كتبت مجلة فوربس الأمريكية في مقال تحليلي جديد نشرته على موقعها الإلكتروني إنه عندما يتحدث الخبراء عن سوق الطاقة في شمال إفريقيا، فأول الأسواق التي يفكرون فيها هي البلدان الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ويتعلق الأمر بكل من الجزائر وأنغولا، ونيجيريا وليبيا، فيما يتم ذكر مصر ضمن أسواق التنقيب الثانوية. لكن خلال العقد الأخير، برزت قوة اقتصادية جديدة بشمال إفريقيا، تضيف مجلة فوربس قائلة إن هذه القوة الاقتصادية الجديدة تملك احتياطات من الغاز الطبيعي تقدر ب1.44 مليار متر مكعب، وهو ما جعل هذه الدولة تحاول الانضمام إلى مجموعة الدول السالف ذكرها. والحديث هنا عن المغرب. وقالت المجلة الأمريكية إن المغرب تمكن من الوصول إلى عشرة بالمائة من مجموع احتياطي الغاز الطبيعي الذي يتوفر عليه، فيما أثبتت عمليات التنقيب وجود كميات مهمة من النقط الصخري القابل للإستخراج، مضيفة أن هذه المعطيات دفعت الحكومة المغربية كي تبدل كل جهوذها من أجل استقطاب الإستثمارات الأجنبية المباشرة وتوجيهها إلى قطاع النفط والغاز المغربي الناشئ. وذكرت فوربس أن المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن قد عمل مؤخرا على تقديم شروط استثمار جذابة للغاية لفائدة شركات التنقيب وإنتاج النفط والغاز. وعلى سبيل المثال، تقول المجلة، فإنه خلال مرحلة التنقيب، تتتحمل الشركات المتعهدة تكاليف عمليات الاستكشاف بنسبة مائة بالمائة، دون أن يساهم المكتب الوطني للهيدروكاربونات في أي نوع من التعويضات، علما أن وثيقة الترخيص بالتنقيب تنص على أن المكتب يعتبر شريكا بنسبة 25 بالمائة، وفق القانون. وحين الوصول إلى مرحلة الاستغلال الحقول، تضيف المجلة، فإن كل الأطراف تتشارك التكاليف تناسبا مع نسبة ملكيتها في امتيازات الإنتاج، فضلا عن الإعفاءات من ضريبة الشركات خلال السنوات العشر الأولى من الإنتاج. وقالت مجلة فوربس هذه الشروط تجعل من صفقات التنقيب تبدو وكأنها مبنية على الآمال أكثر من التوقعات، تماما كما هو الحال في أماكن لم يثبت احتواؤها على الموارد القابلة للاستخراج، مثل أيرلندا وبنغلاديش. ونقلت فوربس عن عزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة في المغرب قوله خلال حديثه بالقمة المغربية الثانية للنفط والغاز في مراكش، التي انتهت مؤخراً، ''إنه إضافة إلى احتياطات الغاز الطبيعي المغربية التي لا يزال جانب كبير منها غير مكتشف، ثمة إمكانية وجود ثروات نفطية. «يُصنف المغرب بالمركز الخامس عالميا في احتياطات النفط الصخري، في ظل الرواسب الموجودة بطرفاية وطنجة، ويجري تقييم المنحدر القاري الخاص بنا تنقيبا عن الغاز الصخري"، يضيف الوزير الرباح، موضحا أن "المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن وشركاؤه وجدوا مستويات قليلة من الغاز في أحواض الغرب، والصويرة، ومنطقة تندرارة، ولا نزال متفائلين في المدى القريب." وذكرت المجلة بأن الوزير الرباح أخبر الحاضرين في القمة بأن قطاع النفط والغاز المغربي كان"مفتوحا من أجل الأعمال"، مع استثمارات متوقعة في قطاع الطاقة بحلول 2030 تُقدر ب40 مليار دولار، وهو ما يقدم فرصا استثمارية ضخمة. ومن بين الأطراف المنتفعة بهذه الفرص، هناك 13 من شركات التنقيب والإنتاج التي تغطي أنشطتها التنقيبية مساحة تصل إلى نحو 127 ألف كيلومتر مربع، وتتوفر على 70 ترخيصا للتنقيب. تتضمن هذه التراخيص 42 ترخيصا للتنقيب البحري، وترخيصا لدراسة جدوى أولية للتنقيب البري. وتعتبر شركة SDXEnergy البريطانية أحد أبرز هذه الشركات، إذ تتوفر على 