خَلُصَ تقرير حول "تمكين المرأة بالمغرب"، إلى أن بالرغم مما يتوفر عليه المغرب من إطار تنظيمي يعزز استقلالية المرأة، إلا أنه "مر بانتكاسة معقدة خلال العقد الأخير"، مرجعا ذلك لأسباب تتعلق بتقدم سن زواج النساء وتراجع معدل نشاطهن وارتفاع معدل البطالة، ما يخالف الإطار القانوني والجهود الرامية للنهوض بالمرأة بالمملكة. وكشف التقرير الذي أنجزه الباحثان الفرنسيان الباحثان أليسيا فرانسوا ودافيد غوري، أن النساء استفدن في المقابل، من تزايد إمكانية وصولهن للوظيفة المأجورة وإنشاء المقاولات، بفضل مستوىً تعليمي أعلى نتج عنه تغيير في الأفق الاقتصادي، غير أن هذه الفرص، يضيف التقرير، تبقى متركزة وتسجل تباينات بين الحواضر وباقي مناطق البلاد. وانطلق التقرير الذي قدمه المركز البحثي "طفرة" في تحليله لديناميات تمكين المرأة، من سلسلة من المؤشرات المرتبطة بمستويات التعليم وسن الزواج والخصوبة ومعدلات النشاط والحصول على مداخيل نقدية مباشرة، مسلطا الضوء على ما أسماه الباحثان "التعقيد الذي تتسم به الفوارق الإقليمية حسب أوساط العيش". "أكبر الفوارق تظهر على مستوى التعليم" كشفت الإحصائيات التي قدمها التقرير الحديث أن نسبة النساء الأميات لا تتجاوز، في الدوائر 26.5%، بينما تصل نسبة النساء الحاصلات على شهادات عليا إلى 12.04%. وبالمقابل فإن نسبة الأمية في البلديات (جماعات حضرية تتوفر على كثافة سكانية مرتفعة وتتركز فيها مجموعة من الخدمات، وعددها 215 جماعة يقيم بها 11.5 مليون شخص) تزيد عن ذلك ب10 نقاط (36.8%)، في حين أن حصة النساء الحاصلات على شهادات عليا بالكاد تتجاوز النصف (5.8%). وبالنسبة، لنسبة الأمية لدى النساء في الجماعات القروية فهي "مرتفعة جداً، حيث تبلغ 60.5%، في حين أن نسبة النساء الحاصلات على شهادات عليا تضل ضعيفة للغاية بمعدل 1.02%."، حسب الأرقام التي أوردها التقرير. ويُتَرجم هذا التفاوت الكبير في المستويات التعليمية إلى اختلاف بسيط نسبياً في سن زواج النساء بين الدوائر (27.8 سنة) والبلديات (25.8 سنة) والجماعات القروية (25.3 سنة)؛ علما أن ارتفاع سن الزواج في الفترة ما بين 2004 و2014 قد شمل المدن والقرى على حد سواء. وعلى النحو ذاته، يلتقي السلوك الديمغرافي مع معدل الخصوبة الكلي المتمثل في 1.8 طفل لكل امرأة في الدوائر، و2.1 في البلديات، و2.5 في الجماعات القروية. وكشف التقرير أن نسبة خصوبة النساء القرويات تستمر في الانخفاض، في حين شهدت لدى النساء الحضريات ارتفاعاً طفيفاً منذ 2004.؛ في الوقت الحالي، لا يتجاوز عدد الجماعات التي تتوفر على معدل يفوق 3 أطفال 260 جماعة، في حين أن عدد الجماعات ذات معدل يتراوح بين 4 و5 أطفال لا يتجاوز 30 جماعة. وأرجع الباحثان هذه االمعطيات إلى أن"النساء الأقل تعليما يقلدن نظيراتهن الأكثر تعليما، وذلك بالخصوص من أجل ضمان تعليم أعلى جودة لأطفالهن. وبالتالي، فإن نسبة تمدرس الفتيات بين 7 و12 سنة تصل إلى 98.1% في الدوائر، و97.5% في البلديات، و90% في الجماعات القروية". "الزواج المبكر لا يُترجم إلى ارتفاع في معدلات الخصوبة" وقف التقرير أن سن الزواج المبكر لم يؤثر كثيراً على معدلات الخصوبة، مسجلا أن هناك تقارباً قوياً في السلوك الديموغرافي بين أوساط العيش المختلفة، بغض النظر عن المستوى التعليمي للنساء. في دوائر الدارالبيضاء والرباط وسلا، يورد التقرير أن التفاوت في مستويات التعليم، يترتب عنها، تأخر سن الزواج بحيث يتجاوز 28 سنة، وانخفاض معدل الخصوبة الكلي ليصل إلى 1.7 طفل لكل امرأة، في الوقت الذي تسجل في البلديات والجماعات القروية في الجهتين على التوالي 2.1 و2.5 طفل لكل امرأة، بينما يظل سن الزواج أكثر انخفاضاً حيث يصل إلى 25.5 سنة في الجماعات الحضرية و23.6 في الجماعات القروية. "انخفاض معدل تشغيل النساء " شهد كل من معدل التمدرس ونسبة الخريجات الجامعيات تطوراً ملحوظاً، الأمر الذي يشير حسب الورقة البحثية، إلى وصول متزايد للتعليم النظامي والتزام الأسر بالسماح للفتيات بالحصول على الكفاءات التي تمكنها من تحقيق الاستقلالية الاقتصادية؛ إلا أن هذه العملية تؤدي أيضاً إلى حجب عمل النساء اللاتي يتم حصرهن سريعاً داخل إطار العمل المنزلي في الإحصاءات التي تحدد نوعاً نموذجياً من العمل وفقاً للمعايير الدولية، وهو المشاركة المباشرة في الأنشطة التجارية. على صعيد آخر، سجل التقرير "انخفاضا حادا" في بعض الجماعات القروية، في صفوف النساء العاملات بين سنتي 2004 و2014، وهو ما يثير تساؤلات حول الخيارات التي اعتُمدت خلال إحصاء 2014 لتصنيف النساء على أنهن مستقلات أو عاملات دون أجر لفائدة أسرهن أو نساء عاملات. نتيجة لذلك، يقول التقرير، انخفض معدل النشاط على المستوى الوطني وانخفض عدد النساء العاملات من 2.65 مليون إلى 2.51 مليون، مما أدى إلى حصر مقياس النشاط في العمل المأجور الذين يشمل حالياً 71% من الوظائف التي تشغلها الإناث وخاصة في القطاع الخاص الذي يمثل 57.3% من الوظائف. هذا وتعمل حالياً 1.4 مليون امرأة في القطاع الخاص مقابل 823 ألف امرأة في سنة 2004، كما ارتفع عدد العاملات في القطاع العمومي من 257 ألف إلى 350 ألف امرأة. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن عدد المشغلات النساء قد ازداد بثلاثة أضعاف، حيث بلغ 50 ألف امرأة. وبذلك تحسنت فرص الحصول على وظائف جيدة بالنسبة للمرأة المغربية. من جهة أخرى، ظل عدد النساء المستقلات مستقراً في 350 ألف امرأة، في حين انخفض عدد النساء العاملات كأعوان عائلية إلى النصف. وهذا يثير التساؤل، حسب المقالة، عما إذا كان هذا الأمر يعكس تراجعاً حقيقياً في عدد النساء العاملات في الأنشطة الاقتصادية الأسرية أم أنه يشير إلى تحيز إحصائي يتجاهل مشاركة النساء في الأعمال التجارية الأسرية الصغيرة بسبب عدم التصريح بهن كعاملات.