فيديوهات توثق لجرائم اغتصاب، قتل واعتداء انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، الأمر الذي خلق حالة من الخوف لدى المواطنين الذين دعوا إلى ضرورة التدخل من أجل وضع حد لهذه الجرائم، منهم من طالب بإعدام المتورطين وآخرون أكدوا أن المشكل أعمق بكثير لأنه مرتبط بأزمة قيم. جريمة "فتاة الملاح"، قتل واغتصاب "طفل مكناس"، وغيرها من الجرائم تجعلنا نطرح السؤال حول سبب ارتفاع نسبة العنف داخل المجتمع المغربي؟ هل مشاهد العنف تطورت فقط خلال الآونة الأخيرة أم أنها متجذرة في المجتمع، ومنصات التواصل الاجتماعي قامت بالكشف عن حقيقة هذا الأخير؟ في هذا الإطار أكد أستاذ علم النفس الاجتماعي محسن بنزاكور أن "مواقع التواصل الاجتماعي أتاحت للشخص إمكانية توثيق الجريمة بالصوت والصورة الأمر الذي لم يكن متاحا في السابق، بحيث أصبح الجميع يتوفر على سلطة نشر الخبر بدون رقابة بما فيه الإنسان الفاسد أخلاقيا". وأوضح بنزاكور في تصريح لموقع القناة الثانية "أنه لا يمكن القول بأن عدد المجرمين قد ارتفع في المجتمع المغربي، لكن هناك ما هو أخطر، استسهال فعل الجريمة، إذ أصبحت هذه الأخيرة فعلا عاديا، لدرجة جعلت المجرمين يقومون بالافتخار بالجريمة، ويوثقونها كما نوثق باقي أنشطتنا اليومية ونتشاركها مع أصدقائنا في مواقع التواصل الاجتماعي ". وأكد بنزاكور أن "عوامل الإجرام متعددة تتوزع بين التعاطي للمخدرات، غياب الرقابة الأسرية، عدم خوف المعتدين من السجن، إذ أصبح المجرم يتباهى بأفعاله ويتحدى المؤسسة الأمنية، من خلال توثيق جريمته ونشرها للعموم"، إلى جانب مشكل القيم "ذلك أن المجرم غير منتمي للمجتمع سواء على المستوى القيمي، الديني، والأخلاقي" يضيف بنزاكور. ودعا بنزاكور إلى ضرورة تعزيز "دور الأمن ليس فقط على المستوى الواقعي باعتقال المجرمين ومعاقبتهم، ولكن حتى على المستوى الافتراضي، من خلال مراقبة ما ينشر ومحاربة البشاعة التي يتم مشاركتها من طرف مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب تشديد الرقابة على وسائل الإعلام التي تنشر مثل هذه الفيديوهات التي توثق للعنف، لأن ذلك سيساهم في التطبيع مع الجريمة". وشدد بنزاكور على أن المسؤولية مشتركة ذلك أن"الأجيال الصاعدة لم تعش وسط القيم التي ترعرعنا عليها، ذلك أنه كان لها اتصال مباشر مع العالم الافتراضي بكل يحمله من مظاهر عنف"، محذرا من أن "تكرار صور الجرائم أمام الإنسان يجعله يتطبع معها وتصبح أمرا عاديا بالنسبة إليه والمجرمين يستغلون هذه التكنولوجيا".