يواجه المغرب خلال العقود المقبلة تهديدات خطيرة قد تنعكس بشكل مباشر على حياة للمغاربة، بسبب استمرار التغير المناخي، وفق ما كشف تقرير علمي جديد. الأمر يتعلق بالتقرير العلمي الأول لتقييم التغير المناخي والبيئي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، الذي أنجزته شبكة خبراء المتوسّط حول التغيّر المناخي والبيئي "Medecc"، واستعرضت نتائجه الأولية على هامش انعقاد المنتدى الإقليمي الرابع للاتحاد من أجل المتوسط، بمدينة برشلونة الإسبانية. ويضم الملتقى، وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد من أجل المتوسط، وترأسه الممثل الأعلى للشئون الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، فيدريكا موجريني. وفيات بسبب ارتفاع الحرارة وقال التقرير إن درجة الحرارة بمنطقة البحر المتوسط ارتفعت بحوالي 1,5 تقريبًا منذ ما قبل العصر الصناعي، أي 20% أسرع من المتوسط العالمي، مضيفا أنه في حالة عدم اتخاذ تدابير إضافية للحد من هذا الأمر، سترتفع درجة الحرارة في منطقة البحر المتوسط بمقدار 2.2 درجة مئوية بحلول عام 2040، وربما تتجاوز 3.8 درجة مئوية في بعض المناطق الفرعية بحلول عام 2100. ويترتب على ارتفاع درجات الحرارة، يقول التقرير، وجود موجات حارة أشد وطأةً وأطول أمدًا. "بالنسبة لمعظم المدن الكبيرة في منطقة الشرق المتوسط وشمال إفريقيا، ستكون أكثر شهور الصيف برودةً في المستقبل أكثر دفئًا من أكثر الشهور حرارةً اليوم، مما ينتج عنه فترات طويلة من الحرارة الشديدة والمدمرة،" وفق التقرير العلمي، الذي حذر من أن حالات الجفاف الشديد ستزداد في جميع أنحاء حوض البحر المتوسط، مما ينتج عنه آثار خطيرة على العديد من الأنظمة. وقال التقرير إن صحة الإنسان معرضة للخطر أيضًا إذ "من المتوقع أن تصبح الأمراض والوفيات المرتبطة بالحرارة أكثر شيوعًا، خاصةً في المدن بسبب تأثير الجزر الحرارية الحضرية وأيضاً بالنسبة للفئات السكانية الضعيفة مثل كبار السن والشباب والأكثر فقرًا." ويعزز التغير المناخي ظهور الأمراض المنقولة عن طريق المياه، يقول التقرير، الذي حذر أيضا من تأثير تدهور نوعية الهواء والتربة والمياه على صحة الإنسان من خلال انتشار أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى قلة فرص الحصول على غذاء صحي. وعلى مستوى سطح البحر، وجد التقرير أنه مستوى سطح البحر قدد يرتفع بمقدار متر الواحد بحلول عام 2100، "مما يؤثر على ثلث سكان المنطقة في المناطق الساحلية ويهدد سبل عيش ما لا يقل عن 37 مليون شخصٍ في شمال إفريقيا وحدها،" وضمنها المغرب. وبحلول عام 2050، يقول التقرير، "ستشكل مدن البحر المتوسط نصف المدن العالمية العشرين التي تعاني من أكبر قدر من الأضرار السنوية الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر. من المتوقع أن يتسبّب هذا الوضع في ضغوط على الموارد النادرة بالفعل في العديد من المناطق الحضرية في المنطقة،" وهو ما سيعرض الإنتاج الزراعي في المناطق الساحلية للخطر بسبب فقدان الأراضي الصالحة للزراعة وتملح المياه الجوفية بسبب تسرب مياه البحر إليها. الفقر المائي.. تحدي العقدين القادمين ويرتقب أن يصبح الفقر المائي من ضمن أهم التحديات التي يجب على دول شمال إفريقيا التعامل معها خلال العقدين القادمين، إذ قال التقرير إنه من المحتمل أن ينخفض توفر المياه العذبة بنسبة تصل إلى 15 بالمائة في العقود القادمة، ما يتسبّب في قيودًا شديدة على الزراعة والاستخدام البشري في منطقة تعاني بالفعل من ندرة المياه. "من المتوقع أن يعاني أكثر من 250 مليون شخصٍ من الفقر المائي في غضون 20 عامًا. ومن المحتمل أن يتسبب هذا الأمر في العديد من الآثار الضارة على سبل عيش البشر، بما في ذلك احتمال زيادة الصراع الممكنة بين الشعوب وزيادة الهجرة الجماعية،" يضيف التقرير. الأمن البشري في خطر وحذر التقري من أن تصبح نظم الدعم الاجتماعي للمسنين والمحرومين أكثر ضعفًا وتزداد الاختلالات المجتمعية، بسبب ازدياد قوة الموجات الحارة وزيادة وتيرتها. وأوضح التقرير أنه من خلال تأثير نوبات الجفاف على الزراعة والأمن الغذائي، لعبت نوبات الجفاف المكثفة دورًا مهمًا في الأزمة الإقليمية الحالية. وأشار التقرير إلى أن بلدان جنوب وشرق البحر المتوسط بشكل عام بأنها أكثر ضعفًا بسبب محدودية القدرات الاجتماعية والاقتصادية على التكيف مع التغيّر البيئي، محذرا من احتمال أن يؤدي الصراع على الموارد المحدودة (الأرض والمياه والغذاء وما إلى ذلك) إلى زيادة الهجرة البشرية واسعة النطاق. ويشار إلى أن نتائج التقرير النهائي لهذا التقرير العلمي الأول من نوعه في منطقة البحر الأبيض المتوسط سيتم عرضها في السنة المقبل، في اجتماع لوزراء البيئة بالدول الأعضاء بالإتحاد من أجل المتوسط. واشتغل على هذا التقرير أكثر من 80 عالمًا من جميع أنحاء المنطقة الأورو-متوسطية، منذ سنة 2015. وتأسست شبكة خبراء البحر المتوسط حول تغير المناخ والبيئة بدعم من الاتحاد من أجل المتوسط وخطة العمل من أجل البحر المتوسط لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة، من خلال مركز النشاط الإقليمي "لخطة بلو".