اشتد الصارع بين مكونات أحزاب الأغلبية، وخصوصا بين القطبين الجديدين في الساحة السياسية حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، وهو ما جعل البعض يتحدث عن حملة انتخابية سابقة لأوانها بثلاث سنوات. وفي الوقت الذي كان حزب الأصالة والمعاصرة يكون القطب الثاني بالمشهد السياسي وينافس حزب العدالة والتنمية، فإن انهزام "الجرار" في انتخابات 2016 التشريعية، وتغيير قيادته جعلته يتراجع في المشهد السياسي، ويفسح المجال أمام حزب التجمع الوطني للأحرار. وبالرغم من أن الأحرار والعدالة والتنمية يعتبران حليفين في الأغلبية الحكومية، فإن الحزبين يعيشان صراعا معلنا داخل الحكومة والبرلمان، إضافة إلى التراشقات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. أستاذ العلوم السياسية عبد الرحيم العلام اعتبر في تصريح لموقع القناة الثانية أن الصارع الذي احتدم مؤخرا "هو حملة انتخابية سابقة لأوانها، حيث بدأ العد العكسي للانتخابات القادمة، فبعد أن كان الأطراف يحالون في البداية إظهار الانسجام، الآن كل طرف يحاول التملص من مسؤوليته في وضع السياسات الحكومية وتحميل الطرف الآخر كامل المسؤولية" . وأوضح العلام أن الصراع بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار كان "واضحا منذ البدايات الأولى لتشكيل الحكومة. وأرجع العلام هذا الصراع إلى الخلافات الجوهرية بين الحزبين سواء على مستوى الإيديولوجية، العقيدة السياسية أو البرامج، "ذلك أنه منذ البداية كان واضحا أننا لسنا أمام تحالف حكومي، وإنما تجمع لأحزاب تشكل الحكومة، وغايتها التموقع داخل دواليب السلطة وعدم التواجد في صفوف المعارضة". غير أن أمين السعيد، باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، يختلف مع هذا الطرح، ويعتبر أن المغرب يشهد فعلا دينامية سياسية، لكن هذه الدينامية ليست حملة انتخابية سابقة لأوانها بثلاث سنوات، "بل هي عبارة عن صراع بين أحزاب الأغلبية على تصدر المشهد السياسي. الأحزاب لا تتنافس على المحطة الإنتخابية لأنها بعيدة كل البعد، لكنها تتنافس على زعامة الساحة السياسية." وأوضح السعيد أن هذه الصراعات تضعنا أمام إشكال دستوري، لأن "الفصل 93 من الدستور ينص على مسألة التضامن الحكومي، ويقول إن الوزراء مسؤولين على تنفيذ السياسات الحكومية كل في القطاع الذي يشرف عليه، وذلك في إطار التضامن الحكومي. والمقصود بالتضامن الحكومي هو اشتغال الحكومة في وحدة منسجمة وأن كل وزير يمكن له أن يتحمل مسؤولية سياسية عن زميل له في الحكومة". وأضاف نفس المتحدث أن "الحكومة بأكملها تتحمل نتائج العمل الحكومي بإيجابياته وسلبياته. لكن اليوم الذي نرى هو خرق لمبدأ التضامن الحكومي، إذ أن كل حزب يحاول أن يدافع عن إنجازات القطاعات التي يشرف عليها وفي نفس الوقت كل حزب يحاول أن يبخس عمل الأحزاب الأخرى في الأغلبية." أمين السعيد أرجع هذا الصراع بين مكونات الأغلبية إلى ضعف المعارضة. "فبالرغم من أن حزب الاستقلال يتواجد بالمعارضة إلى جانب حزب الأصالة والمعاصرة الذي راكم خبرة نسبية في المعارضة، لكن عدم قدرة الحزبين على مجابهة الحزب الذي تصدر الانتخابات في 2016، فسح المجال أمام الأحزاب الأخرى بالأغلبية الحكومية التي ترى أن غياب المعارضة سوف يزكي ويعطي الأولوية للحزب الحاكم." أمام هذا الأمر، يضيف السعيد، "أصبحت أحزاب من داخل الأغلبية تقوم بدور المعارضة."