اعتبر سفير جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة ماجد عبد العزيز أن التغيرات الداخلية بدول شمال إفريقيا قد أفرزت فرصة من أجل إنبعاث إتحاد المغرب العربي، الذي يعيش حالة جمود طويلة الأمد. وقال ماجد عبد العزيز في حوار خص به موقع القناة الثانية على هامش مشاركته في منتدى حوارات أطلسية بمراكش إنه في رأيه الشخصي، قد حان الوقت للإتحاد المغربي أن يبدأ مرحلة جديدة وأن يضم كل دول شمال إفريقيا، بما فيها مصر، وذلك بهدف بناء تكتل إقليمي يمكنه أن يشكل قوة ضاغطة في المجتمع الدولي. من جهة أخرى، اعتبر الدبلوماسي المصري أن استقبال ملك السعودية الحار للوفد القطري خلال بداية شهر دجنبر خلال قمة مجلس التعاون الخليجي، قد تكون "مقدمة لشيء كبير"، في إشارة إلى احتمال إنهاء الأزمة بين دول الخليج. التفاصيل في الحوار التالي في الوقت الذي أصبحت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية تنسحب من مواقع المسؤولية الدولية، برزت قوى أخرى منها الصينوروسياوتركيا ، لتفرض وجودها وبسط نفوذها خصوصا في القارة الإفريقية. فهل الدول الإفريقية ومنها الدول العربية بصدد استبدال حليف بآخر؟ صحيح، لقد عرفت السنوات الأخيرة انسحاب الولاياتالمتحدةالأمريكية من عدد من مواقع المسؤولية الدولية، من قبيل مفاوضات المناخ واليونيسكو والمجلس الدولي حقوق الإنسان والإتفاق النووي مع إيران. هذه المؤشرات تنضاف إليها أيضا مواقف أمريكية أخرى تجاه بعض الدول العربية، من قبيل اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل واعترافها بشرعية المستوطنات الفلسطينية المحتلة، واعترافها بسيادة إسرائيل على منطقة الجولان السورية المحتل. فكل هذه الإرهاصات والتحولات تجعل المجتمع الدولي يتساءل أي نظام للحوكمة الدولية بعد الولاياتالمتحدة. طبعا، نحن لا نسعى إلى استبدال الولاياتالمتحدة باعتبارها أكبر قوة عسكرية في العالم، ولكن ظهرت أيضا قوة اقتصادية كبرى مثل الصين. فالصين من شأنها أن تصبح أكبر اقتصاد في العالم فوق الإقتصاد الأمريكي مطلع عام 2020. وبالتالي، يتساءل البعض عن ما إذا كانت الصين قد تحل محل الولاياتالمتحدة. إن الصين تسعى إلى إعادة ترسيخ نفسها من خلال استخدام قوة اقتصادها كقوة ناعمة لكي تتغلغل في الأراضي الإفريقية. فهي تسعى لتحقيق مصالحها الذاتية وبسط نفوذها. الصين لا ستتعمل القوة العسكرية. لكن هناك أيضا روسيا التي تسعى إلى العودة إلى المسرح الدولي كقوة كبرى، من خلال تدخلاتها في أوكرانياوسوريا. هناك أيضا تركيا، التي تطور علاقات اقتصادية وثيقة مع عدد من البلدان الإفريقية، وأصبحت خطوطها الجوية تصل إلى 45 دول إفريقية، وذلك بهدف تأكيد نفوذها في مناطق معينة قريبة من العالم العربي. ولعل استغلال تركيا للإنسحاب الأمريكي من منطقة شمال شرق سوريا ودفعها إلى إقامة منطقة عازلة في هذا المكان، يؤشر على مؤشر خطر، خصوصا إذا أضفنا إليه الإتفاق الذي أبرمته تركيا مع حكومة الوفاق الليبية من أجل دعمها عسكريا. هناك أيضا إسرائيل، التي تسعى إلى استغلال التوجه الأمريكي نحو الشعبوية والقومية، بقصد تحقيق أكبر قدر من الإستفادة لصالحها. فيما نجد أن إيران تستغل الفجوة بين الإتحاد الأوروبي، الذي يحاول الحفاظ على الإتفاق النووي مع إيران، وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي تسعى إلى فرض مزيد من العقوبات على إيران. في ظل تنامي مصالح القوى العالمية في إفريقيا، أي وسيلة لحماية مصالح الدول العربية في القارة؟ هناك حالة من الضبابية على المستوى الدولي، التي تحتاج إلى تكتلات إقليمية، في إطار متعدد الأطراف، يقود إلى تحقيق المصلحة الدولية من خلال تعزيز العمل الإقليمي. وهنا لا بد من النظر في تعزيز اتحاد المغرب العربي، لأنه المنطقة الفرعية الوحيدة في الإتحاد الإفريقي، التي ليس لها صوت مسموع. وأنا عانيت من هذه المسألة حين كنت وكيلا للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإفريقية. وأعتقد بأنه لا يجب فقط إحياء الإتحاد، بل يجب أيضا أن يشمل كل دول منطقة شمال إفريقيا، ومن بينها مصر. وهذه وجهة نظري الشخصية، ولا تعكس موقف جامعة الدول العربية أو دول مصر. لأن من شأن ذلك أن يعطينا القدرة على تنسيق المواقف وفرض صوتنا داخل الإتحاد الإفريقي، ومن ثم فرض وجودنا كقوة إقليمية على الصعيد الدولي. أعتقد أنه بعد التحولات الأخيرة في المنطقة، هناك فرصة من أجل إحراز التقدم في إحياء المغرب العربي، وبداية مرحلة جديدة. ولكن من أجل تحقيق ذلك، يجب بذل مزيد من الجهود من طرف كل الدول الأطراف. ففي الأخير، مهما كانت التحولات الداخلية في دول المنطقة، فالأمر يبقى موقفا للدول من إحياء الإتحاد، وليس موقفا لأفراد أو منظمات. وبالتالي، فالأمر يعتمد على بناء الثقة بين الدول والعمل بحسن نية من أجل إحياء هذا التكتل. حظي الوفد القطري باستقبال حار من طرف العاهل السعودي خلال قمة مجلس التعاون الخليجي. هل يمكن وصفه بالتقارب، الذي من شأنه أن ينهي الأزمة؟ ليس تقاربا، ولكنه كان استقبالا دافئا، والأول من نوعه منذ بداية الأزمة. في رأيي، أعتقد بأنه مقدمة لشيء كبير. فالدول الأطراف تتلتزم من بالحذر في التعامل مع هذا الموضوع، إذ لم تكن هناك أي تصريحات عقب الإستقبال، ولم يأت البيان الختام على ذكر أي تطور في العلاقات بين السعودية وقطر. وبالتالي، فلا يمكنني أن أدلي برأيي في الموضوع.