في الوقت الذي رحب المغرب بالقرار الأخير لمجلس الأمن حول نزاع الصحراء المغربية، أثار هذا القرار غضب جبهة البوليساريو، إذ هدد زعيم جبهة البوليساريو، إبراعيم غالي، على هامش الندوة التحضيرية للمؤتمر 15 للجبهة، بالإنسحاب من مسار تسوية نزاع الصحرراء المفتعل، الذي ترعاه الأممالمتحدة. وادعى إبراهيم غالي أن جبهة البوليساريو لن تستمر في التعاطي مع مسعى الأممالمتحدة ما لم يطبق مجلس الأمن مسؤوليته، ما لم يتحمل مجلس الأمن البنود المحددة في خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991. وجاء قرار مجلس الأمن عكس ما كانت تطمح إليه البوليساريو وحاضنتها الجزائر، إذ لم يُدخل أي تعديلات حول مهام واختصاصات بعثة المينورسو، إذ يحاول خصوم المغرب، منذ بضع سنوات، توسيع صلاحياتها لتشمل مراقبة أوضاع حقوق الإنسان. بل بالعكس من ذلك، أشاد قرار مجلس الأمن بالمبادرات التي يقوم بها المغرب من أجل حماية حقوق الإنسان بالصحراء المغربية والدور المهم الذي تلعبه اللجان الجهوية التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في كل من العيون والداخلة. الخبير في ملف الصحراء والمحامي نوفل البعمري قال في تصريح لموقع القناة الثانية إن تصريحات زعيم جبهة البوليساريو مجرد مناورة من أجل امتصاص الغضب داخل المخيمات. وقال البعمري إنه "بالعودة لمضمون تصريح إبراعيم غالي، نجد أنه موجه للداخل أكثر منه للخارج، وذلك لمعرفتهم اليقينية أن المنتظم الدولي أصبح أكثر وعيا بطبيعة النزاع و بأهمية التوصل لحل وفق المعايير الأممية المفضية لتبني الحكم الذاتي كأرضية للحل السياسي." وأضاف البعمري أن الجبهة "حاولت استباق أي رد فعل غاضب عليها خلال المؤتمر، مخافة أن تتوسع رقعة الاحتجاجات المتنامية داخل المخيمات ومقاطعة الإنتخابات، وفي أوساط الشباب، عبر إعلانها وتهديدها بالإنسحاب من المسلسل السياسي، و هو الإعلان الذي يظل فقط محاولة لامتصاص قوة الصدمة التي خلفها القرار." وأشار البعمري إلى أن الجبهة اليوم هي أكثر" تحللا من الناحية التنظيمية وأصبحت تفتقد المصداقية و المشروعية، وهو الوضع الذي لن يجعلها قادرة على اتخاذ أي خطوة مماثلة، كما أن الجزائر في وضعها الحالي التي تعتبر هي صاحب القرار الحقيقي على الجبهة لن تسمح باتخاذ هكذا خطوة خاصة في وضعها الداخلي الحالي المرتبك." وخلص البعمري إلى أن "البيان هو تعبير عن انتكاسة سياسية ستكون لها امتدادات تنظيمية خاصة اذا ما علمنا أن الجبهة كانت مقبلة على المؤتمر الخاص بها الذي تحول إلى مناسبة لتجميع مليشياتها بفعل إقصاء مختلف العناصر ذات الصوت المعارض لها، و بسبب توسع دائرة الانسحابات من تنظيم الجبهة خاصة داخل أوساط الشباب و السياسيين." من جانبه ربط الموساوي العجلاوي، الأستاذ بمركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات هذا التصريح بحالة التشتت العميقة في حاضنتها الجزائر. ويُوضح العجلاوي أن "الرجل الذي سهر على صناعة إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، وهو الجنرال البشير طرطاق، يوجد اليوم في السجن، وبات جزءا من العصابة، ما يعكس حالة اليُتم التي تعيشها الجبهة". "المؤتمر الخامس عشر للجبهة أتى في ظل هذه التحولات الكبيرة في الجزائر والانتكاسة الدبلوماسية للبوليساريو على مستوى قرارات مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة؛ ناهيك عن وجود اتجاه دولي اليوم نحو الحل السياسي الواقعي والمتوافق حوله، بمعنى أن خيار الاستقلال وتقرير المصير لم يعد مطروحا"، يورد الخبير في الشؤون الإفريقية والدولية. وأمام هذا الوضع، يُضيف العجلاوي، تعمد الجبهة إلى التهديد بالعودة إلى حمل السلاح ضد المغرب وإشعال المناطق العازلة، بإطلاق هذا النوع من التهديدات، وبإعلانها تنظيم المؤتمر في منطقة تيفاريتي، المشمولة بوقف إطلاق النار.