لم تجد لجنة تحكيم الدورة 17 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، صعوبة كبيرة في توزيع الجوائز على الأفلام المتميزة، بالنظر إلى تواضع اغلب الأفلام المشاركة، لينحصر الصراع بين ثلاثة او أربعة افلام. وبدون أي مفاجأة توج الفيلم النمساوي "جوي"، الذي أخرجته الإيرانية الاصل سودابي مورتضاي بالنجمة الذهبية " الجائزة الكبرى" للمهرجان ، ويتناول قضية تهريب البشر وقضية استغلال المهاجرات الافريقيات في الدعارة بأوروبا. وكما كان منتظرا نال الفيلم المكسيكي "موظفة الغرف" حظه من الجوائز، حيث نال جائزة لجنة التحكيم بعد أن رشحه البعض للجائزة الكبرى، الفيلم من إخراج ليلا افيليس. يحكي الشريط قصة "إفيليا" الهادئة الشديدة الانطواء والخجل ، تسافر لساعات عديدة كل يوم لتصل إلى مقر عملها كمنظفة غرف في فندق فخم في المدينة، حيث تبدو الفجوة في مستويات الدخل صارخة من خلال الطلبات البادخة للوافدين على الفندق. وتأمل إليفيا في أن تحظى بحياة أفضل فتقرر حضور دروس في برنامج تعليم الكبار الخاص بالفندق، المبادرة التي تساعدها على الخروج من قوقعتها. ولعل المفاجأة الوحيدة في حفل الاختتام هي تتويج المخرج الصربي أوغنين غلافونيتش بجائزة "أفضل مخرج" عن شريطه "الشحنة". ويسلط الفيلم الصربي الضوء على حقبة الحروب اليوغسلافية، حيث يتولى سائق الشاحنة "فلادا" (الممثل الكرواتي ليون لوتشيف)، أثناء قصف حلف شمال الأطلسي لصربيا في سنة 1999، مهمة نقل شحنة غامضة من كوسوفو إلى بلغراد. ويخضع "فلادا" لأوامر صارمة بعدم التوقف عن قيادة الشاحنة مهما حصل، وبعدم فتح مقصورة الشحن لأي شخص، ليصبح العبء الأخلاقي لتواطئه في أعمال حرب مدمر أثقل عليه من معرفة ما يحمله داخل شاحنته، وسط معركة مجهولة في أرض قاحلة تتراءى له فيها مشاهد سيارات محترقة ومنازل مدمرة وجسور مقصوفة حديثا. وينتهي الفيلم ب"فلادا" يحكي لابنه الصغير عن بطولات أجداده في الحرب ضد النازيين، في تباين واضح مع جرائم الحرب الصربية تحت حكم "ميلوشيفيتش". بخصوص جوائز التمثيل فكما كان منتظرا فازت الممثلة الألمانية أني سشورو بجائزة "أفضل دور نسائي" عن دورها في فيلم "كل شيء على ما يرام" لمخرجته الألمانية إيفا تروبيتش. في حين توج التونسي نضال السعدي" بجائزة أفضل دور رجالي عن دوره في فيلم " في عينيا" لمخرجه نجيب بلقاضي. السعدي ألقى كلمة مؤثرة سرد فيها المجهودات الكبيرة التي بذلها من أجل النجاح في عالم التمثيل قبل أن يتوج بالجائزة في مراكش. وبالنظر للإقبال الذي حضيت به الأفلام المشاركة فيمكن القول أن الخاسر الأكبر هو الفيلم التونسي "في عينيا" والذي حضي بتعاطف كبير عند الجمهور بسبب تطرقه لموضوع " التوحد".