومن الاضطهاد السياسي". وتحدث عن أن سبب "المؤامرة هو أنّ أداء نيسان بات يتدهور في بداية العام 2017 وقررت أن أنسحب من عمليات الشركة بعد توقيعي مع شركة ميتسوبيتشي". وسمّى أشخاصاً في «نيسان» اتهمهم بالتورط في المؤامرة، لافتاً إلى أنه سيمتنع عن تسمية مسؤولين حكوميين متورّطين أيضاً لكي لا يضرّ بالعلاقات اللبنانيةاليابانية. وأعلن غصن أنّ "شركة "نيسان" خسرت 40 مليون دولار يومياً منذ توقيفي في العام 2018". كما أشار غصن إلى أنّ "التآمر بين شركة نيسان والمدعي العام واضح"، وتابع: "تم اعتقالي في المطار عندما وصلت الى الجوازات وأخذوني الى غرفة جانبية، حيث كان المدعي العام موجوداً وتم حرماني من استخدام هاتفي للإتصال بالشركة ومعرفة ماذا يجري، ثمّ نقلوني الى مركز اعتقال يبعد 5 ساعات". وأضاف غصن: "المدّعي العام قال لي إنه سيتم توقيفي لأنني لم أبلغ عن التعويض الذي تلقّيته، وبالتالي سبب توقيفي هو عدم الإبلاغ عن تعويض لم يقرّره مجلس الإدارة بعد ولم يُدفع لي". وأضاف: "فرضيّة الذنب كانت سائدة وفرضيّة البراءة غير موجودة. كان أمامي خياران: إمّا الموت في اليابان وإمّا الخروج من هذه البلاد". وقال: "أحب اليابان وشعبها وكنتُ أعمل بمفردي من دون حراسة وكان اليابانيون يقولون لي "نأسف لِما تتعرّض له" كنت الأجنبي الأوّل الذي عاد إلى اليابان بعد التسونامي ورفضتُ مغادرة هذا البلد لأنني أحبه ولكن لماذا يُبادلني بهذا العمل الشرير؟". القضاء اللبناني يستدعي غصن وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، استدعى غصن إلى جلسة تحقيق سيعقدها غدا الخميس في مكتبه في قصر العدل في بيروت، للاستماع إلى إفادته حول مضمون النشرة الحمراء الصادرة عن القضاء الياباني. كما سيجري الاستماع إلى إفادة غصن حول الإخبار المقدم في حقه من عدد من المحامين اللبنانيين عن دخوله "بلاد العدو والاجتماع مع عدد من القيادات الإسرائيلية". ودخل غصن السجن لمدة 130 يوما، وأُفرج عنه لاحقا بكفالة، وبانتظار بدء محاكمته في أبريل 2020، حيث كان يخضع لمراقبة. وفي 2 يناير الجاري، أعلن وزير العدل اللبناني ألبرت سرحان، أن القضاء تسلم طلبا من الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول" لأجل توقيف غصن بعد فراره من اليابان. وفي تركيا، استجوبت السلطات التركية، مضيفي طيران، للاشتباه بتورطهما في عملية تهريب غصن، من اليابان إلى لبنان عبر تركيا. وذكرت مصادر أمنية لوكالة "الأناضول"، أمس الثلاثاء، أن التحقيق في العملية التي جرت عبر مطار "أتاتورك" في إسطنبول، ما زال مستمرا تحت إشراف محكمة الصلح والجزاء بمنطقة "باقر كوي" بالمدينة. وفي طوكيو، دهم الادعاء، اليوم الأربعاء، مكتب المحامي الياباني الذي كان غصن يزوره بانتظام قبل خرقه قواعد الإفراج عنه بالكفالة، الأسبوع الماضي، وفراره إلى لبنان. وأظهرت لقطات لوسائل إعلام إخبارية يابانية نقلتها وكالة "أسوشييتدبرس" ممثلي الادعاء يسيرون إلى مكتب جونيتشيرو هيروناكا في طوكيو. وكان غصن يخضع لشروط الكفالة الصارمة أثناء التحضير لمحاكمته بشأن مزاعم سوء السلوك المالي. لكن سمح له باستخدام جهاز كمبيوتر في مكتب محاميه في ظل هذه الظروف. وذكرت تقارير إعلامية يابانية أن ممثلي الادعاء صادروا على الأرجح جهاز الكمبيوتر لمعرفة كيف هرب غصن ومن ساعده. وقالت زوجة كارلوس غصن في وقت سابق اليوم، إن مذكرة الاعتقال الصادرة بحقها في اليابان، هدفها الانتقام بعد فرار زوجها من النظام القضائي الياباني، ووصفت الخطوة بأنها "تافهة". وأضافت كارول غصن، في مقابلة أجرتها معها صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية في بيروت أنّ "ممثلي الادعاء اليابانيين يسعون للانتقام". وأردفت قائلة إن ممثلي الادعاء اليابانيين كانوا "يأملون في ممارسة الضغط على زوجي" قبل يوم من مؤتمره الصحافي المقرر في لبنان، اليوم الأربعاء.