بالاقتراب من معرض الكتاب بالعاصمة الاقتصادية البيضاء، ازدحام مروري كبير، وضجيج يصم الآذان، أعداد كبيرة من الحافلات والسيارات والعربات، وحدها سيارات التاكسي غائبة، حيث يتفادى سائقوها الوصول إلى المنطقة. المشهد بالداخل ليس مختلفا، حركة ضاجة داخل أروقة أكبر حدث ثقافي بالمغرب، كما في محيطه، دينامية سريعة وازدحام خانق؛ والمتجول داخل ردهات المعرض كما العارضين، استوقفتهم خلال أيام المعرض السبعة الماضية، مجموعة من الملاحظات والمشاهد، التي صرح بها العديد منهم لموقع القناة الثانية. من أبرز الملاحظات المترددة على أفواه الحضور، الإنزال القوي من طرف المؤسسات التعليمية، من داخل البيضاء وخارجها، التي أحضرت تلاميذها إلى المعرض؛ ورغم تسجيل الزوار، أهمية هذا الأمر، في ترسيخ علاقةٍ بالكتاب لدى ناشئةِ شعبِ لا يقرأ، وربط علاقة وثيقة مع الورقي في جيل الرقمي، إلا أن الطريقة التي يتم بها تدبير هذه الزيارات، خلقت استياء واضحا عندهم، كما أن هذه الزيارات تقتصر عند مجرد التجول داخل أروقة المعرض دون حضور ورشات أخرى موجهة للأطفال ضمن فعاليات المعرض، ما يقلص من حجم الاستفادة وجعل الزيارة "صورية". يشكل المعرض محطة ثقافية يلتقي فيها عشاق الحرف وكاتبوه، وهذه السنة، حضرت أسماء وازنة في الثقافة والأدب، التي شاركت في الندوات التي نظمتها وزارة الثقافة والمؤسسات الأخرى المشاركة بالمعرض،غير أن حضور الزوار في لقاءات كثيرة كان باهتا، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، لم يتجاوز عدد الحضور في لقاء الكاتب اللبناني الكبير، إلياس خوري، العشرين شخصا، ونفس الأمر في ندوات أخرى لها من الأهمية بما كان، وحاضرت فيها شخصيات من عوالم الثقافة والسياسة والبحث العلمي، قد لا يتكرر موعد لقاءها مع المغاربة. من جهة ثانية، سجل العديد من الزوار، بعض الارتباك في تسيير هذه اللقاءات، حيث أن بعضها تجاوز الوقت المحدد لها، وهو ما أثر على السير العادي للأنشطة الأخرى المبرمجة، وأيضا اشتكى العديد من الحضور من غياب المشرفين على القاعات التي احتضنت هذه الأنشطة. أمام الإقبال الكبير من الشباب كما الشياب، أكد لموقع القناة الثانية، عدد من المشرفين على دور النشر العارضة، أنه "رغم الأعداد الغفيرة من الزوار، إلا أن اقتناء الكتب قليل، وضلت نسب المبيعات منخفضة، على غير المتوقع". في المقابل، أرجع العديد من الزائرين، أن ارتفاع أثمنة، هو ما يحول دون شرائهم للكتب، مشيرين أنه بالرغم من رغبتهم في اقتناء الكتب إلا أن غلاءها يمنعهم من ذلك. خالد، رب أسرة قدم من مدينة الجديدة، رفقة ابنيه، يقول:"كانت لدي النية في شراء بعض العناوين، لي ولأبنائي، غير أنه بعد أن وقفت على أثمنتها تفاجئت خصوصا الكتب الفكرية، التي يرتفع ثمنها بشكل غير معقول.." مضيفا اكتفيت بشراء بعض الكتب لأبنائي رغم ارتفاع ثمنها أيضا". من جهتها، تقول زهور، طالبة آداب إنجليزي بجامعة الحسن الثاني، "اشتريت كتابين فقط، من أصل خمسة كنت أرغب في قراءتها بسبب أثمنتها المرتفعة، مقارنة بالمكتبات.. لا أعلم أهمية المعرض إذا لم يكن يقدم أثمنة مناسبة للطلبة والشباب لتشجيعهم على القراءة"، تضيف باستياء: "سأكتفي الآن بالتجول والتحسر". أمام ضعف الإقبال الذي سجلته مجموعة من دور النشر، خصوصا منها التي تقدم كتبا في مجالات فكرية ومعرفية، لا يمكن لزائر معرض الكتاب بالدار البيضاء أن لايلفت انتباهه الإقبال الكبير على أروقة الكتب الدينية، مقارنة مع كتب المجالات الأخرى. وسجل العديد من المسؤولين على دور نشر الكتب الدينية، أنه طيلة الأيام الماضية من المعرض، كان هناك إكبابا من الزوار على اقتناء الكتب الدينية في الفقه والحديث والسيرة النبوية. وعن أبرز الفئات التي تقبل على هذه الكتب، قال أحد هؤلاء المسؤولين، "إن الأغلبية هم من أرباب الأسر، كما نسجل حضورا لافتا ممن الشباب، خصوصا الذين يدرسون في هذه التخصصات".