على بعد أربع كيلومترات قبالة ساحل العاصمة السنغاليةدكار، تنتصب جزيرة غوري كشاهد تاريخي يذكر السنغاليين والأفارقة والإنسانية برمتها بماضي تجارة العبيد الرهيب والمؤلم. وما زالت الجزيرة التي تعد من أوائل المواقع التي صنفتها منظمة اليونيسكو كتراث عالمي، تحمل ندوبا عن عهد مظلم في التاريخ الاستعماري عندما قد الرجل الأبيض من أوروبا ليقتلع السكان الأصليين الأفارقة من جذورهم ويبعثهم كعبيد في حقول الرأسمالية الاقتصادية. - غوري.. شيء من تاريخ تجارة العبيد وقد استمرت تجارة العبيد على مدى ثلاثة قرون على السواحل الإفريقي (غامبيا، سان لوي بالسنغال، بنين، غانا..). وكانت مراكز احتجاز العبيد الأفارقة الذين سيرحلون إلى أمريكي تتموقع في بالخصوص في سان لوي، نقطة الالتقاء، فيما يتم الترحيل انطلاقا من جزيرة غوري. وشكلت جزيرة غوري محطة لايستهان بها في تجارة العار هذه، حيث بلغ عدد العبيد الذين كان يتم ترحيلهم سنويا 500 عبد ما بين سنتي 1726 و1755، و15 ألف و 476 عبدا بين سنتي 1761 و1848. واليوم، تبدي جزيرة غوري التي تظل شاهدة على إهانة الرجل الأسود من طرف القوى الاستعمارية، وجها آخر هو وجه المصالحة مع الماضي والإقرار بالمعاناة التي خضع لها الأفارقة. - السياحة.. دفقة أوكسجين الجزيرة وأصبحت جزيرة غوري التي ترتبط بالعاصمة دكار رحلات يومية تمتد 15 دقيقة على متن باخرة، مكانا لا محيد عنه لزائر دكا. وساكنة هذا الموقع الطبيعي البالغة 1800 نسمة، إلى الاستفادة من السياحة التي تظل المورد الرئيسي بالجزيرة التي تعاني أيضا من تحدي التعرية الساحلية. وتعد الباخرة الوسيلة الوحيدة لبلوغ الجزيرة الممتدة على مساحة 2ر18 هكتارا، كما تعد وسيلة ساكنة الجزيرة للتوجه إلى دكار. ويعد "بيت العبيد" أحد المواقع التي لا محيد عن زيارتها لزائر جزيرة غوري التي لا توجد فيها أي سيارة أو عربة، عدا عربة يجرها حمار مخصصة لجمع النفايات. ويعد بيت العبيد الذي يعود لسنة 1776، موقعا رمزيا وتاريخيا في آن. وهو على غرار المنازل المتاخمة للبحر شكل موقعا لتجميع أكبر عدد من العبيد الذين كاوا يرحلون إلى أمريكا. ويرجح أن يكون هذا المنزل آخر المواقع التي خصصت لتجميع العبيد، فيما يعود أول هذه المواقع لسنة 1536، والذي بناه البرتغاليون، أول الأوروبيين الذين حطوا الرحال بجزيرة غوري سنة 1444. وتتكون هذه البناية التي تحمل الطابع المعماري لذاك العهد، من طابق سفلي يتسم بالرطوبة وسوء التهوية كان مخصصا لتكديس العبيد، وطابق أول ذي تهوية جيدة مخصص للسادة. وتعد كنيسة القديس تشارلز بورومي صرحا آخر مشهورا بجزيرة غوري، إلى جانب مسجد الجزيرة (1890)، الذي يعد من أقد المساجد المشيدة بالحجارة في السنغال. وتتيح جزيرة غوري لزوارها فرصة اكتشاف تاريخها الني عبر العديد من المتاحف، ومن ضمنها المتحف التاريخي الملحق بالمعهد الرئيسي لإفريقيا السوداء (إيفان)، ومتحف المرأة، ومتحف البحر الذي يضم تشكيلة من 750 صنفا من الأسماك والقشريات. على بعد بضعة كيلومترات قبالة دكار، تنبث جزيرة غوري، الحافلة بالمواقع الطبيعية الحمولة التاريخية، من المحيط لتنتصب شاهدا على مزايا المصالحة مع الماضي الأليم والقاسي.