12 بئرا للتنقيب في منطقة الغرب، وينتظر انتهاء أشغال التنقيب نهاية 2019، وفق مجلة فوربس، التي تقول إن الشركة تسعى إلى إنتاج النفط في المغرب بمعدل استخراج يومي يفوق 75 ألف برميل في اليوم، على المدى البعيد. ونقلت فوربس عن بول ولش، الرئيس التنفيذي لSDX Energy، إن الشركة قررت الاستثمار في المغرب ، لأن النغرب يقدم «أحد أفضل الأنظمة المالية في الصناعة». ويضيف ولش: "نستهدف استخراج أول دفعة من الغاز ب(جنوب) مدينة دسوق المصرية في منتصف 2019، وننظر إلى المغرب باعتباره منطقة نمو رئيسة، حيث نحقق معدل تنقيب ناجحا يصل إلى 87 بالمائة في منطقة لالة ميمونة". وأوضحت فوريس أن عمليات التنقيب التي تقوم بها شركة SDX Energy تغطي حوالي 857 كيلومتر مربع، ذد على ذلك أن الشركة حصلت مؤخرا على رخصة جديدة لمدة 8 أعوام. وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن SDX Energy دخلت في منافسة كبيرة مع شركات أخرى للتنقيب وانتاج المواد الطاقية مثل شركة Sound Energy وشركة Chariot Oil & Gas، إضافة إلى شركة Eni الإيطالية العملاقة. ولكن وبالرغم من النتائج المبهرة التي أعلنت عنها شركة SDX Energy وكل ما ذكر سابقا، فإن التقدم نحو الإستغلال الفعلي يبقى "بطيئا بشكل مؤلم"، وفق مجلة فوربس، التي أشارت إلى أن هناك من يشكك في أن تشكُّل النفط الصخري والغاز الصخري في المغرب كان معروفا للجيولوجيين منذ الثلاثينيات، وأنه من غير المرجح أن تدرك البلاد مرحلة الإستغلال الفعلي في المدى القريب. وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن آفاق التنقيب ليست المسألة الوحيدة التي تبعث على القلق، بل هناك أيضا حرص الحكومة المغربية على تنويع مصادر الطاقة، واستغلال الطقس المشمس في بعض مناطق المغرب لاستثمار المليارات في مشروعات الطاقة الشمسية، وهو ما لمح إليه أيضا الرباح في مراكش. غير أن الرباح يعتبر أيضا أن الغاز الطبيعي يعد الوقود الأمثل لفترة انتقالية في استهلاك الطاقة بالبلد، إذ سيكون قادرا على سد حاجات المغرب الذي يتوفر تقريبا على 40 مليون نسمة، والذي يتوفر على خامس أكبر اقتصاد في إفريقيا، وهو اقتصاد يعتمد على مصادر الطاقة منخفضة الكربون التي لا تنضب. وتقول المجلة أن المشروع الأساسي الذي يعتمده المغرب للوصول إلى هذا الهدف هو مشروع الغاز الطبيعي المسال في الجرف الأصفر، والذي تفوق قيمته 4.6 مليارات دولار. وأضافت المجلة أنه وبالرغم من ندرة التفاصيل بشأن المشروع في الوقت الراهن، فإن العطاءات وشيكة. وذكرت المجلة أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب قد أعلن في وقت سابق بأنه اختار بنك إتش إس بي سي الشرق الأوسط ليكون مستشاره المالي في خطته الرامية إلى زيادة الواردات من الغاز الطبيعي المسال. وأشارت المجلة إلى أنه من شأن المشروع أن يساعد في استيراد ما يصل إلى 7 مليارات متر مكعب من الغاز بحلول 2025، موضحة أن المشروع يشمل تشييد ميناء، وخطوط أنابيب، ومحطات توليد طاقة باستخدام الغاز الطبيعي. وأوضحت المجلة إلى التحولات التي تطرأ على سوق الغاز الطبيعي على النطاق العالمي، يمكن أن ينتج عنها وصول مجموعة كبيرة من أنواع الغاز الطبيعي بأسعار تنافسية، إن لم تكن رخيصة، إلى شواطئ المغرب. ووأشارت المجلة إلى أنه في حالة حدوث ذلك، فإنه من شأن شركات التنقيب، التي بذل المغرب مجهودا كبيرا لجذبها، أن تشعر بالقلق، غير أن متحدثا باسم المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن قال للمجلة إن المغرب يعي ذلك، ويطمح إلى تحقيق طموحات «متزنة» طويلة الأمد.